ماذا يعني تأييد قوى حكومية إضراب العمال؟ قوى 8 آذار في مأزق وإرباكات

 دحض التمويل الذي تقدم به القطاع المصرفي للمحكمة الخاصة بلبنان من خلال تقديم المال هبة الى هيئة الاغاثة في خطوة بدت كمسعى الى اكتساب القطاع حماية في وجه ما يتهدده على رغم ان لا قرار دوليا او اميركا باستهدافه باي طريقة، الاقتناع الذي عممته قوى 8 آذار في الاشهر الاخيرة في معرض رفضها تمويل المحكمة على اساس ان ما تقوله العواصم الكبرى في هذا الشأن لا يتعدى التهويل وان هناك جهوزاً للمواجهة . واظهرت هذه المساهمة مدى سهولة انكشاف خاصرة حساسة للبنان لا تملك قوى 8 آذار اي خطط او استعدادات لمواجهتها، بل على العكس فان بعض مقوماتها قد تتسبب بالتضييق على عمود اساس بل على العمود الفقري للاقتصاد اللبناني وظهر ان تمويل المحكمة قد جنب الاقتصاد انعكاسات خطيرة كانت ستقع مسؤوليتها على هذه القوى باعتبارها صاحبة القرار في رفض التمويل. وهذه المقاربة يتبين مدى الاخطاء التي ترتكبها هذه القوى والتي تظهر في الممارسات اليومية للافرقاء المشاركين في الحكومة. فموضوع زيادة الاجور مثلا الذي فجر ما فجره في مجلس الوزراء بين افرقاء الصف الواحد، اضاع مرة جديدة بعد اقراره اي مكسب للحكومة عموما ولافرقائها خصوصا لدى الرأي العام اللبناني. اذ ان القرار السابق لزيادة الاجور ساهم في ارتفاع الاسعار.
وتعتبر مصادر وزارية ان الاضراب الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام الاسبوع المقبل هو بمثابة رسالة الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اكثر منها تعبيرا عن اعتراض على وضع اجتماعي او اقتصادي ما. اذ ان الاتحاد تحركه قوى 8 آذار من "حزب الله" وحركة "امل" وسواهما. ويطرح هذا التحرك تساؤلات اساسية تتصل باصحاب الدعوة الى الاضراب واي خطاب سيعتمد وفي وجه من؟
واللافت في هذا التحرك ان ما كان ممنوعا قبل اقل من شهرين حين سارعت الحكومة الى اقرار زيادة متسرعة للاجور تجنبا للنزول الى الشارع خوفا من حصول امر ما كان يخشاه الحزب بات متاحا راهنا. وهذه المتغيرات ليست الا التمويل الذي فرضه الرئيس ميقاتي من خلال وضعه معادلة بقاء الحكومة في مقابل تمويل المحكمة، والتي اضطر الحزب الى السير بها.
الا ان هناك جانبا آخر من هذا المأزق يعبر عنه ما وصلت اليه الامور بين الحزب وحليفه المسيحي، اذ ان الحزب الذي جاهر امينه العام اكثر من مرة بتأييد مطالب "التيار الوطني الحر" لم يتنبه في معرض هذا التأييد الى مدى المطالب التي يمكن ان يتقدم بها زعيم التيار الذي يذهب عادة بعيدا في رفع سقف مطالبه . وحين تصرف الحزب بواقعية في مجلس الوزراء موافقا على المشروع الذي تقدم به الرئيس ميقاتي على رغم ان مصادر وزارية تقول ان هناك التباسا حصل في الاعتقاد ان رئيس الحكومة حصل على موافقة الاتحاد العمالي على ما طرحه في حين ان هذه الموافقة لم تكن شاملة، وفق ما ظهر لاحقا، او ليست وفق المعايير التي ترضي الاتحاد، فانه اصطدم بمطالب عون المبالغ فيها. وهذه ليست المرة الاولى يرتبك فيها الحزب في الآونة الاخيرة باعتباره واجه ايضا في الاسبوع الماضي القضاء اللبناني الذي قال كلمته في موضوع متهمين بالعمالة لاسرائيل، بحيث لم ترق الحزب، وقد اربك ايضا نتيجة لسكوته عن تخفيف العقوبة في حق العميد فايز كرم بحيث اسقط في يده في ملف يعتبره اساسيا وحيويا بالنسبة اليه. ولذلك بدا كلام النائب نواف الموسوي تعبيرا عن كل ذلك معا، علما ان ما تم محوه من النصوص لا يفيد بمحوه ايضا من النفوس، وفق ما تقول مصادر وزارية، ولو ان رئيس مجلس النواب نبيه بري احسن اخراج الازمة التي حصلت في مجلس النواب في حين ان الحزب لم يقدم اجوبة مقنعة عن موضوع شبكته في ترشيش في ظل عدم قدرته على تبريرها ولا على متابعتها ايضا خشية التسبب بمشكلة كبيرة في البلد، مما اربكه ومعه حليفه المسيحي الذي برر له مد الشبكة وسبق لزعيمه العماد ميشال عون ان هدد بسببها باحتمال حصول 7 ايار آخر. 

السابق
بين الراعي وحارة حريك.. براغماتية مكمّلة للانعطافة البطريركية
التالي
هل يدفع بوتين ثمن تأييده الأسد؟