حكاية فادي والإدمان على المخدّرات.. واحدة من بين مئات

يعيش فادي البالغ من العمر ثلاثة وعشرون عاما مع اسرته المكونة من ام واربع شقيقات في منزل صغير في صيدا البلد القديمة يتكون من غرفتين لا تدخل اليهما الشمس فتكثر فيها الرطوبة التي تسبب الامراض لأفراد العائلة من حساسية وربو. لم يكمل الشاب دراسته حيث انه ترك المدرسة في الصف الرابع ابتدائي وذلك بسبب السفر للعيش مع والده الذي هجرهم منذ 17 عاماً. ولكن سرعان ما عاد الشاب الى لبنان للعيش مع والدته واخواته هرباً من زوجة والده والتي كانت تسيء معاملته. عمل الشاب في صغره في مهنة صيد الأسماك لدى احد الصيادين، ولكنه لم يستمر معه لأنه لم يكن يدفع له شيئاً من المال ولكن يعطيه حصة من السمك وهذا ايضاً يتوقف على وفرة الصيد.

تواجه العائلة وضعاً اقتصادياً مأساوياً، حيث ليس من معيل لها سوى الأم التي تعمل في تنظيف البيوت لتؤمن قوت أولادها، وفادي عاطل عن العمل .
فادي لا يختلط بمحيطه الاجتماعي حيث لا يوجد لديه اصدقاء ولا يرغب بهم. اما عن علاقته مع اسرته فهي سيئة لأنه كثير المشاكل مع والدته واخواته في كثير من الاحيان بضرب اخواته و يوجه الاهانات والشتائم لهم. بالاضافة الى انه لا مبالِ وغير مسؤول على حد تعبيره "انا عايش لراسي ما حدا الو معي ما بحكي حدا ولا حدا بيحكي معي".

بعد عودته من السفر لم يعد يتواصل مع والده ولا يعرف اي شيء عنه كحال امه وسائر اخواته، ويكنُ الشاب لوالده مشاعر كثيرة من الكره والشعور بالنقمة عليه حيث يعتبر ان ما يعاني منه وكل ما تتعرض له اسرته هو بسبب هجر الاب لهم وتركهم يتخبطون بالفقر والعوز والمشاكل خاصة وانه تركهم صغارا وعاد الى بلده وتزوج من اخرى، من دون ان يتحمّل اي مسؤولية تجاهه واخواته ولم يراسلهم او يسأل عنهم على الاقل.

علاقة فادي بامه غير سوية فهي دائماً مستاءة من تصرفاته وتشكو منه وتتألم لوضعه الراهن حيث انه وعلى حسب قولها " ضايع لا شغلي ولا عملي"، وبالرغم من انني اتحمل مسؤوليته واعمل في تنظيف المنازل لكي اؤمن لهم لقمة عيشهم وانا راضية على ان لا يتصرّف التصرفات التي يقوم بها، فهو يتصرّف بلا مبالاه وعصبية شديدة لا يقبل كلمة من احد وفي حال تم توجيه اي ملاحظة ضده يقوم في كثير من الاحيان بتكسير اثاث المنزل والصراخ وضرب اخواته.

يعاني فادي من مشاكل في الاعصاب" انفصام في الشخصية" منذ عامين بناءاً على تشخيص الطبيب الذي قام بمعاينته اكثر من مرّة ويقوم بمتابعته من وقت لآخر وخاصة عندما تسوء حالته، كما تؤكد الام على ان ولدها مدمن على الكحول والمخدرات فهو سريع الغصب ،عصبي جدا ،يصرخ بشكل هستيري ويعمل المستحيل كي يحصل على المال من اجل شراء ما يلزمه من كحول او مخدرات. اضافة الى انه يؤذي نفسه من خلال ضرب رأسه بالحائط وتشريح يديه بالسكين خاصة عندما يكون بحاجة الى تعاطي المخدرات وتكون تصرفاته نابعة عن فقدان للوعي التام اي انه لا يكون بوعيه.

أما من وجهة نظر فادي فهو لا يعتبر نفسه مريضاً ولا يرى انه يعاني من أية مشاكل، فهو يرى في المخدرات وسيلة للهرب من الوضع المأساوي الذي يعيش فيه، فهي تساعده كما قال على التحمل والشعور بالراحة وعدم التوتر ونسيان المشكلات وكل ما يحيط به ويدخل في عالمه الخاص. وبالرغم من صغر سنه الا انه يقول دائما بانه عانى الكثير في حياته في قوله: "الي مر على راسي كتير، والظروف الي مريت فيها ما حدا بتحملها".

والعائلة جميعها تؤكد بان ما يحصل مع الشاب ناتج عما يتعاطاه من مخدرات وهي التي اوصلته الى حالته هذه والاسباب كثيرة اهمها وضع العائلة الاقتصادي والبيئة التي يعيشون فيها بالاضافة الى ترك الشاب للمدرسة وبقائه عاطلا عن العمل اسبابا اساسية ورئيسية في تدهور حالة الشاب.

الا ان الام تصر على أنها سوف تعمل المستحيل من اجل اخراج ابنها من حالته هذه خصوصاً وأنه الشاب الوحيد في العائلة والتي تعوّل عليه كثيرا كي يكون معيلا لها ولاخواته في ظل الظروف الصعبة التي يعانون منها.

السابق
مستشفيات كبرى
التالي
انتبه.. الى طريقة نومك