فرنجيّة وحيداً في الدفاع عن غصن

لم يكن المؤتمر الصحافيّ للنائب سليمان فرنجيّة الذي حاول فيه الدفاع عن «قاعدة» وزير الدفاع، موجّهاً ضدّ فريق 14 آذار، بل عبره ليصل الى رئيسَي الجمهورية والحكومة، والأكثر تحديداً لكي يتناهى إلى أسماع الجيش قائداً ومديريّة مخابرات.

ليس من شكّ أنّ النائب فرنجيّة عرف بالتواتر أنّ وزير الدفاع كان خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أشبه بمحامي نفسه، كان وحيداً الى درجة انّ العماد جان قهوجي امتنع عن التأكيد على وجود القاعدة في لبنان، هذا فضلا عن رئيسي الجمهورية والحكومة ورؤساء الاجهزة الذين تناغموا في موقف واحد مناقض لما جاء به وزير الدفاع، وفي البيان الختاميّ لم تؤتِ جهود الوزير لتضمين فقرة توحي بوجود القاعدة ثمارا، فصدر خاليا من الادّعاءات.

وإزاء هذا الصدّ من الحلفاء المفترضين وجد النائب سليمان فرنجيّة نفسه وحيداً ومضطرّاً للدفاع عن وزير الدفاع، ولو كان هذا الدفاع مكلفاً من زاوية الاضطرار الى توجيه اللوم ضمنا الى المؤسّسة العسكريّة، كما الى المجاهرة بدعم النظام السوري مع تجاوز حدود خطّ العودة، تماما كما يفعل العماد عون الذي وجد في كلام غصن تعزيزاً لمنطقه القائل بربط النفس والمصير بالنظام السوري، "فإذا انتصر ننتصر معه وإذا سقط نبقى في أماكننا".

غير أنّ النبرة العاتبة على الشركاء للنائب فرنجيّة ما كان يجب ان تظهر كما ظهرت في المؤتمر الصحافي، فهؤلاء الشركاء بدأوا بأخذ مسافة بعيدة نسبيّا عن النظام، وهم يقومون منذ فترة بقياس دعمهم له بميزان الذهب تحسّباً للآتي، ويكاد الرئيسان سليمان وميقاتي يتشابهان الى التماثل في التعاطي مع الملفّ السوري، فهما يحاولان قدر المستطاع التخفيف من أثقال الدعم المباشر، كما أنّهما يخضعان الملفّ السوري لمعاينة يوميّة تطلق على أساسها المواقف حسب تطوّر الاحداث في سوريا، أمّا فرنجية فإنّه يضع كلّ ما يملك في كفّة واحدة، وهو ربّما لم يتردّد، وبناء على طلب سوري حمله على الأرجح المحامي يوسف فنيانوس، بإعطاء الضوء الأخضر للوزير غصن بالإعلان عن وجود القاعدة في عرسال قبل يومين فقط من التفجيرات المريبة في دمشق، وكان هذا الطلب الذي تمّت تلبيته مستنداً أراد النظام السوري الاثناء عليه لتأكيد رواية تورّط القاعدة في تفجيرات دمشق، ولتصوير أنّ الثورة السوريّة هي عبارة عن مجرّد أصولية سنّية يقف وراءَها التكفيريّون.

وإذا كان النائب سليمان فرنجية بجرأته المعهودة لم يستطع ان يقول بشأن شركائه في الحكومة الحقائق كما هي، فإنّه لا ريب يعلم انّ انتقاده لوزير الداخلية كان تصويبا في غير مكانه، كون الوزير نفى وجود القاعدة بطلب من رئيس الجمهورية، (قبل أن يطلق بالأمس موقفا معدلا في هذا الموضوع)كما أنّه يعلم انّ قيادة الجيش التي حثّها على اعلان ما لديها، ليست في موقع صرف رصيد المؤسّسة العسكرية كلّما لاحت لبعض الاطراف فكرة اختراع سيناريوهات للتوظيف في الملفّ السوري او غيره من الملفّات، خصوصا إذا كانت هذه السيناريوهات مبنيّة كما سرّب وزير الدفاع على أنّ لدى مديريّة المخابرات تحليلاً للاتّصالات الهاتفيّة كشف وجود عناصر قاعدة في عرسال، عند ذاك يصبح وزير الدفاع والمؤسّسة العسكرية ملزمين بإحالة الملفّ الى القضاء، لأنّ أيّة معلومة مستندة الى تحليل الاتّصالات ستكون جديرة بالتوقّف عندها، سواء كان التحقيق في ملفّ الإرهاب والقاعدة أم في ملفّ كشف عملاء الموساد، أم في ملفّ الاغتيالات السياسيّة التي بدأت منذ العام 2005.   

السابق
اللتيّار يقفل مستوصفين
التالي
الوسوف ينفي والراي الكويتية تؤكد تصريحاته الداعمة للأسد!