أشياء كثيرة تحدث معنا أثناء النوم… وهذه هي اسبابها

ليس الأرق وحده المشكلة الأساسية التي قد تعانيها في الفراش، فحتى عندما تغمض عينيك قد تكون عرضة لمشكلات عدة. فكيف السبيل إلى نوم هانئ وصحي؟ وعبر أي أساليب تواجه النوم الخفيف والكوابيس وانقطاع التنفس؟ وماذا عن الانتصاب الصباحي؟

النوم هو إيقاع بيولوجي مهم عند كل الأفراد، وتقدر فترته في حياة الإنسان بنحو 25 سنة. وفيما يعاني 55 % من سكان الشرق الأوسط تقريباً من مشكلات في النوم، فإنّ نوعية نومنا تؤدي دوراً محورياً في حياتنا وأدائنا، وقد تنعكس سلباً على قدرتنا في التركيز وإحساسنا بالألم وصولاً إلى الهلوسة وأمور أخطر من ذلك.

من هنا، كان لـ”نهارك” لقاء مع جراح الدماغ والأعصاب والاختصاصي في مشكلات النوم الدكتور ايلي الباشا، توقفنا خلاله مع نقاط جوهرية يجب أن نعرفها قبل أن نغمض عيوننا، ونقاط أخرى تتحمور على مشكلات واضطرابات قد تعترضنا أثناء النوم.

ساعة وخمس مراحل
عندما ينام الإنسان يمرّ بخمس مراحل: النعاس، النوم الخفيف، النوم العميق، الحلم وصولاً إلى مرحلة الـREM (Rapid Eye Movement). وعندما يخلد عادةً الى النوم، يمر بأول أربع مراحل حتى يصل إلى الـREM بعد نحو100 دقيقة. وعند الحديث عن النوم، يجب أن نتوقف عند الساعة البيولوجية المسؤولة عن تنظيم إيقاع النوم، والموجودة أصلاً في الدماغ والتي تتأثر بعوامل جمة أهمها: الضوء والحرارة. فعندما يخف الضوء ويحل الظلام، يفرز دماغنا مادة الـ”ميلاتونين” (Melatonin)، المسؤولة بدورها عن الإحساس بالنعاس. من هنا، فإنّ طريقة تعاملنا مع العنصرين السابقين تؤدي دوراً جوهرياً في نوعية نومنا.

النوم الخفيف والثقيل
يشكو كثيرون من مشكلة النوم الخفيف، فتراهم يستفيقون لدى أقل إزعاج أو صوت، بينما يعاني آخرون نوماً ثقيلاً ويجدون صعوبة في الإستيقاظ حتى إذا زاد الضجيج من حولهم. ويشير الدكتور باشا الى أن فترة النوم تنقسم وفق التسلسل الآتي: 2 % نعاس، نحو60 % نوم خفيف، نحو 20% نوم عميق، ونحو 20% حلم. من هنا، فإن نسبة النوم الخفيف تزيد عند الذين يعانون نوماً خفيفاً، فيما تنخفض عند أصحاب النوم العميق، فيعوضون عنها بزيادة نسبة هذا الأخير. أما أسباب المشكلتين، فتعود إلى عوامل وراثية أو إلى نوعية الطعام. لذا، يشدد على ضرورة ألا تتجاوز فترة القيلولة بعد الظهر ال 15 دقيقة تقريباً، لأننا سنتجاوز حينها مرحلتي النوم الخفيف والعميق إلى مرحلة الحلم التي ترهق القلب عادة، وتجعله يدق بسرعة، بخلاف فترة النوم العميق التي تريحه. وهكذا، فإن الاستيقاظ خلال فترة الحلم تؤثر سلباً في المزاج. وتالياً، قد يرهقنا النوم بعد الظهر أكثر مما يريحنا.

الإفراط في النوم
من ضمن المشكلات الصحية التي يوليها الدكتور باشا أهمية قصوى ويعتبرها مؤشراً خطراً على صحة الإنسان، كثرة النوم أو الـ Hypersomnia. ووفقاً لبعض الأرقام الصادرة عن مؤسسات عالمية للنوم، فإن نحو 40 % من الأشخاص يعانون من الإفراط في النوم. وهذه الحالة تعتبر أخطر من قلة النوم، كونها تؤثر سلباً في نشاط قلب الإنسان ومزاجه، وهي تأتي جراء عوامل عدة، منها الجينية ومنها العاطفية. كذلك، قد ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسمنة، وتتعلق أحياناً بمشكلات الغدة الدرقية التي تكون إفرزتها قليلة فتزيد نسبة النوم.

الانتصاب الصباحي
يتساءل كثيرون عن مسألة إنتصاب العضو الذكري عند الاستيقاظ من النوم ومدلولاته. وهنا، يؤكد الدكتور باشا أن هذه العملية طبيعية وصحية، إذ يختبر الرجال حالات متعددة من الإنتصاب في دورة النوم الليلي. وهذا الإنتصاب يأتي نتيجة إزدياد نسبة هرمون الـ”تستوسترون” الذكوري في الدم أثناء الصباح، وضخه تالياً في العضو الذكري. ولهذا الإنتصاب، في أحيان كثيرة، علاقة بنوعية الحلم، مما قد يؤدي إلى الأحلام الرطبة (الاحتلام) أي حصول حالة قذف أثناء النوم. أضف إلى ذلك، أن الرجل الذي يتوقف عن ممارسة العلاقات الجنسية لفترة، قد يختبر حالة القذف أثناء النوم بسبب بعض الأحلام المثيرة، كوسيلة بيولوجية لتفريغ مخزون السائل المنوي وتجديده.

وفيما يشكل الانتصاب الصباحي مصدراً أساسياً لزيادة وصول كمية الدم إلى العضو الذكري لتغذيته، فإن الجسم ينشئ حالات إنتصاب عدة أثناء الليل بغية المحافظة على صحة القضيب.

وبشكل متصل، يلفت إلى أن الإنتصاب الصباحي من جهة، وارتفاع الهرمون النسائي (“استروجين”) عند النساء في الصباح من جهة ثانية، هما عاملان يؤكدان أهمية إقامة العلاقة الجنسية في الصباح وليس أثناء الليل، بعد يوم شاق وطويل في العمل. فضلاً عن أن معدل الهرمونات في الدم يكون في أعلى مستوياته، فإن نوعية العلاقة الجنسية قد تتحسن، وخصوصاً أن طاقة الشريكين تتجدد بعد ساعات النوم الليلي. أضف إلى كل سبق، فإن الجماع الصباحي يساعد في تعديل إفراز الهرمونات المسؤولة عن تحديد المزاج.
ولكن، هل ثمة ما يدعو الى القلق عند الرجل الذي ينهض صباحاً من دون أي حالة انتصاب؟ يلفت الدكتور باشا إلى أن المسألة لا تستدعي القلق عند الرجل الذي يختبر حياة جنسية طبيعية، إلا إذا تعدت الأسابيع الستة. حينها، يجب استشارة الاختصاصي.

اضطرابات النوم
– Sleep Apnea أو فقدان التنفس أثناء النوم: قد يتعرَض الشخص الذي يشخر بصوتٍ عالٍ، في فترات صمت متقطعة وقصيرة الى حالة مماثلة. هنا، يتوقف النفس لفترة تراوح بين العشرين ثانية والدقيقتين، مما يؤدي إلى إيقاظ النائم لتنشّق الهواء والأوكسجين. وفيما تكرر هذه المشكلة أحياناً مئات المرات أثناء الليل، قد يعود سببها إلى توقف الدماغ عن إرسال الإشارات إلى الحجاب الحاجز (العضلة المسؤولة عن التنفس)، أو إلى إنسداد الممر العلوي للهواء. وتبقى استشارة طبيب متخصص شرطاً أساسياً لمواجهة أزمة صحية مماثلة.

– Narcolepsy أو ما يعرف بهجمات النعاس: واحدة من مشكلات النوم الأكثر خطورة. قد تحصل هذه الهجمات في أي زمان ومكان، وتستمر من دقائق الى النصف ساعة تقريباً. ضحاياها يمكن أن يناموا بينما هم واقفون، أويتكلمون، وحتى أثناء ممارستهم قيادة سياراتهم. وفيما يعد هذا المرض وراثياً، فإن الإثارة العاطفية المفرطة، وخصوصاً الضحك، قد تؤدي الى حصول هجمة مماثلة. واستشارة الطبيب هنا أيضاً حتمية.

قبل أن تنام… نوماً هنيئاً
– تناول العشاء قبل نحو ثلاث ساعات من النوم، وخصوصاً المأكولات التي تحتوي على النشويات، إذ أن عملية هضمها تنتج الطاقة وترفع حرارة الجسد وتتغلب تالياً على النعاس. في المقابل، ثمة أطعمة يمكن تناولها قبل النوم مباشرة، وهي تحتوي على مادة الـ”تريبتوفان” الذي سرعان ما تتحول داخل الجسم إلى مادة الـ”ميلاتونين”، فتساعد في النوم. من هذه الأطعمة، البلح، التفاح، الزعتر والحبش.
– تجنّب أي مشروبات أو مأكولات تحتوي على الكافيين بعد الرابعة بعد الظهر.
– تجنّب الكحول قبل ثلاث ساعات من النوم: صحيح أن الكحول تعطي شعوراً بالنعاس، ولكن عندما يبدأ مفعولها بالزوال من الدم تمدك بالنشاط!
– إتبع نظاماً رياضياً للمحافظة على رشاقة جسدك. ولكن، حذار إجراء التمارين الرياضية قبل نحو ثلاث ساعات من موعد النوم، لأنها ترفع من حرارة جسمك وتزيد من إنتاج طاقته، مما يمنعك من النوم فوراً.
– حدد ساعة النوم والإستيقاظ دائماً.
– إستعمل غرفة النوم فقط للنوم وممارسة الجنس. تعوّد على القيام بالنشاطات الأخرى خارج هذه الغرفة.

الأكل، مشاهدة التلفزيون، الدرس وإستعمال الحاسوب…
– إبدأ بالتحضير للنوم قبل ساعة من موعده، فلا تنهك نفسك بالدرس أوالعمل أوحتى مشاهدة برامج حماسية.
– حاول جعل حرارة الغرفة معتدلة، وابقِ الضوء فيها قاتماً. وإذا لم تشعر برغبة في النوم، لا تجبر نفسك على ذلك، لأنك تكون قد جعلت عقلك يقظاً. لذا، وفي حال مماثلة، قم من الفراش وإقرأ كتاباً بسيطاً لا يستدعي الكثير من التركيز.

الكوابيس
فضلاً عن كونها أحلاماً مزعجة، فإن الكوابيس قد تتزامن مع مشاعر جياشة من الخوف، الرعب والإحساس بعدم الراحة. تحدث الكوابيس عادة في القسم الثاني من فترة النوم، مما يسبب عادة بنهوض النائم، وتذكّره لتفاصيل من الكابوس. ويؤدي التقدم في العمر دوراً محفّزاً للكوابيس، كذلك الأمر بالنسبة إلى المرور بمشكلة عاطفية معينة، الإسراف في شرب الكحول، تعاطي بعض الأدوية أو حتى الإقلاع عن بعضها، التعب اليومي أو مشكلات التنفس أثناء النوم.

السابق
طارق متري: نتطلع إلى أن تستعيد مصر دورها العربي
التالي
الرئيس سليمان: نؤكد عزمنا على مواصلة الحوار للمحافظة على سلامة اللبنانيين