البناء: الملايين استفتوا بِنعم للدستور الجديد… والمعارضات إلى مزيد من التصدّع

أكدت نتائج الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في سورية تأييد ما يزيد عن نصف عدد المقترعين لهذا الدستور الذي يتواكب مع العصر ويفتح الطريق أمام عملية اصلاحية واسعة ستترجم بشكل خاص في انتخابات مجلس الشعب في المرحلة القريبة المقبلة. كما أن هذه النتائج التي بلغت 89.4 في المئة من نسبة المشاركين بالاستفتاء التي بلغت ايضا 57.4 بالمئة تؤكد ان عمليات الاقتراع والتصويت حصلت بشفافية وبعيدا من اي تدخل مباشر او غير مباشر، ما يؤكد من جديد رغبة القيادة السورية في دفع العملية الإصلاحية الى اقصاها، على الرغم من كل الضغوط والرفض المسبق من قبل اعدائها وخصومها في الداخل والخارج.

ويبدو واضحا ان الاستفتاء، وبحسب كل المراقبين، شكّل خطوة كبيرة ومهمة في سياق الخطوات التي تجري على الصعيد الداخلي السوري في سبيل دفع البلاد نحو أوسع مساحة ديمقراطية لم يحصل مثيل لها، حتى في الدول المتقدمة التي تتباهى بالممارسة الديمقراطية والحريات العامة. كما ان حصول الاستفتاء يعتبر ضربة كبيرة للحلف المعادي لسورية، حتى ولو عمد هؤلاء الى القفز فوقه، لأن المسألة بالنسبة لهم لم تعد اصلاحات واستفتاء انما النيل من سورية ودورها القومي.

نتائج الاستفتاء رسمياً
وقد أعلن وزير الداخلية السوري محمد الشعار ان نسبة المشاركين بالاستفتاء على مشروع الدستور السوري الجديد بلغت 57.4 في المئة ممن يحق لهم الاقتراع، مشيرا الى ان 89.4% من هؤلاء وافقوا على هذا الدستور (اي 7 ملايين و490 الفا و319 شخصا)، فيما بلغت نسبة غير الموافقين 9% من عدد المستفتين اي 753208، فيما عدد الأوراق الباطلة بلغ 1.6 في المئة.

انقسام "مجلس اسطنبول"
وفي موازاة الخطوات الإصلاحية للقيادة السورية، تتسع يوما بعد يوم الانقسامات والصراعات الخاصة والفئوية بين مكونات المعارضة السورية خاصة داخل ما يسمى "المجلس الوطني السوري" حيث ادى فشل اجتماع ما سمي "مؤتمر أصدقاء سورية" في تونس وعدم تبني دعواته الى التدخل الى حدوث انقسامات كبيرة داخل هذا المجلس حيث قام 20 عضوا بارزا بالانفصال عنه وتشكيل ما سمي "مجموعة العمل الوطني"، على الرغم من كل الدعوات الغربية والخليجية لتوحيد صفوف هذا المجلس مع باقي أطراف المعارضة. واعترف راديو "سوا" الاميركي الذي يخوض معركة "مجلس اسطنبول" ان تشكيل منظمة منشقة عن "المجلس الوطني السوري" يعد أكبر انشقاق في صفوف المعارضين منذ بدء الأحداث في سورية في آذار الماضي.
وأوضح ان نحو 20 شخصا على الاقل من الاعضاء العلمانيين والاسلاميين في "المجلس الوطني" المؤلف من 270 عضوا والذي أنشئ في اسطنبول العام الماضي أعلنوا تشكيل ما أطلقوا عليه "مجموعة العمل الوطني السوري".
ويرأس المجموعة الجديدة هيثم المالح، وانضم إليه كمال اللبواني وكاترين التللي، والمعارض فواز تللو الذي له صلة بالجيش السوري الحر، والمعارض وليد البني.
وكانت مصادر إعلامية أعلنت ان عضو المجلس نجاتي طياره قدم استقالته من المجلس. كما قدم سبعة أعضاء استقالاتهم من المجلس احتجاجا على طريقة ادارة برهان غليون له.
ورغم ذلك، لجأ المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال الى دعوة "أطياف المعارضة السورية للالتفاف حول المجلس الوطني السوري"!

بوتين يحذر من التدخل في سورية
وفي المواقف، كان رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين دعا الى توجيه الجهود لتحقيق المصالحة في سورية ووقف العنف واطلاق الحوار الوطني من دون شروط مسبقة او تدخل خارجي ومع احترام سيادة سورية.
وأوضح انه من شأن ذلك تمكين القيادة السورية من تنفيذ الاصلاحات الديمقراطية في البلاد، مجددا كذلك معارضة بلاده لاتخاذ اي قرارات دولية "من شأنها اعطاء اشارة للتدخل العسكري الخارجي في شؤون سورية الداخلية".
ودعا الى ضرورة الحيلولة دون حصول حرب أهلية، محذراً الدول الغربية من محاولة "التفرد في توجيه ضربة عسكرية ضد سورية".

ولافروف ينتقد الغرب
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان ما سمي مؤتمر "أصدقاء سورية" لم يساهم في اجراء الحوار السياسي حول القضية السورية.
كذلك أعرب نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف عن أن "القرار الصادر عن مؤتمر تونس القاضي بالاعتراف بالمعارضة السورية كهيئة شرعية وحيدة تمثل الشعب في سورية والدعوة الى تسليحها هو عبارة عن السيناريو الليبي".

بكين تهاجم كلينتون
وفي بكين، اعلن المتحدث باسم الخارجية الصينية ان "بكين لا يمكنها ان تقبل تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون حول الصين وروسيا بشأن الأزمة السورية". وأكد انه "على العالم الخارجي الامتناع عن فرض خطته على الشعب السوري لحل الأزمة".
كذلك وصفت صحيفة "الشعب" الصينية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني انتقادات كلينتون لموقف بكين بانها "غطرسة فائقة".
 صالحي يرفض أي تدخل
وفي طهران، أكد وزير الخارجية الإيراني على اكبر صالحي خلال استقباله وزير الدفاع اللبناني فايز غصن أمس رفض بلاده "لأي تدخل في شؤون سورية الداخلية، مشددا على ان حل قضايا سورية يجب ان يكون بين السوريين انفسهم"، ومعربا عن اعتقاده بأن "تشديد الضغوط الراهنة على سورية حكومة وشعبا ناجم عن موقفها المستقل والصلب في دعم تيار المقاومة في التصدي للصهاينة في المنطقة".

تحريض سعودي قطري للتدخل الأجنبي!
في المقابل، واصل حكام الخليج حملة التحريض والكذب ضد سورية، خاصة من جانب السعودية وقطر، اللتين سخرتا كل أموال النفط في سبيل التآمر على سورية وتسليح وتمويل المجموعات المسلحة.
وأعلنت الحكومة السعودية تبنيها للتدخل ضد سورية ولو بطريقة غير مباشرة من خلال القول صراحة انها ستكون في طليعة اي جهد دولي يحقق حلولا عاجلة وشاملة وفعلية لحماية الشعب السوري"، محملة ما زعمته "الأفرقاء الدوليين الذين يعطلون التحرك الدولي المسؤولية الاخلاقية عما آلت اليه الامور، وخصوصا اذا استمروا في مواقفهم المتخاذلة والمتجاهلة لمصالح السوريين"!
ومن جهته، دعا رئيس وزراء حاكم قطر حمد بن جاسم الى تسليح المعارضة السورية, مطالبا الدول العربية بأخذ زمام المبادرة لتوفير ما زعمه ملاذا للمعارضين داخل سورية! مكررا انه "سيعمل ما يلزم لمساعدة المعارضة بما في ذلك تسليحها".

تونس مع الحل السلمي
وفي المقابل، أعلن الناطق باسم الرئاسة التونسية عدنان منتصر «تمسك بلاده بالحل السلمي للأزمة السورية»، مبدياً رفضها «تسليح المعارضة والتدخل العسكري الأجنبي في سورية». وكشف أن بعض الأطراف الذين شاركوا في اجتماع تونس سعوا لتشريع التدخل العسكري».

«القاعدة» تتماهى مع مواقف الخليج
وليس بعيداً عما يقوم به حكام قطر والسعودية نشرت ما يسمى «جبهة النصرة في بلاد الشام» التابعة لتنظيم القاعدة ما سمته «غزوة الثأر» شرحت فيه تفاصيل التخطيط والتنفيذ للعمل الإرهابي الذي هز قلب مدينة دمشق في حي الميدان يوم 6 كانون الثاني الماضي.
وروى الفيديو المصور كيفية مراقبة منطقة التفجير في حي الميدان وتصنيع العبوة الناسفة. كما حوى رسالة سجلت صباح الجمعة ـ أي يوم العملية ـ للإرهابي الذي قام بالعملية والمدعو «أبو البراء الشامي» أعلن فيه نيته القيام بالعملية ثأراً من عناصر الأمن في تلك المنطقة.

واشنطن والغرب يحرضان
وكذلك لجأت واشنطن والغرب إلى التصعيد ضد سورية، فأعربت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن أمنياتها حيال سورية، متوقعة أن «ينتهي نظام الرئيس الأسد بالسقوط بسبب ـ ما زعمته ـ انشقاقات جنود ورجال أعمال وممثلي أقليات من البلاد» مدعية «أنها مسألة وقت فقط»!
كذلك زعم وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن الاستفاء في سورية هو «نوع من المسخرة». كما ادعى أنه «سيأتي اليوم الذي يواجه فيه الرئيس الأسد العدالة عن جرائمه».
كذلك أعلن الاتحاد الأوروبي بعد اجتماع مجلس الشؤون الخارجية في بروكسل عن اعترافه بما يسمى «المجلس الوطني السوري» كممثل شرعي للسوريين! مكرراً دعوته "المعارضة لتوحيد صفوفها». كما أعلن فرض عقوبات إضافية على المصرف المركزي السوري، ووضع وزارات الصحة والإعلام والزراعة والصناعة في سورية على «قائمة العقوبات».
وبدوره، ادعى وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي «أن هناك حالة ذات طابع متزايد لتخلي الرئيس الأسد عن السلطة»، داعياً لتعزيز العقوبات على سورية. وطالب بهدنة إنسانية في حمص.
كما ادعى وزير الخارجية الكندي أن الاستفتاء هو «خدعة» داعياً الرئيس الأسد الى «التنحي»!
ومن جهته، قال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ إن حكومته «ستواصل العمل مع شركائها في الاتحاد الأوروبي لدعم الجامعة العربية وخطتها لإنهاء العنف في سورية"، مكرراً ترحيبه باتفاق نظرائه في الاتحاد الأوروبي على «فرض المزيد من العقوبات على سورية».
وأمس أيضاً بدأ ما يسمى «المجلس العالمي لحقوق الإنسان» اجتماعاً في جنيف لمناقشة الوضع في سورية في مسعى غربي ـ خليجي «لإصدار موقف عن المجلس المذكور يدين فيه الموقف السوري».

والعدو على الخط التحريضي
وفي القدس المحتلة، عبّر رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الصهيوني عن قلقه «من استمرار روسيا بإرسال شحنات الأسلحة إلى سورية»، مكرراً خشيته من أن «تقع هذه الأسلحة في أيدي ـ ما زعمه ـ عناصر إرهابية تعمل ضد إسرائيل»!
أما على الصعيد الأمني، فقد أعلنت الخارجية البولندية إنها تتولى اتخاذ الترتيبات لإجلاء جثمان الصحافية الأميركية ماري كولفن التي قتلت في حمص.
وفي السياق ذاته، أعلن الصليب الأحمر الدولي «أن فرقه نجحت بدخول مدينة حماه للمرة الأولى منذ أكثر من شهر».
إلى ذلك، ذكرت قناة «الإخبارية السورية» أنه «تمت مصادرة سيارتين محملتين بأسلحة مهربة من العراق وتركيا إلى تل عمر والمالكية».

عودة النشاط إلى مجلس الوزراء
أما على الصعيد الداخلي، فقد عاود مجلس الوزراء جلساته، فانعقد في قصر بعبدا قبل ظهر أمس وأقر مجموعة من بنود جدول الأعمال التي تضمنت قضايا إدارية ومالية. وقد وصفت مصادر وزارية لـ«البناء» أجواء الجلسة بعد الجمود الذي حصل أخيراً، بأنها كانت إيجابية وجيدة، تعكس الرغبة في تنشيط العمل الحكومي. لكنها قالت إن بنود جلسة الأمس كانت عادية ولا تشكل اختباراً لأطراف الحكومة في مسألة الانسجام والدفع بالعمل إلى الأمام.
ورداً على سؤال حول جلسة الأربعاء، قالت المصادر: إن جدول الأعمال سيكون أيضاً عادياً ولن يتضمن بنوداً أساسية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن اتصالات بدأت في الـ48 ساعة الماضية على غير مستوى تحضيراً للبدء بورشة التعيينات اعتباراً من النصف الأول من آذار المقبل.

إصرار نواب «المعارضة» على صفقة
أما على صعيد الخلاف الناشب حول مشروع قوننة الإنفاق الحكومي للعام 2011 وإصرار فريق «14 آذار» على ربط إقراره بتسوية فضيحة الـ11 مليار دولار، فقد ترأس الرئيس بري أمس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس ورؤساء ومقرري اللجان، فجددت المواقف كما هي دون أي تقدم يذكر، حيث أصرت المعارضة على الربط بين بند المشروع وتسوية «الفضيحة»، بينما شدّدت الأكثرية على إقرار المشروع وعدم ربطه بالمسألة الأخرى، مؤيدة اجراء البحث فيها من خلال اللجنة التي اقترحها الرئيس بري.
وأجمع النواب على تفويض رئيس المجلس مرة أخرى من أجل مواصلة جهوده لمعالجة تداعيات الجلسة الماضية. غير أن الرئيس بري كان واضحاً في الوقت نفسه بالنسبة لموقفه الذي يرتكز على أن مشروع قانون الـ8900 مليار ليرة هو ملك الهيئة العامة ولا يمكن اللعب في هذا الموضوع، وأنه حريص على العمل من أجل تشكيل اللجنة التي اقترحها لبحث الموضوع الآخر سعياً إلى حله.
وقالت المصادر إنه وفي حال لم يتم التوافق على شيء قبل 5 آذار، فإن المشروع المطروح سيخضع للتصويت إلا في حال سحبته الحكومة.  

السابق
اللواء: تفويض بري باقتراح تسوية للإنفاقات المالية ونيات الحكومة على محك التعيينات القريبة
التالي
مصدر سياسي