ضمير الفاسدين يصحو في الأودية

للغذاء والدواء في لبنان حكاية ليست بجديدة حيث تغيب الدولة لتحل مكانها عصابات تتاجر بصحة الناس التي باتت مختبراً رئيسياً لمصالح فاسدة وصفقات فاحت رائحتها بالغش الماكر الذي استوطن في مستودعات تم تخصيصها لتستر في حناياها تواطؤ من يتحكم بالبلد غير آبه بقوانين تبقى حبراً على ورق في ظل محسوبيات ومصالح تكون لها الأولوية في أجندة من تغاضوا عن الناس ومشاكلهم ليبحثوا عن سبل تمرير مشاريعهم على حساب شعب يلهث وراء لقمة عيش مغمّسة بسموم الطمع.
في زحمة القضايا الحياتية يغيب المعنيون عن السمع، وفي موضوع الفساد الغذائي يغضون الطرف على أمل أن ينسى المواطن أن كل ما تناوله ناتج عن الإهمال وغياب الرقابة التي يتم العمل على تشديدها حفاظاً على سلامة الناس وأن المحاسبة ستكون بالمرصاد إلا إذا تحول المخالفون الى مجهولي الهوية.
وفي الوقت الذي ينتظر الجميع تحديد المسؤوليات وتفعيل المحاسبة وتحكيم الضمير في هذا الملف الخطير، يتواصل العثور على كميات من اللحوم والمعلبات الفاسدة.
فيما أعلن وزير العدل شكيب قرطباوي انه تم حتى الآن توقيف عشرين من الضالعين في القضية، ففي بيروت تم توقيف سبعة أشخاص، وفي جبل لبنان سبعة أشخاص وشخصا من التابعية الصينية واثنين صدرت بحقهما مذكرتا توقيف غيابيتان، وفي النبطية موقوفا، وفي الشمال أربعة، وفي الجنوب شخصا قيد التحقيق في انتظار نتيجة المختبر، داعيا إلى عدم تضخيم المشكلة وتصوير أن كل ما لدينا فاسد في لبنان.

مواد فاسدة
وللأسبوع الثالث يتواصل اكتشاف المزيد من المواد الفاسدة المرمية على جوانب الطرق، ففي بعلبك -"المستقبل"، تم العثور في احد الاودية في خراج مثلث بعلبك مقنة نحلة على عشرات علب الدجاج الفارغة تبين وجود ثلاثة انواع من الملصقات منها كتب عليه تاريخ الصلاحية بطباعة مختلفة ومنها بلا تاريخ. وفي منطقة وادي المحالب في خراج بلدة كفرقوق – قضاء راشيا الوادي، تم العثور على كمية من اللحوم والاسماك والمعلبات على اختلافها والسكاكر والشوكولا مرمية منذ أكثر من أربعة أيام،وحضرت الاجهزة المختصة الى المكان وتحديد هوية الفاعلين.
وفي حارة صيدا، داهم الجيش مستودعاً يحتوي على زيت الزيتون تبين ان فيه 20 برميلاً من الزيت الفاسد وتم توقيف صاحب المستودع وإقفال المستودع بالشمع الاحمر.
مواقف
وانطلاقاً من أن الأمن الغذائي أشدّ ايلاما وأخطر من الامن السياسي، تتواصل المواقف المطالبة بالإسراع بالمحاسبة ووضع حد للفلتان الحاصل، فلفت النائب محمد قباني ان "الأمور ليست على ما يرام لأن البلد فالت والمواطن اللبناني المسكين ضحية الفساد في كل مكان ولا مبالاة ولا احد يسأل ومخالفات القوانين هي السائدة"، مشيرا الى ان الحل هو بان يكون هناك رقابة متشددة وقضاء متشدد، ولا يجوز للقضاء ان يكون متساهلا ابدا مع من يقوم بهذه الاعمال".
واعتبر رئيس لقاء علماء صور الشيخ علي ياسين "ان الفساد في المواد الغذائية وسواها هو فساد قديم يطال كل مقامات الدولة واساسه الفساد السياسي، ودعا "الى المزيد من التحرك الشعبي والرسمي للخروج من الفساد، مطالباً مجلس النواب بسؤال الحكومة عن الأزمات والفساد وان تبادر الحكومة للبث في الملفات العالقة وفي مقدمها الكهرباء والمواد الفاسدة".

وشدد رئيس "جمعية طبيعة بلا حدود" محمود الاحمدية على ان النقص ليس في القوانين بل في تطبيقها ولفت في بيان الى ضرورة تفعيل المراقبة على الحدود البرية والبحرية والجوية واستيراد احدث المختبرات وتوحيد المسؤولية بين الوزارات واعطاء البلديات الدور الرئيسي بطريقة لا مركزية في عملية مراقبة وكشف المستودعات الواقعة في نطاقها العقاري وزيادة عدد مراقبي مصلحة حماية المستهلك و كشف اسماء المفسدين.
ورأى قطاع الاطباء البيطريين في الحزب الشيوعي اللبناني أن ما وصل اليه ملف الغذاء من "فوضى وخطورة يمس مباشرة صحة المواطن على مساحة الوطن".
من جهتها حذرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" من "انتشار ظاهرة الاتجار بالسلع الفاسدة والمزورة وتسربها إلى المخيمات الفلسطينية"، وطالبت اهالي المخيمات بالتأكد من صلاحية السلع المختلفة التي يتم شراؤها، واهابت بتجار السلع الغذائية العمل على تخزين هذه السلع بطريقة جيدة وملائمة تحفظ جودتها وصلاحيتها".

السابق
فرعون: نرفض الابتزاز لفرض حلول
التالي
جبهة التحرير تحيي ذكرى أبو العباس.. دبور: عدم إدخال المخيمات في التجاذبات