النهار: قرارات دفاعية اليوم لمواجهة حصار الضغوط

بين موعدين طارئين لاجتماع يعقده المجلس الاعلى للدفاع في الرابعة والنصف بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا وجلسة ثانية هذا الاسبوع لمجلس الوزراء في قصر بعبدا ايضا في التاسعة صباح غد، بدت الحكومة في سباق مع الاولويات الامنية والمالية المتزاحمة والتي تفرض استنفارا استثنائيا لمعالجتها.
واذا كانت جلسة مجلس الوزراء غدا جاءت ثمرة اكتمال التسوية المالية لقوننة ملفات الانفاق الحكومي منذ عام 2006 حتى عام 2011، فان اجتماع المجلس الاعلى للدفاع اليوم عكس اشتداد "الحصار" الذي أشارت اليه "النهار" امس بين مطرقة مطالب السفير السوري علي عبد الكريم علي من الحكومة في شأن الوضع على الحدود اللبنانية – السورية وسندان تحذيرات السفيرة الأميركية مورا كونيلي للبنان من تسليم نازحين او معارضين سوريين بمن فيهم عناصر من "الجيش السوري الحر" الى السلطات السورية.
وكشفت مصادر وزارية لـ"النهار" في هذا السياق ان توجيه الدعوة الى اجتماع المجلس الاعلى للدفاع جاء بعد زهاء نصف ساعة من انعقاد الجلسة العادية لمجلس الوزراء أمس في السرايا برئاسة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي كان عقد اجتماعا مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا قبل الجلسة، اتفقا خلاله على المضي في التسوية المالية للانفاق الحكومي من خلال مشروع قانون انجزه وزير المال محمد الصفدي عبر جلسة ثانية لمجلس الوزراء كان تقرر عقدها اليوم لكنها أرجئت الى الجمعة احتراما لأصول توزيع جدول الاعمال قبل 48 ساعة من الجلسة. ويبدو أن المناقشات الوزارية في جلسة البارحة تركزت في بدايتها على الوضع على الحدود اللبنانية – السورية والمواقف الدولية منه وتصريحات السفيرة الاميركية فضلا عن التظاهرتين اللتين حصلتا في وسط بيروت الاحد الماضي. وقالت المصادر إن الدعوة الى اجتماع المجلس الاعلى للدفاع جاءت "مفاجئة" من الرئيس سليمان وعزتها الى الطابع الملح الذي يكتسبه موضوع ضبط الحدود مع سوريا واتخاذ قرارات جديدة في ضوء إلحاح الجانب السوري على القبض على "المسلحين" الذين يفرون الى لبنان، في حين ان معظم الدول والأمم المتحدة تنوه بما أنجزه لبنان على صعيد اغاثة النازحين وتتفهم عدم تجاوبه مع فكرة ايجاد ممرات آمنة لكنه يرفض في المقابل مبدأ تسليم أي سوري، أعزل كان أم مسلحا، الى الجانب السوري أيا تكن الضغوط التي تمارسها دمشق.
وأضافت ان وزيري "حزب الله" محمد فنيش وحسين الحاج حسن أثارا في الجلسة ما وصفاه بـ"تدخل السفيرة الاميركية في الشأن اللبناني بشكل يؤدي الى توتير العلاقة بين لبنان وسوريا". فجرى تأكيد "لضرورة عدم التعرض للدول الشقيقة ورؤسائها". كما طالب وزير الصحة علي حسن خليل "بأن يكون للحكومة موقف يشدد على احترام سيادة لبنان ومنع المساس باستقرار لبنان وسوريا ووجوب التنبه الى الفلتان على الحدود". وبنتيجة النقاش الذي تطرق ايضا الى حركة السفير السوري ومواقفه، تقرر تضمين البيان الرسمي لمجلس الوزراء "دعوة الهيئات الديبلوماسية الى احترام معاهدة فيينا ومؤسسات الدولة اللبنانية وقوانينها". وقد جاءت الصياغة العامة لهذا البند حمّالة أوجه، لعدم اقتصارها على هيئة او سفير دون آخر. وقالت ان الدعوة الى اجتماع المجلس الاعلى للدفاع جاءت بعد تشاور الرئيسين سليمان وميقاتي واتفاقهما على عقده.
أما في موضوع مذكرة التفاهم بين لبنان وايران في مجال الطاقة الكهربائية، فأوضح وزير الطاقة والمياه جبران باسيل ان المذكرة تقررت عام 2010 في أيام حكومة الرئيس سعد الحريري وبناء عليها بدأ البحث في امكان التعاون بين البلدين. وعلم ان الرئيس ميقاتي أبلغ مجلس الوزراء ان القرار لم يتخذ بعد في ما يتعلق باستئجار بواخر لتوليد الكهرباء وان هذا الامر منوط باللجنة المكلفة دراسة استئجار البواخر. أما باسيل فقال للصحافيين لدى انصرافه انه فوجئ بالخبر الذي تداولته وسائل الاعلام عن وقف العمل باتفاق استئجار البواخر في حين كان هناك مستشارون في كل من الولايات المتحدة وتركيا يدرسون العروض. ولمح الى "ان لعبة المصالح والقومسيون قد تكون دخلت على هذا الملف".

التسوية المالية
أما بالنسبة الى جلسة مجلس الوزراء غداً، فقد تضمن جدول اعمالها الذي وزع على الوزراء أمس 30 بنداً من أبرزها مشروع قانون يتعلق بتسوية النفقات العامة عن الاعوام 2006 و2007 و2008 و2009 و2010، ومشروع مرسوم يرمي الى اعطاء وزارة المال سلفة خزينة بقيمة 8900 مليار ليرة من أجل تغطية نفقات الادارات العامة عن سنة 2012، وطلب وزارة المال الموافقة على عقد بالتراضي مع شركة "برايس ووترز هاوس كوبرز" للاستعانة بها في اعمال التدقيق وانجاز حساب المهمة وقطع حساب الموازنة العامة من 1993 الى 2010.
وعكس الاتجاه الى اقرار مشروع القانون المتعلق بالانفاق لحكومتي الرئيس فؤاد السنيورة وحكومة الرئيس سعد الحريري المضي في تسوية الملف المالي على قاعدة تلازم مشروعي الانفاق المتعلقين بمبلغ الـ11 مليار دولار والـ8900 مليار ليرة. على النحو الذي اشار اليه امس رئيس مجلس النواب نبيه بري. وعلمت "النهار" ان مشروع وزير المال محمد الصفدي في هذا الصدد قد وزع على الوزراء ووصفت مصادر وزارية المشروع بانه "معد بإتقان ودقة وليس وليد 24 أو 48 ساعة بل يدل على ان تحضيره جرى قبل فترة مما يعكس جهوزية الوزارة لهذه المهمة". ولفتت الى ان المشروع يتضمن ما يقارب الـ40 صفحة فولسكاب من الجداول بأوجه الانفاق.
كما علمت "النهار" ان ثمة احتمالا لإقرار بعض التعيينات في جلسة غد، لكنها ليست تعيينات اساسية بل تتعلق بما وصف بـ"الصف الثاني" ومنها تعيين بعض عمداء الجامعات. واشارت المعلومات الى استبعاد تعيينات تتعلق بمجلس القضاء الاعلى.

الحريري ووثيقة "المستقبل"
في غضون ذلك، برزت أمس المواقف التي اعلنها الرئيس سعد الحريري في كلمته عبر شاشة في "بيت الوسط" خلال الاحتفال باطلاق وثيقة "تيار المستقبل وآفاق الربيع العربي". وتميزت هذه المواقف بحملة عدت الاعنف للحريري على النظام السوري توجه من خلالها الى داعميه في لبنان.
وقال الحريري ان "قراءة التطورات في سوريا بعيون النظام الاعمى أقل ما يمكن ان يقال فيها انها قراءة غير اخلاقية". واضاف: "هناك قاتل اسمه نظام بشار الاسد يرتكب يومياً وبالجرم المشهود عشرات عمليات القتل الموثقة بالصوت والصورة في كل انحاء سوريا (…) فأي دين وأي اخلاق واي دستور تجيز تبرير كل هذه الجرائم؟ وأين هي مصلحة لبنان من الرهان على نظام يغرق في حقول الموت التي انشأها؟". واعتبر ان "هذا رهان وتبرير غير اخلاقي ولن يشرف اللبنانيين ان يكون بين قياداتهم من يشارك في التغطية على ذبح الشعب السوري".
وتولى الرئيس السنيورة تلاوة الوثيقة امام جمع من قيادات قوى 14 آذار وشخصيات سياسية ودينية. وركزت الوثيقة على اعتبار "التغيير الذي اطلقه شبان عرب عملية ديموقراطية بعيدة المدى" تعكس "مرحلة نضج ومساراً جديداً وفرصة وتحدياً في الوقت نفسه".
ورأت في هذا التغيير "فرصة كبرى للبنان ومواطنيه ونظامه في اتجاه الخروج من الرهانات والارتهانات". كما تناولت محاور تفصيلية في "المسألة الاسلامية – الاسلامية والاسلامية – المسيحية" وردت على المخاوف التي اطلقها زعماء دينيون معتبرة انه "من الضرر بمكان الرهان على انظمة استبدادية منقضية عانى منها المسيحيون كما المسلمون الآخرون"، ومشددة على "صون دولة العيش المشترك".

السابق
عين إسرائيل على بوتين
التالي
عن الاجتياح النخبوي الصيني لأوستراليا