الاخبار: الحكومة تستقبل العام الجديد بـ 3 ملفات كبيرة

الجلسة الأخيرة للحكومة في العام المتأهب للرحيل، مرت بهدوء ومعايدات وجردة بالإنجازات والتطورات، وبقرارات سلفات خزينة وقبول هبات. لكن الجلسة الأولى في العام الجديد ستكون على موعد مع استحقاقين يضعهما فرسانها الثلاثة: حزب الله والتيار الوطني وأمل، على جدول الأولويات، هما الموازنة وشهود الزور
كما كان متوقعاً، مرت الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء هذا العام، كما هندسها أطرافها الرئيسيون، ولولا حلول التطورات الأمنية كضيف طارئ على طاولة مناقشاتها، لكانت شبيهة بجلسة «الصورة التذكارية» التي عقدتها الحكومة بعيد تأليفها، وخصوصاً أن الغائب الوحيد عن جلسة أمس كان الوزير مروان خير الدين بديل النائب طلال أرسلان الذي غاب عن جلسة الصورة
الحدث أمس، لم يكن في جلسة بعبدا الحكومية، بل جاء من السرايا، حيث عقدت اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف النفط، اجتماعها الدوري برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وحضور أعضائها وزراء: الصحة علي حسن خليل، المال محمد الصفدي، الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش، الطاقة والمياه جبران باسيل، والعدل شكيب قرطباوي. وبعد الاجتماع زفّ باسيل «خبراً ساراً إلى اللبنانيين»، هو اتفاق اللجنة على إحالة المراسيم التطبيقية لقانون التنقيب عن النفط التي أعدتها وزارة الطاقة، على الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء في 4 كانون الثاني «على أمل إقرار الحكومة لها».
كذلك أعلن باسيل الاتفاق على اعتماد المداورة في رئاسة هيئة إدارة قطاع النفط، «ما يكسر حواجز نفسية وطائفية وسياسية ويسمح بمبدأ التداول، وإن شاء الله إذا نجحنا بذلك، يمكن اعتماد هذا المبدأ لاحقاً في وظائف الفئة الأولى». وأمل «أن تبقى الحكومة على التزامها بإطلاق دورات التراخيص للفصل الأول من سنة 2012، لأنه ليس المهم فقط أن نصدر الأنظمة، بل المهم أن نطلق عملية التنقيب لنحول الثروة النفطية من ثروة سوداء إلى ثروة بيضاء». وأكد اكتمال الاستعدادات «ويبقى أن نطلق عملية التنقيب، وهي مسؤولية كبيرة تدل على جدية الحكومة اللبنانية وجدية لبنان في التعاطي مع هذا الملف».

في بعبدا… جلسة وغداء

أما جلسة مجلس الوزراء، فبدأت قبيل ظهر أمس، بالخلوة المعتادة بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة، وانتهت بالغداء التقليدي الذي يقيمه رئيس الجمهورية للوزراء عشية نهاية كل عام. وما بين الخلوة والغداء، كانت معايدات، وكلمة لسليمان أوجز فيها ما أنجزته الحكومة في 34 جلسة عقدتها عام 2011. ثم كلمة لميقاتي عما شهده العام الراحل من تطورات في عدد من الدول العربية، وموقف لبنان تجاه هذه التطورات بما يبقيه «بعيداً عن تداعيات ما يحصل». وأبدى الارتياح لأن «المبادرة العربية تشق طريقها في سوريا ويلقى المراقبون العرب التعاون اللازم من السلطات السورية»، معلناً دعم لبنان لمهمة المراقبين، وتطلعه إلى أن ينجزوا «عملهم في أسرع وقت ممكن لإطلاق المرحلة الثانية من الحل العربي وتتضمن رعاية حوار وطني جامع يرسم الإطار الصحيح لإنهاء الأزمة».وإذ أقر ميقاتي بأن الحكومة لم تستطع إنجاز كل ما كانت تتطلع إلى تحقيقه، قال إنها حققت الكثير «في مجالات عدة سياسية وإنمائية واقتصادية، وأثبتت صدقيتها في التعاطي مع كل الملفات الدقيقة داخل لبنان وخارجه، وكانت أمينة للالتزامات التي أوردتها في بيانها الوزاري، فاكتسبت احترام المجتمع العربي والدولي وأسقطت عملياً كل ما سيق ضدها من اتهامات ونعوت وأوصاف». وأمل أن يشهد الأداء الحكومي مع إطلالة العام الجديد المزيد من الزخم والاندفاع، بعيداً «عن المزايدات والخلافات والرغبة في تسجيل مواقف يمكن إدراج بعضها في خانة الاستثمار السياسي الشعبوي». وقال: «إننا أمام جملة من الاستحقاقات تنتظرنا في الآتي من الأيام، وكلما كنا في الحكومة على جهوزية تامة لمواجهتها والتعاطي معها، استطعنا أن نتجاوز سلبياتها. أما إذا انكفأنا أو تشتتت مواقفنا، فإن انعكاسات هذه الاستحقاقات ستكون كبيرة علينا». وأعلن دعمه القوي للعودة إلى طاولة الحوار.
وإلى إقرار مجلس الوزراء للعديد من بنود جدول أعماله الـ37، ومعظمها يتمحور حول سلفات خزينة لإدارات عامة وقبول هبات وطلبات مشاركة في اجتماعات خارج لبنان، فرضت التطورات الأمنية نفسها بقوة على الجلسة، حيث تحدث رئيس الجمهورية عن عبوة صور ومقتل 3 شبان في بلدة المقيبلة في وادي خالد، مؤكداً أنه طُلب من السلطات المختصة تقصي الحقائق في الحادثتين، وشدد «على ضرورة إجراء التحقيقات من الأجهزة المختصة لاتخاذ كافة الإجراءات القضائية اللازمة».
كذلك نوقش في الجلسة ما أثاره وزير الدفاع فايز غصن عن تسلل عناصر من تنظيم القاعدة. وقال غصن خلال النقاش: «أنا لم أتهم عرسال، بل تحدثت عن معلومات وردتني من الأجهزة المعنية عن دخول أشخاص محددين من القاعدة إلى لبنان. لكن كلامي جرى تحويره، وتعرضت لحملة قاسية»، في وقت لفت فيه عدد من الوزراء إلى وجود تناقضات في ما قيل عن هذا الموضوع؛ إذ إن وزير الدفاع أدلى بشيء ليعود وزير الداخلية ويدلي بشيء مناقض ثم يتحدث وزير الخارجية بأمر ثالث. وطالب هؤلاء بتوضيح القضية لتكون معلومات الحكومة موحدة. أما الوزير محمد فنيش، فتحدث عن الخطاب السياسي الذي أثير حول هذه القضية، مذكراً بما جرى في عرسال عندما حاولت دورية من الجيش توقيف أحد المطلوبين (وهو ليس من البلدة)، فتعرضت لهجوم وإحراق سياراتها. وقال إن الجهات السياسية التي «غطت عملية الهجوم على الجيش عبر اتهام حزب الله زوراً بتنفيذ عملية الدهم، هي ذاتها التي شنت حملة على وزير الدفاع، مطالبة الجيش بتوقيف المطلوبين إذا كانت معلوماته صحيحة».
وكان ميقاتي قد ذكّر في لقاء مع الإعلاميين المعتمدين في السرايا، بحادثة عرسال التي أشار إليها فنيش، ليقول إن المطلوب «ربما مرتبط بتنظيم إرهابي دولي، لكن لم ترد معلومات عن وجود جماعات منظمة أو تنظيم معين، وليس هناك أدلة ثابتة على وجود تنظيم القاعدة في عرسال»، سائلاً عما إذا كان هناك «أدلة على وجود ارتباط بين الموجودين في لبنان وتنظيم القاعدة الأساسي؟». ورأى أن «الحديث عن وجود معلومات لا يعني أنها باتت حقيقة قائمة، ولا يجوز التعاطي مع هذا الموضوع الحساس والدقيق على نحو يضر بلبنان». ورأى ميقاتي في مجال آخر أن موضوع سحب السلاح من بيروت «يحتاج إلى آلية عسكرية ووفاق سياسي لتنفيذه، ولا يمكن الحكومة أن تقوم به وحدها».
وفيما ذكر ميقاتي أن أول ما سيقوم به مطلع العام الجديد هو الاجتماع مع رئيس مجلس الخدمة المدنية لوضع خريطة لكل التعيينات، وقال إن ملف شهود الزور «موضوع خلافي، فلا ضرورة لفتحه الآن»، أفادت مصادر الحلف الثلاثي: حزب الله، أمل والتيار الوطني الحر، بأن أولوية هذا الحلف في العمل الحكومي مطلع العام الجديد ستكون ملفي الموازنة وشهود الزور، وتأجيل التعيينات إلى حين التوافق مع رئيس الجمهورية.
وإذ علم أن المجلس الأعلى للدفاع سينعقد اليوم، لبحث موضوع عرسال والقاعدة وحادثة المقيبلة والأمن عموماً، كان تيار المستقبل يشن حملة عنيفة على الحكومة من باب استنكار مقتل الشبان الثلاثة في وادي خالد وكلام وزير الدفاع عن عرسال، فحمّل الرئيس سعد الحريري في تصريح أمس الحكومة «مسؤولية ما يتعرض له المواطنون اللبنانيون والسيادة اللبنانية جراء الاختراقات السورية المتكررة للمناطق الحدودية»، مطالباً باتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المواطنين «ومنع حدوث مثل هذه الاختراقات المستنكرة». ثم في دردشة على موقع تويتر غمز الحريري من قناة حزب الله، بالقول إن الحزب «لم يعلق على مقتل الشبان الثلاثة في وادي خالد لأنه مشغول بشهود الزور». بينما طالب الرئيس فؤاد السنيورة السلطات الرسمية «بأجوبة سريعة وفورية عن أسباب تخطي الحدود الشمالية للبنان وإطلاق النار واغتيال مواطنين لبنانيين ضمن الأراضي اللبنانية»، وكذلك بـ«قرارات صارمة بحماية الحدود اللبنانية من أية انتهاكات وتعديات».
ولفت إلى أن مطالب عدد من نواب المستقبل تجاوزت بكثير سقف ما طالب به زعيم التيار ورئيس كتلتهم، فراوحت مطالبهم بين استدعاء السفير وإبلاغه شجب لبنان لما حصل في المقيبلة، وصولاً إلى «توسيع عمل قوات الأمم المتحدة ليشمل الحدود الشمالية»، وإلى وضع قتل الشبان الثلاثة «في إطار عمل المراقبين العرب أو حتى تقديم شكوى إلى مجلس الأمن». ووصل الأمر بثالث إلى القول إنه «لا تفرقة في الاعتداءات العسكرية بين جيش صديق وجيش عدو»، فيما توافق عدد من النواب على مساءلة وزير الدفاع في لجنة الدفاع النيابية.

وادي خالد شيعت قتلاها الثلاثة

شيعت وادي خالد أمس، الشبان الثلاثة: ماهر علي الزيد من قرية المجدل، وابني عمه الشقيقين أحمد وكاسر حسين الزيد من قرية هيت الواقعة ضمن الأراضي السورية اللذين كانا قد نزحا منها وأقاما في منزل عمهما علي الزيد في المجدل، فيما لا تزال الروايات متضاربة بشأن ما حصل. فمختار المجدل، مصطفى المصطفى، روى أن المغدورين كانوا متوجهين من المجدل باتجاه المقيبلة «وعلى الطريق العام، تعرضوا لوابل من الرصاص من كمين داخل الأراضي اللبنانية»، متحدثاً عن احتمال وجود شخص رابع استدرج الثلاثة إلى موقع الكمين. فيما ذكر مختار المقيبلة أن إطلاق النار كان كثيفاً ودام قرابة ثلث ساعة «الأمر الذي حال دون تمكن الناس من معرفة تفاصيل الحادثة».  

السابق
السفير: القاعدة تشغل الدولة والقاعدة الشعبية محبطة
التالي
الجمهورية: تخوّف من تزاوج التوتّر الأمني بين الجنوب والشمال والبقاع استدعى انعقاد مجلس الدفاع الأعلى