المستقبل : الشعّار يثمّن جهوده ويعتبر التحريض على “المستقبل” تجنّياً

"لن أجامل أحداً، وسأتكلم بصراحة، إنّ ما يحصل في طرابلس من إقفال للطرقات واعتصامات عشوائية وشهر للسلاح على أهل المدينة أنفسهم أمر مرفوض، تماماً كما هو مرفوض الأسلوب الذي تم فيه اعتقال الشاب شادي المولوي، لكن الحل لا يمكن أن يكون الخروج على الدولة، أو القبول بمظاهر الخروج على الدولة، لأن الدولة كانت وما زالت مشروعنا السياسي الوحيد".
بهذه الكلمات، تدخّل الرئيس سعد الحريري بالأمس لحماية أهالي طرابلس من الكمين الحقيقيّ الذي يحضّر للمدينة وللبلد، مشدّداً في الوقت نفسه على وجوب المحاسبة القانونيّة لتجاوز جهاز الأمن العام صلاحياته والقوانين والأعراف. فاعتبر "أنَّ ما يحصل في طرابلس يتطلب من الجميع قول كلمة الحق والتيقظ إلى أن معالجة الخطأ بخطأ أكبر منه هو جريمة ترتكب بحق المدينة ووقوع في فخ يخطط له أعداء لبنان وأعداء طرابلس"، مطالباً "الجميع التزام القانون ورفض الفوضى ومظاهر الخروج على الدولة".
وأكّد ان "إقفال المدينة بالشكل الذي تم هو إقفالها على نفسها، وأدعو الجميع إلى التبصُّر بأن الخطأ لا يُعالج بخطأ أكبر منه وأنّ ما تقوم به بعض القوى من تحريض وشعارات تغذّي الاحتقان هو إسقاط للفوضى على طرابلس، وإسقاط لطرابلس في فخ يخطط له أعداء لبنان وأعداء طرابلس". وقال: "إن الجهاز الذي قام بعملية الاعتقال يجب أن يُحاسب قانونياً، وقانونياً فقط، وإن أي انجرار إلى لعبة السلاح والخروج على الدولة والفوضى في الشارع لأي سبب كان هو جريمة تُرتكب بحق المدينة". وأضاف: "إن أهل طرابلس يستحقون منّا جميعاً الكثير من الصبر والحكمة، ولا ذنب لهم ليتعرضوا إلى إطلاق النار والترهيب بالسلاح لأي سبب كان. وفي هذا الموضوع، فإنني لن أبحث عن أي موقف شعبي أو شعبوي، وسأبقى أقول كلمة الحق. فدماء اللبنانيين جميعاً غالية علينا، والعدالة لا تحصل باليد بل بالقانون. هكذا علّمنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهكذا سنبقى".هذا وقد كان لهذا الموقف من الرئيس الحريري اسهام بارز في مواكبة الجهود المبذولة لإطفاء الحريق الطرابلسي، بعد أن عاشت المدينة ليلة اشتباكات طويلة، وقطعت الطرقات، بما في ذلك الاوتوستراد الدولي، وأدّت هذه الإشتباكات إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، بينهم عنصر في الجيش اللبناني قُتل قنصاً، ورغم محاصرة رقعة الإشتباكات إلا أنّها استمرّت في التجدّد لفترات متقطّعة، واستخدمت فيها قذائف الاينرغا.
وعلى خلفية الأحداث في طرابلس، التأم المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا أمس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزراء الخارجية والدفاع والداخلية والاقتصاد والمالية والعدل، وقائد الجيش وقادة الأجهزة.
وقد أثنى المجلس على "الدور التي تقوم به الأجهزة الأمنية لضبط الأمن وتوقيف الشبكات الارهابية وتحرير المخطوفين وضبط تهريب الاسلحة في كل المناطق اللبنانية"، مؤكداً "حرصه على صون السلم الأهلي في البلاد"، وأعطى "التوجيهات اللازمة للمؤسسات العسكرية والأمنية وقام بتوزيع المهام على الوزارات والادارات والأجهزة المعنية"، كذلك شدّد في البيان الذي صدر بعد الإجتماع على "تأمين الحاجات الملحّة للجيش والقوى الأمنية لتمكينها من تنفيذ مهامها، وأبقى المجلس على مقرراته سرية وفقاً لنص القانون". وكان سبق الاجتماع لقاء بين رئيس الجمهورية والحكومة تناول تطورات الأوضاع.
وكشفت مصادر شاركت في الإجتماع لـ"المستقبل" أن مجلس الدفاع قرّر ارسال 120 عنصراً من قوى الأمن الداخلي لمؤازرة الجيش في طرابلس، وأنّه جرى التداول في موضوع الموقوف شادي المولوي، فقال مدير الأمن العام اللواء عباس ابراهيم انه "خطير جدّاً وله علاقة بتنظيم ارهابي"، وربط الأمر بإلقاء الأجهزة الأمنية القبض على 7 أعضاء في شبكة خلال العشرة أيّام الأخيرة، وهي شبكة زعيمها أردني يدعى محمد يوسف عثمان عبد السلام. وعُلِمَ أنّ مدير الأمن العام برّر الأسلوب الذي اتبع في مكتب الصفدي بـ"خطورة المولوي" وأنّ الجهاز اضطرّ الى استخدام هذا الأسلوب لتوقيفه. إلا أنّ الوزير الصفدي الذي كان حاضراً الاجتماع أصرّ على محاسبة مسؤول الأمن العام في طرابلس ونقله الى منطقة أخرى، الا أنّ ابراهيم اصرّ على بقائه هناك.
وفي موضوع الموقوفين الإسلاميين، طلب المجتمعون من مجلس الانماء والإعمار التعجيل بإنهاء بناء المحكمة التي تشاد في سجن رومية، للبدء بمحاكمتهم، وأنهم اتفقوا على استعجال القضاء لاصدار القرارات الظنية خلال أيام. كذلك قرّر المجتمعون أن يجري وزير الداخلية تحقيقاً مسلكياً بمسؤول الأمن العام الذي انتهك حرمة مكتب الوزير الصفدي، لاجراء المقتضى والمحاسبة.
أمّا أوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فوصفت الإجتماع بأنّه كان "تنسيقياً وجرى خلاله التشديد على أن تقوم الأجهزة الأمنية بدورها"، وتوقّعت هذه الأوساط لـ"المستقبل" أن يعود الوضع الى طبيعته في طرابلس ابتداء من اليوم الاثنين، مستبعدة أن يكون قد خرج عن نطاق السيطرة.
الشعّار
هذا وقد وصف مفتي طرابلس الشيخ مالك الشّعار انّ "النداء الذي وجّهه الرئيس الحريري إلى الطرابلسيين قرار ونداء حكيم، وموجّه بشكل جيد جداً، وأنا مع هذا المضمون وأنا من الناس الذين يحتكمون دائماً إلى القانون، وأعتقد ان الأمن لا يفرض فرضاً، وانما تهيأ له الأسباب". ووصف ما حصل مع الشاب شادي المولوي بأنه "ليس تصرّفاً مسؤولاً من قبل أجهزة الدول، ولا يدل على وجود قانون او مؤسسات للدولة أبداً".
وأوضح المفتي الشعّار في حديث الى "المستقبل" انه "ينبغي ان يشعر اهل طرابلس انهم ليسوا مظلومين وذلك بتحويل الموقوفين الاسلاميين إلى القضاء. لأن هؤلاء الموقوفين لا يزالون مسجونين دون محاكمة، وقد مر على توقيفهم ما يزيد على أربع سنوات، وهذه جريمة انسانية ليست سهلة على الاطلاق، وهي تشكل انتهاكاً لحقوق الانسان وكرامات البشر وقمة الظلم والقهر". وأضاف "لقد شعر أهل طرابلس بأنّ هذا الأمر لم يحدث الا مع ابنائهم للاسف الشديد، بينما الآخرون من ثبتت عليه العمالة مع اسرائيل حوكم بـ18 شهراً فقط". وتابع: "هؤلاء الموقوفون لم يتعاملوا مع العدو الاسرائيلي، وليس من المفروض أن تكون مدة محكوميتهم، اذا ثبت انهم متورطون في أمر ما خارج القانون، تزيد على سنتين على غرار ما كانت عقوبة عميل اسرائيل، لكنّ هؤلاء الموقوفين مسجونون منذ خمس سنوات دون محاكمة".
وأكّد الشعار أنّ الإجتماع الذي ضمّه إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والوزراء محمد الصفدي وأحمد كرامي وفيصل كرامي، ومدير مخابرات الجيش في الشمال العميد عامر الحسن، اقتنع بأن "الأمن لا يتحقق إلاّ بالعدل" وأنه تمّ التواصل خلال الاجتماع مع النائب سمير الجسر الموجود خارج لبنان، ومع النائب محمد كبارة. وإذ اعتبر الشعّار ان ما حدث هو نتيجة لاحتقان مزمن، فقد كشف انه بعد هذا الاجتماع، حصل اجتماع آخر مع مجموعة من الفعاليات الدينية من السلفيين، "وتم التوافق معهم على ان قطع الطرقات وحرق الدواليب ليس من حقهم، لا بالقانون ولا بالشرع ولا بالعقل. من حق الناس ان تعتصم بشروط قانونية معينة، وأن تعلن طلباتها ضمن الاطر المسموح بها".
وشدّد الشّعار على ان "تيّار المستقبل لا علاقة له بما جرى في طرابلس، وإطلاق هذا الكلام هو تجنّ"، وثمّن ما يقوم به الرئيس سعد الحريري من اتصالات لمعالجة الوضع، كما أبدى مشاركته لهواجس الرئيس فؤاد السنيورة الذي تخوّف من تحويل طرابلس إلى صندوق لتبادل الرسائل، وأضاف "لديّ شعور بهذا الكلام منذ فترة، وقد زرت الرئيس السنيورة منذ شهرين تقريباً، وقلت له إن لدي معلومات أن شيئاً يحاك ضدّ طرابلس".
عرسال
بالتوازي مع الجرح الطرابلسيّ، زار وفد من الأمانة العامة لقوى 14 آذار بلدة عرسال أمس حيث تفقد النازحين السوريين، وأكد "ضرورة إغاثتهم"، وتحدّث منسّق الأمانة العامة النائب السابق فارس سعيد باسم الوفد مشدّداً على مطالبة الحكومة "بالتدخّل الفوري من أجل وقف انتهاك سيادة لبنان من جيش النظام السوري بإرهاب اللبنانيين ومنعهم من استثمار اراضيهم الزراعية، ونعتبر ان استمرار هكذا أعمال يمثل انتهاكاً فاضحاً لاستقلال لبنان وسيادته وهو يتعارض مع الميثاق الوطني وقرارات الشرعية الدولية".
"حزب الله"
يأتي ذلك، في وقت واصل "حزب الله" تحريضه على "قوى 14 آذار" حيث اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق ان "قوى 14 آذار أضحت جزءاً من العدوان على سوريا، بحيث انه لو كانت السلطة بيدها لكانت أوقعت لبنان في الكارثة والمجهول"، كما جدّد الاستخفاف بأهمية الانتخابات النيابية قائلاً إنّ "رهان 14 آذار صار ينحصر في الانتخابات النيابية لتغيير موقع ودور وهوية لبنان، لكننا من جهتنا نؤكد أن معادلات قوة المقاومة أكبر من أن تهتز باستحقاقات نيابية أو بتغيرات إقليمية".  

السابق
السفير : توقيف “سلفي” يثير غضب الإسلاميين ويُشعل اشتباكات
التالي
الديار : إشتباكات طرابلس وأحداثها استدعت اجتماعاً لمجلس الدفاع الأعلى