ماذا تُخفي حدّة أردوغان في مؤتمر إسطنبول؟

توقفت أوساط ديبلوماسية أمام إعلان طهران أنها لا توافق على إسطنبول مقراً لمفاوضات تجريها مع الدول الكبرى حول ملفها النووي، وهو إعلان يأتي بعد أقل من أُسبوعين على زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للعاصمة الايرانية ولقائه المسؤولين الكبار فيها. 

ورأى ديبلوماسيون في هذا الإعلان الإيراني الذي إقترح بغداد، وحتى دمشق، مقراً لهذه المفاوضات الغربية – الإيرانية، ما يشكّل نقلة خطيرة في العلاقة بين القطبين الإقليميين الكبيرين في المنطقة، وسحب ورقة كان أردوغان يستخدمها لتعزيز موقعه لدى واشنطن والدول الغربية في إعتباره مفتاح "اللغز" الإيراني في ما يتعلق بالملف النووي.

ويستطرد هؤلاء الديبلوماسيون أن أردوغان الذي وصل الى الذروة قبل "الربيع العربي" في إحتضانه مفاوضات غير مباشرة بين دمشق وتل أبيب، وفي دخوله على خط المفاوضات الغربية – الايرانية، يبدو اليوم مجرداً من ورقتين سياسيتين مهمتين تتعلقان بالموضوعين الأكثر إستقطابا لاهتمام الدول الغربية، وهما قضية النزاع العربي ـ الاسرائيلي والبرنامج النووي الايراني.

ويبدو أن اردوغان قد رفع صوته عالياً في مؤتمر"أصدقاء سوريا" الأخير في اسطنبول لتعويض خسائر إستراتيجية لحقت بعلاقاته مع طهران ودمشق، ولكنه أيضاً أراد من خلال منبرية كلامية حادة أن يظهر إعتراضه على مهمة الموفد الاممي – العربي كوفي أنان وخطته التي لم يتم التشاور مع تركيا قبل إقرارها، على رغم ما تعتبره أنقرة من دور محوري لها في الأزمة السورية.

أردوغان ايضاً في موقفه المتشدد هذا، أراد أن يهدىء من روع أنصاره المتعاطفين مع زملائهم في بعض الحركات الاسلامية السورية، والذين لم يلاحظوا أنه قد فعل شيئاً جدياً في مواجهة النظام السوري أكثر من الكلام وسحب السفراء، فيما تتعاظم حملات النقد لمواقفه من سوريا لدى أوساط عدة داخل تركيا، بينها إسلاميون كحزب "السعادة" وقوميون كحزب "الشعب الجمهوري"، وعلمانيون ويساريون، ناهيك بالاكراد الذين يخوض اردوغان ضدهم معارك دموية.

وتعتبرالاوساط الديبلوماسية نفسها، ان اردوغان الذي خسر حليفين في طهران ودمشق لن يعوضهما بتحالف مع قطر ودول خليجية أُخرى يعرف أنها ستلتزم في النهاية أي تسوية تنجزها واشنطن مع موسكو.

ولذلك رأى كثيرون في مؤتمر اسطنبول الأخير ظاهرة اعلامية أكثر منها ظاهرة سياسية ولوجستية، وسخر بعضهم من أن يتمخض مؤتمر بهذا الحجم عن قرار باعطاء رواتب للمنشقين عن الجيش السوري والذين بدأت جماعات معارضة تقر، حسبما أوردت صحيفة "الديلي تليغراف"، بـ"تقهقرهم" بعد أن أُصيبوا اصابات بالغة.

ولذلك وفي "ثلاثية القمم" التي شهدها الأسبوع الفائت بين بغداد ونيودلهي واسطنبول تبرز قمة دول "البريكس" في نيودلهي "قمة صاعدة" وقمة بغداد "قمة مرتبكة"، فيما قمة اسطنبول جاءت "باهتة" وسيزداد بهتانها مع "الجدية" التي يبدو ان دمشق حريصة على إظهارها في مجال تطبيق خطة أنان بدءاً من العاشر من نيسان الجاري، وهو موعد أُعلن أيضا أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم سيزور موسكو فيه، وذلك في رسالة الى أن المبادرة الروسية – الصينية بالعنوان الدولي وبالرضى الاميركي، وبالمبعوث الاممي، تسير في الاتجاه الصحيح.


 

السابق
فريق أنان يحقق في انسحاب القوات السورية من بعض المدن
التالي
عادت حرة وعزباء من كندا!