الخشية على الثورة

على جوانب كل حدث أو حِراك تاريخي أو ثورة تبرز ظواهر انتهازية وطفيلية تكاد لولا جمال التغيير بحد ذاته، أنْ تفسد كل رونق يحدثه وكل آمال يتم تعليقها عليه.
ومن هذه الظواهر ما نشهد عليه في زماننا الحالي بشكل بات منفّرا ومدعاة انتباه لكثرة ما تُحدِثه من ضجيج سميك بلا أي مضمون واقعي. والحق أنّها وللأسف تمتلك منابر ومواقع ووسائل إعلام، ويبدو أنّ أجهزة «كثيرة» تقف وراءها وتدعمها في محاولة منها لركوب موجة التغيير من جهة، أو حرفها وتحويل مسارها بما يتناسب مع الجهات التي تقف وراءها وتدعمها.

على سبيل المثال، هناك قنوات جديدة جرى استحداثها لتواكب بعض الثورات والانتفاضات التي تحدث في المنطقة، وهذه القنوات التي تزعم دعم الشعب الفلاني أو الشعب الفلاني الآخر الثائر، تساهم بقصد على ما يبدو في تشويه كفاح هذه الشعوب نحو الحرية والتغيير، وذلك من خلال جملة برامج وكلمات وشعارات تبثّها على أنّها للدعم والإسناد، وهي في الواقع ليست سوى تحريضا مذهبيا، ومحاولات توجيه المسار العام عن طريقه الصحيح إلى خلق شروخ وجروح عميقة ليس في المجتمعات المعنية وحسب بل على مستوى المنطقة بأسرها.

لقد بدأت في بعض الحالات «الثورية» العربية نقاشات هامة برفض التحريض الجهوي والقبلي والمذهبي تحت شعار «دعم الثورة».. لكنّ هذا ليس كافيا على اعتبار أنّ قوى الفتنة والظلام أقوى ولديهم إمكانات أكثر من أولئك الحريصين على نقاء التغيير وسلوكه مسلكا نقيا كأرواح وأنفس الشباب الثائر الغاضب الطامح لمستقبل أفضل. والخشية أنّ قوى الثورة المضادة نجحوا وينجحون وسينجحون في الكثير من الدول العربية إذا ظل هذا النقاش مقتصرا على مواقع التواصل الإلكتروني وبعض الوسائل الإعلامية النزيهة غير الخاضعة لجدول أعمال وأجندة.
  

السابق
أزمة سورية أمام ثلاثة امتحانات
التالي
الاخبار: هل تنتقل الأزمة الحكوميّة إلى داخل التغيير والإصلاح؟