الاخبار: حرب داتا الاتصالات ترفع السرّية عن الإعداد لعمليّة اغتيال

كشفت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أمس وجود «معلومات دقيقة» في حوزتها تنذر بالإعداد لعملية اغتيال مسؤول أمني. وفيما بدأت الاتصالات على المستوى السياسي لمتابعة هذه المعلومات، ربطت مصادر معنية بالملف بين رفع السرية عن هذه المعطيات، والخلاف بشأن حصول الأجهزة الأمنية على داتا اتصالات الهاتف الخلوي
أكّد مرجع رفيع المستوى في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أمس أن فرع المعلومات تلقى معطيات «ذات صدقية» تشير إلى إعداد «جهات مجهولة» عملية اغتيال مسؤول أمني كبير. وفي شأن أمني آخر، اندلعت مجدداً أزمة داتا اتصالات الهاتف الخلوي بين بعض الأجهزة الأمنية وبعض السلطتين التشريعية والتنفيذية. المشكلة القديمة التي تعود إلى أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية (حكومة ما بعد اتفاق الدوحة) كانت تخبو ثم تعود إلى السطح من حين لآخر، إلى أن توقفت وزارة الاتصالات عن تزويد الأجهزة الأمنية اللبنانية ببيانات الهاتف الخلوي، ابتداءً من الثالث عشر من الشهر الجاري.

لا علاقة ظاهرة بين المعلومات التي تتحدث عن محاولة اغتيال، وأزمة داتا الاتصالات، لكنّ التدقيق في ما هو متداول بشأن الملفين يُظهر وجود صلة ما بينهما، أو على الأقل، بين «تسريب» الأول، وحصول الثاني.
في قضية الاغتيالات، أورد موقع «الرواد» الإلكتروني أمس خبراً يفيد أنّ قوى الأمن الداخلي أحبطت محاولة اغتيال لرئيس فرع المعلومات العميد وسام الحسن، وعثرت على سيارتين مفخختين في محيط مستشفى أوتيل ديو في الأشرفية، لكنّ الموقع ذاته، سرعان ما نفى ذلك.وفيما أشارت مصادر معنية بالملف إلى أن فرع المعلومات تعمّد تسريب الخبر، نفت مصادر أمنية رفيعة المستوى ذلك، مؤكدة لنا أن اتصالات أجريت مع إدارة الموقع لنفي المعلومات، لكنّ المصادر ذاتها شددت على أن في حوزة فرع المعلومات «معلومات دقيقة جداً» عن الإعداد لعملية اغتيال للعميد وسام الحسن، أو للّواء أشرف ريفي، لافتة إلى أن هذه المعطيات وردت «من دولة أجنبية، ومن الداخل اللبناني». ونفت المصادر في الوقت عينه العثور على أيّ سيارة مفخخة، أو وجود أيّ موقوف، قائلة إن متابعة هذه المعطيات كانت في بدايتها.
وما الرابط بين تسريب هذه المعلومة وقضية داتا الاتصالات؟ يقول مرجع أمني رفيع المستوى إن وزارة الاتصالات تمتنع عن تزويد الأجهزة الأمنية بداتا الاتصالات الكاملة، «مع ما يعنيه ذلك من تعريض أمن الدولة للخطر». ويقول المرجع إن التوقف عن تزويد الأجهزة بالداتا بدأ منذ جلسة لجنة الاتصالات النيابية الأخيرة يوم 17كانون الثاني الجاري، «رغم أن وزير الداخلية يدعو وزير الاتصالات، بإلحاح، إلى تلبية طلبات الأجهزة الأمنية». وقال المرجع إن آخر يوم تسلمت فيه الأجهزة داتا الاتصالات كاملة كان يوم 13 الجاري.
وللنظر إلى ملف الداتا زاويتان. من الأولى، يُقال إن القانون لا يبيح للأجهزة الأمنية الحصول عليها كاملة، وإنّ أخذها بحاجة إلى تعليل. أما من الثانية، فيقال إن القانون يتيح الحصول عليها، وخاصة أنها لا تتضمن لا مضمون الاتصالات، ولا مضمون الرسائل النصية. تعود الأولى لتقول إن حركة الاتصالات لا مضمونها فقط مصونة بموجب القانون. ليعود أصحاب الثانية للفت النظر إلى «الأمن الوقائي». فبحسب مراجع أمنية رفيعة، «ضُبِطَت خلايا إرهابية كثيرة بسبب داتا الاتصالات، قبل أن تنفّذ أيّ عمل إجرامي». وتضيف: «لولا أن داتا الاتصالات كاملة كانت موجودة في حوزتنا، لما أوقفنا أيّ عميل للاستخبارات الإسرائيلية». وترى المراجع الأمنية أنه «لا يمكن تحديد منطقة واحدة في لبنان ليتحرك فيها المشتبه فيهم، حتى نطلب داتا الاتصالات الخاصة بها. ومن أجل ذلك، ينبغي الحصول على الداتا كاملة». ويشير مرجع أمني إلى «أن الأجهزة الأمنية في عدد كبير من الدول العربية، والأجنبية، مربوطة مباشرةً بداتا الاتصالات».
في المقابل، تقول مصادر نيابية معنية بالملف إن «أيّ سوء استخدام لهذه البيانات في دولة أوروبية يعرّض صاحبها لأشد العقوبات. أما في لبنان، فثمة أجهزة أمنية واضحة الانتماء السياسي، وبالتالي، يجب التأكد من حسن استخدام البيانات الموضوعة في عهدتها. وإذا كانت الأجهزة الأمنية بحاجة إلى الداتا، فلتطلب تعديل القانون عبر وزاراتها».
ولا ينفي مرجع أمني أن يكون إعلان وجود معلومات عن الإعداد لعملية اغتيال مرتبطاً بقطع الداتا عن الأجهزة، قائلاً: «ما لدينا من معطيات مخيف، ونريد أن نضع الجميع أمام مسؤولياتهم. وجميع المراجع السياسية الرسمية صارت على بيّنة من هذه المعطيات، وعلى السلطة التنفيذية أن تقوم بواجبها، لأن البلد لا يحتمل أي خضة أمنية».
أين الحل؟ وزير الاتصالات نقولا صحناوي أكد لـ«الأخبار» أنه لم يعد يزود الأجهزة الأمنية بداتا الاتصالات كاملة منذ جلسة لجنة الاتصالات النيابية الأخيرة، مشدداً على أنه مستمر في تلبية الطلبات الهادفة إلى الحصول على داتا محددة جغرافياً وزمنياً. وقال صحناوي إن حل هذه المشكلة يكون عبر ربط الأجهزة مباشرةً، من خلال غرفة التحكم التابعة لوزارة الداخلية، بداتا الاتصالات، وتنتفي حينذاك أيّ حاجة إلى الطلبات، لكنّ وزير الاتصالات لفت إلى أن تنفيذ مثل هذا المشروع بحاجة إلى فترة زمينة تتجاوز ستة أشهر كحد أدنى، وإلى إرادة سياسية ونص قانوني، فضلاً عن تعاون جميع المعنيين في القطاع، وفيما استمرت الاتصالات بين وزيري الداخلية والاتصالات حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، جزم الصحناوي بأنه سيلبي «أي طلب للحصول على داتا الاتصالات إذا كان مرتبطاً باحتمال وقوع أحداث خطيرة».  

السابق
الجميل ـ جعجع مقطوعة
التالي
رسائل تهديد إسرائيليّة للبنان