الراي: جنبلاط قريباً جداً في السعودية وشهيّب يخشى أن تسقط في 2013 أكثرية الـ 2009

رغم المعطيات التي تشير الى ان المشهد السياسي اللبناني سينشغل في الفترة القريبة المقبلة بتحريك ملف قانون الانتخاب الذي ستجرى على اساسه الانتخابات النيابية بعد سنة، يبدو ان اي تطور حقيقي في هذا الاتجاه سيكون مستبعداً قبل الصيف المقبل على الاقل، من دون ان يعني ذلك انتفاء محاولات وضع هذا الملف على سكة النقاش العريض.

وتقول مصادر سياسية مطلعة في هذا الاطار لـ «الراي» ان جلسة مجلس الوزراء المقبلة بعد غد، التي ادرج على جدول اعمالها موضوع اقتراع المغتربين وغير المقيمين، يرجح ان تشهد اقراراً لهذا البند في ظل واقعيْن اولهما ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان يضغط بقوة لاقرار الالية التنفيذية لهذا البند وخصوصاً بعدما اطلق في زيارته الاخيرة لاوستراليا مواقف جازمة في هذا الاتجاه وانتقد «ماكينة» السفارات والقنصليات في الخارج التي سيتعين على مجلس الوزراء مواجهة واقعها الاداري والديبلوماسي المليء بالشغور بما لا يؤهلها في وضعها الراهن لتولي هذا الاستحقاق. وثانيهما ان هذا الموضوع لحظه قانون الانتخاب الساري المفعول بحيث يغدو ملزماً على الحكومة أقرر الآلية المطلوبة لتمكين المغتربين من الاقتراع سنة 2013.

لكن المصادر نفسها تشير الى ان اقرار هذا البند لا يعني بالضرورة فتح ملف قانون الانتخاب بمجمله وخصوصاً ان لا توافق سياسياً عليه حتى الان لا داخل مجلس الوزراء ولا بين القوى السياسية، بل ان الوقائع الجدية تثبت ان تحريك هذا الملف لم يحن اوانه بعد، ومن المستبعد تماماً تالياً ان يقدم مجلس الوزراء على مناقشته غداة نيل الحكومة ثقة اثارت جدلاً واسعاً في مجلس النواب وتسعى بعدها الى الافادة ما امكن من فترة السماح الجديدة التي نالتها. ذلك ان تحريك الملف الانتخابي الآن سيعيد هزّ الحساسيات والتناقضات العميقة بين مكونات الحكومة، وسيكون كفيلاً بتبديد الفرصة الهشة التي حظيت بها بفعل اصرار النائب الكتائبي سامي الجميل على طرح الثقة بمعزل عن موقف المعارضة.
وتشير المصادر في هذا السياق الى ان الفترة المقبلة ستشهد اتجاهين لا يسمحان الان بتوقع طرح الملف الانتخابي على سكة التقرير النهائي. فالقوى المشاركة في الحكومة ستنصرف الى محاولة التوفيق في ما بينها لتقطيع المرحلة المقبلة ومعالجة الملفات التي تواجه الحكومة وخصوصاً بعدما توجّس بعضها وخصوصاً في فريق «8 آذار» من طرح رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية تشرف على الانتخابات وحرّك ذلك حساسيات وشكوكاً لم يسلم منها الرئيس نجيب ميقاتي لجهة التوجس من علاقته مع السنيورة وبعض قوى المعارضة.
اما قوى «14 آذار» فتنصرف في المرحلة الحالية الى اكمال الاتفاق التفصيلي على هيكلية تنظيمية جديدة لقواها، وتعقد في هذا الاطار اجتماعات متعاقبة بعيدة عن الاضواء باعتبار ان هذه الهيكلية تكتسب أهمية لجهة إعادة تفعيل التنسيق والفعالية بين قوى «14 آذار» على مشارف الاستحقاق الانتخابي المقبل.
وجاءت واقعة طرح الثقة في مجلس النواب وما أبرزته من تباين وتمايز بين قواها و«حزب الكتائب» لتفرض عامل تسريع لهذه الهيكلية، علماً ان المشاورات والاتصالات التي أعقبت جلسة المناقشة العامة للحكومة في مجلس النواب التي انتهت الخميس تركزت على احتواء التباين الذي برز بين الكتائب وقوى المعارضة.

وتضيف المصادر السياسية ان «ترتيب» البيت المعارض من جهة واستحقاقات الحكومة في المرحلة الآتية من جهة اخرى يشكلان عامليْن لاستبعاد البت الجدي لقانون الانتخاب قبل اشهر على الاقل.
لكن ذلك لن يحول دون ترقب تطورات معينة قد تكتسب ايحاءات ودلالات معينة في الطريق الى بلورة المناخ السياسي الذي سيطرح فيه هذا الملف، من ابرزها ما تردد في الساعات الاخيرة عن عزم رئيس مجلس النواب نبيه بري على طرح اقتراحه الانتخابي بعد مشاورات يجريها هذا الاسبوع مع جهات سياسية عدة. علماً ان وزير الصحة علي حسن خليل كان اعلن في حديث الى قناة «المنار» ان بري سيتقدم هذا الاسبوع بمشروع لاجراء تعديل دستوري يقر قانون الانتخاب على اساس النسبية ولبنان دائرة واحدة مع المحافظة على المناصفة والتوزيع الطائفي بما ينتج مجلسا نيابياً وطنياً يحضر لتشكيل مجلس الشيوخ في المرحلة المقبلة كما ورد في اتفاق الطائف.
كما يتم بعناية رصد موقف رئيس «جبهة النضل الوطني» النائب وليد جنبلاط من هذا الملف، وهو الذي رسم «خطاً عريضاً» عنوانه لمقاربته قانون الانتخاب هو رفض «الاستهداف والتحجيم»، معتبراً ان النسبية كما هي مطروحة حالياً تستهدف «تيار المستقبل»، مفضلاً الابقاء على قانون الستين ما دام لم يتم التوافق على قانون وفق اتفاق الطائف.

واذا كان إقرار اي قانون انتخاب في البرلمان لن يكون ممكناً من دون موافقة جنبلاط الذي تشكّل كتلته «بيضة القبان» فان التقاء رئيس «جبهة النضال» مع «14 آذار» في هذا الملف سيتعزّز بعد الزيارة «القريبة جداً» التي سيقوم بها للسعودية حيث سيلتقي كبار المسؤولين (ولي العهد او خادم الحرمين الشريفين) تتويجاً للاتصالات التي كانت بدأت قبل فترة وتخللها اتصالان هاتفيان بين وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل وجنبلاط، الامر الذي يعني عودة المياه الى مجاريها بين الزعيم الدرزي والمملكة بعد القطيعة التي أعقبت انضمام جنبلاط الى قوى «8 آذار» وتأمين النصاب السياسي والنيابي لتسمية ميقاتي رئيساً للحكومة عقب الاطاحة بسعد الحريري في يناير 2011.
وكان لافتاً ما اعلنه النائب اكرم شهيّب (من كتلة جنبلاط)، امس، من ان «أي قانون انتخاب يحتاج اقراره الى توافق حوله لانه امر ميثاقي»، وقال: «قانون وزير الداخليّة (يعتمد النسبية) مع احترامي لتعبه عليه فهو في السياسة يضرب فئة. فالطائفة السنيّة حيث تيار المستقبل يمثّلها ستنخفض قوّة تمثيله بنسبة 25 في المئة، أما في الطائفة الشيعيّة فهناك قوّتا حزب الله وحركة أمل اللذين قد يشكّلان لائحتين تُبقيان على قوتهما التمثيلية كما هي»، مضيفاً: «نحن نتصرّف بعقلانيّة حتى لا يكون هناك فريق معزول أو فريق له كل المقاعد. ونحن نقول إما أن تعطونا قانونا وفق اتّفاق الطائف أو نبقى على قوانين مماثلة لقانون الـ 60».

كما لفتت اشارة شهيّب الى انه «إذا خسرت الأكثريّة التي أفرزتها انتخابات العام 2009 الاستحقاق النيابي المقبل، فهناك تغيير لوجهة لبنان السياسيّة ولا نعرف إلى أين نحن ذاهبون». واذ قال: «لا أحد يذهب إلى الانتخابات ليخسر، وهناك فريق نلتقي معه بثوابته الوطنيّة ولا نلتقي معه بطروحاته السياسيّة»، اكد «اننا لا نستطيع أن نمشي بمفهوم من يريد أن يذهب إلى انتخابات نيابيّة في ظل الأزمة السوريّة لتغيير وجه لبنان السياسين وهناك فريق اراد (بعد اسقاط حكومة الحريري) ملء الفراغات في الادارة ووضع قانون انتخاب يؤمن فوزه في الانتخابات وهذا ما لا يمكن ان نسير به».

كما برز موقف للسنيورة اكد فيه «ان هذه الحكومة اثبتت فشلها في معالجة الكثير من القضايا ومن المشكلات وهناك تخوف من ممارساتها لا سيما على اعتاب الانتخابات المقبلة»، مكرراً طرحه «تشكيل حكومة تكنوقراط حيادية للاشراف على الانتخابات المقبلة تعمل على خفض مستوى التشنج والاعداد للمرحلة المقبلة». ورأى أنّ «ما قام به النائب سامي جميل بطرح الثقة بالحكومة لا يغيّر شيئًا في الحكومة على الاطلاق ولا يزيد في صدقيتها أيّ ذرة»، مثمّنًا في الوقت نفسه «دور النائب الجميل ومداخلاته البناءة في المجلس النيابي».
بدأ جولة رعوية تشمل المكسيك وكندا وأميركا
الراعي: نشكر الله أنّ الحكومة بقيت
ولا أعرف ما هي «النسبية»

السابق
لا خوف من حكومة تكنوقراط!
التالي
مقتل شاب لبناني وسلبه في فنزويلا