جنبلاط تخطّى النأي بالنفس وقرّر اللّاعودة!

إنشغلت الأوساط السياسية أخيراً بالاشتباكات الكلامية الدائرة بين المختارة والرابية، والتي حاولت من خلالها أن تقرأ ملامح المرحلة السياسية المقبلة، وتحديد مسار الوضع الانتخابي في لبنان وخطوطه، ومن خلاله الدخول في كواليس الاستحقاق الرئاسي.

وفي رأي هذه الأوساط، أنها ليست المرة الاولى التي تندلع فيها هذه الاشتباكات بين جنبلاط وعون، فهي تكررت منذ أشهر، وإن تقطعت من وقت لآخر، إلّا أنها تشير فعلاً الى استحالة قيام تحالف سياسي بينهما، وإن اجتمعا تحت سقف حكومة واحدة، فالكيمياء بينهما لم تكن يوماً متطابقة ابداً، وفي كل مراحل النزاع السياسي، وكانت التحالفات بينهما تمّت بحكم الضرورة والواقع والمصالح السياسية ليس إلّا!!

إنقسامات واصطفافات

ولعلّ ما لفت الأوساط هو حدة كلام الرجلين بنحو لم يسبق له مثيل، ما سيؤدي حتماً الى تكريس الاصطفافات والانقسامات داخل الحكم، بعدما لمّحت مصادر الى أن "حزب الله" بدأ بمساندة عون ودعمه في مواجهة جنبلاط الذي يلقى تأييداً غير مباشر لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، فيما يحرص رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على البقاء في موقع وسطي، وفق حسابات واعتبارات خاصة، على رغم ما تردد عن تلقّيه "تمنيات سورية" بدعم عون وتلبية مطالبه.

فرضيات الهجوم

والحرب السياسية التي شنّها عون على جنبلاط، بدعم "حزب الله" الذي بدأ يستشعر الخطر الجنبلاطي، انطلقت من اعتبارات وفرضيات عدة، لعلّ أبرزها تقاطعه مع سليمان وميقاتي حكومياً وقوى 14 آذار إنتخابياً، وبدا ذلك من خلال التحية التي وجهها أخيراً الى شهداء "القوات" و"الكتائب" و"الاحرار"، في الوقت الذي يدرك "حزب الله" وعون ان جنبلاط بدأ يقترب من موعد إعلان انسحابه من الحكومة في حال إقرار قانون النسبية.

وفي رأي الاوساط نفسها انّ جنبلاط حدد المحور المسيحي الحليف الذي سيضم رئيس الجمهورية والكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ومسيحيي 14 آذار.

الانفاق الحكومي

ومن الاعتبارات الأخرى التي تدفع بعون الى مهاجمة جنبلاط، وقوف الأخير سداً منيعاً أمام مشروع الانفاق الحكومي خارج الموازنة، اذ إنّ هناك من أسرّ لعون، بأن جنبلاط هو الذي شجّع سليمان على رفض توقيع مشروع الـ 8900 مليار ليرة، في الوقت الذي يحول وكتلته النيابية داخل مجلس النواب من دون نيل هذا المشروع أكثرية نيابية يملك هو مفتاحها.

أحرق المراكب

وأشارت الأوساط الى أن جنبلاط أحرق كل المراكب في موقفه المناهض للنظام السوري، والذي تخطى به سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة، وأعلن مناصرته للثورة وأضاء "شمعة مدينة حمص" في ساحة الشهداء، وزار المملكة العربية السعودية، وقبلها زار تركيا مرات عدة، كل ذلك في نطاق تحركات تحمل في طياتها مؤشرات على تحديد خياراته وتحالفاته الخارجية.

ونُقل عن النائب وائل ابو فاعور قوله في هذا السياق: "إنه من غير الممكن عودة العلاقات بين جنبلاط والنظام السوري، الذي أمعن في القتل والاعتقالات، وفي انتهاك الحريات، وإنّ أي تغيير في هذا النظام ليس بالضرورة أن يؤدي الى تغيير في موازين القوى في لبنان".

سلاح الحزب

الّا ان جنبلاط لم يقف مكتوفاً حيال "الهجوم العوني" المدعوم من حليفه الشيعي، فبادر الى توجيه سهامه التي لامست موضوع سلاح "حزب الله"، بحيث ليس من المستغرب ان يعود الى إثارة هذا الموضوع، وتسليط الضوء عليه بعدما حرص في الأمس على تجنّبه وفتح النقاش حوله، ولكنه غمز من قناة الحزب عندما ابدى عتبه على من "يشجع عون ويقف وراء تحركاته".

ووفق أوساط في الحزب التقدمي الاشتراكي، فإنّ مواقف جنبلاط السياسية، وكعادته، ستتدرّج شيئاً فشيئاً، وفي كل موقف سيكون هناك من جديد، لأنه يملك ملفات ومعطيات عن صفقات تجري في الكواليس، حتى في نطاق الاستحقاق الرئاسي المقبل في لبنان. لذا، فهو لا "ينطق عن هوى"، ويدرك متى يطلق النار وفي أيّ اتجاه.

السابق
إستقل يا نجيب! 
التالي
تعريق سورية..الدلالات والتداعيات