البناء: موسكو تشيد بقيادة الأسد واجراءاته لاستتباب الأمن

مع صدور البيان الرئاسي عن مجلس الأمن والذي يدعم مهمة الموفد الدولي كوفي أنان ويشدد على الحوار والحل السياسي في سورية، تتجه الأنظار الى حركة واتصالات أنان بهدف وضع مبادرته موضع التنفيذ، إلا ان الوصول الى هذا الأمر يحول دونه اعتراض ما يسمى "المعارضة السورية" على مهمته، بدءاً من الدعوة الى وقف العنف وهو ما يستوجب قيام المجموعات المسلحة التابعة لهذه المعارضة بالانسحاب من بعض المناطق التي سيطرت عليها ووقف اعتداءاتها على المدنيين والقوى الأمنية، وكذلك الموافقة على الشروع بالحوار من دون أي شروط مسبقة.

وفي معلومات لمصادر دبلوماسية عربية في بيروت ان تحقيق ما طالب به أنان غير مؤكد، إلا إذا ضغطت واشنطن وحلفاؤها الغربيون على كل من السعودية وقطر ومعهما "المعارضة السورية": في الخارج بدءا من "مجلس اسطنبول": للتوقف عن أعمال العنف وسفك الدماء التي تلجأ اليها المجموعات الإرهابية المسلحة، وايضا ان يرفع الغطاء عن هذه "المعارضة" لكي تسير في الحوار الذي دعا اليه أنان.

ورغم ذلك، فإن المصادر تلاحظ وجود تغييرات اساسية في الموقف الأميركي والغربي من الوضع السوري لاعتبارات داخلية وخارجية، لكن المهم ان تبدلا جوهريا حصل في موقف المعسكر الغربي يتمثل في سقوط التهديد بالتدخل العسكري ووضع جانبا الدعوة الى عملية انتقال السلطة في مقابل الدعوة لوقف العنف واطلاق الحوار توصلاً للحل السياسي تحت عنوان "فتح الأفق أمام تعددية سياسية".

لكن المصادر الدبلوماسية تعتقد ان هذا التراجع في الموقف الغربي وتحديدا الأميركي لا يعني ان الأميركي تخلى عن محاولاته لإضعاف سورية، واذا امكن دفع الأمور الى الأسوأ، ولذلك فالاتجاه في البيت الأبيض حسب معلومات المصادر، ان تأخذ الأمور في المرحلة المقبلة سيناريو الضغط على سورية عبر مسألتين أساسيتين:

ـ الاولى: تحريض دول الجوار ضد سورية في سبيل التضييق عليها اقتصاديا وماليا وأمنيا. وما زيارات الوفود الاميركية في الأيام الأخيرة الى بيروت سوى أحد أوجه هذا السعي للإدارة الأميركية. وتشير معلومات المصادر في هذا الصدد إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين الذين زاروا لبنان مارسوا المزيد من الضغوط ليس فقط لالتزام لبنان بالعقوبات المالية والاقتصادية ضد سورية، بل ايضا تسهيل تهريب السلاح وتسلل المسلحين عبر الحدود اللبنانية الى سورية.

ـ الثاني: التركيز على العمليات الإرهابية على غرار انفجاري دمشق الأخيرتان وايضا ممارسة عمليات الاغتيال بهدف إثارة القلق لدى المواطن السوري، خاصة في دمشق وحلب على الرغم من ان تنظيم "القاعدة" وملحقاته يلعبان دورا أساسيا في هذه العمليات.

بعثة أنان غادرت دمشق

وكانت البعثة التي أوفدها أنان غادرت دمشق امس بعد أن انهت محادثاتها في سورية والتي استمرت أربعة أيام.

وقالت مصادر إعلامية، إن الوفد غادر بعد محادثات مع السلطات المحلية وأطياف من معارضة الداخل تركزت في مجملها على كيفية التوصل الى وقف للعنف، وكذلك وقف العنف من طرف بعض أطياف المعارضة تمهيدا للشروع في عملية سياسية.

وأضافت أن الوفد جمع أكبر قدر ممكن من الأفكار والمقترحات لوضعها على طاولة أنان ودراستها بغية الوصول الى نتائج تضمن ذهاب كل الأطراف الى طاولة الحوار، سيما ان بكين وموسكو تدعمان بقوة مهمة أنان وفريقه وتعهدتا بدفع السلطات المحلية لقبولها بغية حقن الدماء من أبناء الشعب السوري.

موسكو: الأسد يحرص على الأمن والنظام

في هذا الوقت، أكد ديمتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "القيادة الروسية تنظر إلى الرئيس السوري بشار الأسد كرئيس شرعي يحرص على المحافظة على الأمن والنظام في بلاده".

وأشار بيسكوف، في حديث الى قناة "بي.بي.سي" الى انه "لا يمكن ان نناقش أي عمل عنفي يقوم به أحد الطرفين في النزاع الداخلي في سورية، متجاهلين أعمال الطرف الآخر، بل يجب أن نقف موقفا متوازنا وألا يغيب عن بالنا أن الرئيس الأسد يعتني بمواطنيه، ويتحّمل المسؤولية عن ضمان النظام العام في سورية".

ورأى بيسكوف، أنه "لا يوجد سبب لعدم تصديق قيام الحكومة السورية باتخاذ الإجراءات الهادفة إلى استتباب الأمن".

كما أعربت الخارجية الروسية عن الأمل بأن تساهم مهمة أنان بإعادة الأمور في سورية الى نصابها، داعية المجتمع الدولي لمساعدته على ضمان نجاح مهمته.

كذلك، أشار نائب وزير الخارجية الروسي الى ان أنان سيزور موسكو هذا الأسبوع.

كما أعربت روسيا عن قلقها من "انتهاكات حقوق الانسان التي ترتكبها المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة السورية".

"مسرحيات" أوغلو

وفي أنقره، جدد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو تحريضه على سورية زاعما "أنها تسعى لكسب الوقت" ومدعيا "أن الكلام لا يكفي بل يتطلب خطة عمل دولية".

وأشار الى أن"الحكومة السورية فقدت شرعيتها، وان الرئيس السوري بشار الأسد لم يف بوعوده مرارا وتكرارا، ففي شباط الماضي وعد بأن تتوقف جميع أعمال العنف، لكن منذ ذلك الحين تتزايد الأعمال الوحشية".

ترحيب بلجيكي وكندي ببيان مجلس الأمن

الى ذلك، رحب وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رايندرز بالبيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول سورية. داعيا لوقف أعمال العنف والبحث عن حل سياسي على وجه السرعة.

وبدوره، أبدى وزير الخارجية الكندي جون بيرد تأييده بيان مجلس الأمن، وقال "انها ليست سوى الخطوة الاولى وبقي الكثير الذي يجب القيام به. من الضروري ان تدعم كل الدول هذه الخطة وتواصل الضغط بحزم على النظام الحاكم".

استئجار بواخر الطاقة بين الحل والتعقيد!

أما على الصعيد الداخلي، فإن أكثر من استحقاق ينتظر الحكومة في الأيام المقبلة. خصوصا في الاسبوع المقبل، بدءاً من موضوع استئجار بواخر الطاقة لتوليد الكهرباء الى ملف التعيينات واقرار قطع الحساب عن الأعوام ما بين 2005 و2010.

بري مستاء

وفي هذا المجال، لم يخف رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره أمس، انزعاجه من عدم تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى، وما آل اليه الوضع القضائي في ظل هذا التباطؤ غير المبرر.

وانتقد الحكومة على تقصيرها في اكثر من ملف ومنها ملف التعيينات بشكل عام، مستغربا عدم انجاز هذا الملف، رغم مرور حوالى عشرة أشهر من عمر الحكومة، مع العلم انها لا تحتاج لأكثر من بضعة أسابيع لملء الشواغر في أكثر من 60 في المئة من ملاك الدولة.

وسمع الزوار من الرئيس بري ما يفيد بأن مثل هذا الامر غير مقبول، خصوصا ان هناك آلية تنظم هذا الأمر واذا ما طبقت فليس هناك من مشكلة أو اسباب للتلكؤ.

وأكد الرئيس بري مرة اخرى على جلسة المحاسبة في النصف الأول من نيسان معتبراً ان اقرار هيئة إدارة النفط غير كافٍ والمطلوب تعيينها والبدء بطرح المناقصة كما تعهدت الحكومة.

وشدد ان المجلس سيقوم بواجباته في هذا المجال.

وملاحظات ميقاتي

في سياق متصل، أشارت مصادر وزارية الى ان موضوع استئجار بواخر الطاقة ينتظر ان يبحث مجلس الوزراء الاسبوع المقبل، في ضوء الدراسة التي يعدها فريق عمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خصوصا ان الاخير لديه ملاحظات على الصيغة التي كان تقدم بها وزير الطاقة جبران باسيل، ووفق المصادر ذاتها فإن ملاحظات ميقاتي تتعلق بموضوع التلزيم لجهة الأسعار المطروحة لذلك.

لكن مصادر أخرى، متابعة تلاحظ ان المطلوب من الحكومة بت هذه المسألة في أسرع وقت ممكن، وعدم ترك الأمور في سياقها الروتيني، وتاليا اذا ما احتاج الأمر الى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء فلا شيء يحول دون ذلك، لانه لم يعد من الجائز استمرار أزمة الكهرباء على ما هي عليه، لتداعياتها السلبية على المواطن والخزينة في آن معاً. اضافت ان هذا الملف يجب بته في أسرع وقت ليس فقط على صعيد استئجار بواخر الطاقة، انما ايضا على مستوى الخطوات الأخرى. بما في ذلك انجاز خطوط التوتر العالي في المنصورية.

تعيينات مرتقبة في هيئات الرقابة

وفي شأن التعيينات الإدارية، تحدث أكثر من مصدر وزاري امس لـ "البناء" عن وضع بعض التعيينات في هيئات الرقابة على نار حامية، واوضحت ان الاتصالات قائمة لانجاز هذه التعيينات، خاصة تلك التي كانت اثارت مشكلة داخل مجلس الوزراء والمتصلة ببعض التعيينات في المجلس التأديبي لكن المصادر أوضحت ان الخلافات حول تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى ما تزال قائمة. ولذلك استبعدت المصادر الوصول الى توافق حوله قريبا، على الرغم من إعلان نقابتي المحامين في بيروت والشمال الإضراب يوم الاثنين المقبل احتجاجا على عدم تعيين رئيس لمجلس القضاء.

السابق
ألأمن الممسوك 
التالي
السفير: أنقرة والمجلس الوطني يلتفان على مهمة أنان حـزب العمـال الكردسـتاني يحـذر تـركـيا من دخـول سـوريا