الدوحة – بيروت: فائض الأمل واليأس

على رغم بعض العداء الذي يضمره البعض لدولة قطر، بعد مديح وثناء حملا عنوان "شكراً قطر"، تبدو القراءة الهادئة والمعمّقة لما يحصل من تطوّرات في العالم العربي تنطلق من الدوحة بمنتداها الذي تحول النسخة العربية لمنتدى دافوس الذي يرسم السياسات الاقتصادية العالمية، أو على الاقل لما يمكن ان يكون عليه المستقبل، خصوصا ان الاقتصاد صار على علاقة وثيقة بالسياسة، بل صار المحفز لها والمحرك.

اليوم يرافق "منتدى الدوحة" مؤتمر "إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط"، كأنه يراد إطلاق تفكير مستقبلي يتجاوز الواقع المأزوم في أكثر من دولة عربية، أو عدم الاستسلام للوقوع في فخ الأزمات المستشرية، بل التصدي لها ببناء رؤية للآتي من الأيام. ولا شك في أن ما عرضه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، يظهر مستوى التحديات ويؤكد اضمحلال تلك الفكرة الغريبة العجيبة التي قمعت الحريات، وخصوصا تلك المطالبة بالحرية والتنمية، قبل توفير حل عادل للقضية الفلسطينية. كأن التنمية والحرية معاديتان للقضية الفلسطينية. ربما وعى بعض الأنظمة فداحة ما ارتكبه ولكن بعد فوات الاوان. قال الشيخ حمد بن جاسم: "ان الفشل الواضح حتى الآن في القضاء على الصراعات المعروفة على الساحة على أساس التسوية السلمية بموجب القانون الدولي، وخصوصا القضية الفلسطينية، يبرز جسامة التحديات التي نواجهها. ولهذا السبب لا بد من الاقرار بحقيقة بديهية مفادها ان تحقيق الاصلاح والتنمية، والسلم والامن والاستقرار، يستلزم التعاون والتكافل لتحقيق المصلحة الانسانية المشتركة".
يمكن هذه النظرة الجديدة، وان تكن سبّاقة في دول الخليج العربي، ان تؤسس، اذا ما اعتمدت، لمواجهة المرحلة السياسية التي تمر بها المنطقة، وتلبية المطالب الشعبية الواسعة للاصلاح "التي كانت المحفز الاساسي للثورات العربية"، على ما قال أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في كلمته الافتتاحية من "ان صحوة الارادة الشعبية في منطقتنا لا تقف عند استرداد المواطن لحقوقه السياسية وانما تتخطى ذلك الى نيل حقوقه الاقتصادية والاجتماعية".

من هذه الأجواء المفعمة بأمل المستقبل والإثراء الاقتصادي، ينتقل الواحد منا لمتابعة آخر التطورات اللبنانية. ماذا يرى في المشهد اللبناني؟ دول تحظر على مواطنيها السفر الى بيروت، وقتل رجل دين في الشمال وخطف آخر في البقاع، ومعارك ومواجهات مسلحة في اكثر من منطقة، ومسؤولون يتبادلون التهم وأسوأ العبارات، وأخبار عن مصادرة سلاح وسلاح لا يصادر، والكثير من هذا النوع الذي لا يترك للبناني أملاً يبنيه لمستقبله.
في الدوحة فائض من الامل، وخطط للتنمية، ومشاريع وحدوية وتنسيقية، وفي بيروت فائض من الاحباط واليأس ولا نية حقيقية للقضاء عليه.

السابق
النهار: عكار بعد طرابلس والانفجار يتمدد بعد مقتل عبد الواحد
التالي
عكار والجيش في دويلات الطوائف ..