الحياة: مهرجان حاشد للمستقبل في طرابلس يدعم المحكمة ويحمل على السلاح والحكومة

شكّل المهرجان السياسي الذي أقامه «تيار المستقبل» في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس أمس، لمناسبة الذكرى الـ68 لاستقلال لبنان تحت عنوان «خريف السلاح… ربيع الاستقلال»، منصة لإطلاق مجموعة من المواقف السياسية الداخلية والإقليمية، وحملت الخطابات انتقاداً قاسياً للحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي ولـ «حزب الله» و «المقاومة»،

وغمزت من قناة «التيار الوطني الحر» في ظل تذكير بأحداث 7 أيار (مايو) 2008. وأجمع الخطباء على تأكيد أن تمويل المحكمة الخاصة بلبنان ليس منة من أحد، وانتقدوا موقف الحكومة من المبادرة العربية، معلنين دعمهم للربيع العربي في سورية، وللشعب السوري في وجه النظام.

وقبل ساعات من بدء الاحتفال عند الثانية والنصف بعد الظهر، غصت القاعة التي تتسع لنحو 30 ألف شخص بالحاضرين الذين جاؤوا بمعظمهم من مناطق الشمال، فيما توزع عشرات الألوف في الباحة الخارجية المحيطة بمكان الاحتفال، حاملين أعلام لبنان والعلم السوري القديم الذي لفت به مداخل القاعة والباحة الخارجية (الأخضر والأسود تتوسطهما ثلاث نجمات) كما رفعت أعلام تركيا والسعودية وقطر ورايات «المستقبل» وصور الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري والرئيس رفيق الحريري، ولافتات دعم لقوى 14 آذار وللشعب السوري ولافتة كتب عليها: «شكراً قطر… شكراً آل حمد»، وأخرى ضد الرئيس السوري بشار الأسد والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله.

وكان الجيش والقوى الأمنية نفذوا انتشاراً واسعاً استعداداً للحدث، وفرضوا طوقاً أمنياً على طرابلس وجوارها، فلم تسجل أحداث أمنية تذكر، باستثناء احتكاكين محدودين الأول في باب التبانة والآخر في ساحة التل جرى تطويقهما بسرعة، في حين سجل إطلاق نار ابتهاجاً في باب التبانة.

واستهل الاحتفال بالنشيد الوطني، ثم بأغنية عن «الربيع العربي» كتب كلماتها الزميل فيصل سلمان، ثم عرض فيلم عن الاستقلال لاقاه الجمهور بهتاف: «الشعب يريد إسقاط السلاح». ثم قدم الزميل جورج بكاسيني عرّيف الاحتفال للخطباء.

وتوالى على المنصة النواب محمد كبارة تلاه سمير الجسر فمروان حمادة ثم بطرس حرب، وأخيراً تلا رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة كلمة الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري.
 
كبارة

وذكّر كبارة بأحداث 7 أيار، مؤكداً أنه «لا يوجد في لبنان شيء اسمه مقاومة، لأن من احتل بيروت ليس مقاومة». وشدد على ضرورة «إنجاز إسقاط السلاح المجرم المتهم باغتيال الشهداء، كما اغتال بيروت وتربع على عرشها». وقال: «من يرسل مسلحين بسيارات رباعية الدفع علناً إلى سورية لضرب شعبها ليس مقاومة، ومن يرسل ضابط مخابرات أسدياً ليراقب بكركي وطريقها وزوارها فيقتل ضحية شابة مؤمنة هو أيضاً ليس مقاومة، بل ممانعة متآمرة على لبنان».

واعتبر كبارة أن «الأسد في سورية يترنّح، والطاغية في لبنان يتبجح والاستقلال استبيح وما تبقى منه يتأرجح تحت معادلة ثالوث إلغاء الدولة التي لا يذكرها في صيغة الجيش والشعب والمقاومة»، مؤكداً أن «هذا الثالوث غير المقدس الذي فرض علينا أولاً وثانياً وثالثاً سيسقط بسقوط هذه الحكومة التي فرضت على طرابلس وعلى كرامة أهلها قبل أن تفرض على كل اللبنانيين». وقال: «هذه كلها ممانعة مسلحة مجرمة هدفها الأساس ممانعة استقلال لبنان وسيادته وممانعة ظهور الحقيقة في لبنان».

وأضاف: «كلها تنظيمات إرهابية هدفها قتل أحرار لبنان كما هدف قائدها الأسدي قتل أحرار سورية وكما هدف مرشدها الفارسي ضرب كل العرب».

الجسر

وشدد الجسر على أن «منطق تمويل المحكمة هو امتحان صدقية من يزعمون انهم مع العدالة، وهو مسؤولية حكومية ومسؤولية كل من خاض غمار التأريخ تحت عباءة الإنقاذ»، معتبراً أن «الاستقالة لن تنفع».

وقال: «عمّ يسألون؟ عجباً عمّ يسألون ويسألون؟ هل الهدف إسقاط الحكومة في الشارع؟ قلنا بداية، الضرب في الميت حرام، وإن كان هدف المعارضة أصلاً إسقاط الحكومة، فإن القرار قد لا يكون أخذ بعد وقلنا إن من سعى إلى إسقاطها في الشارع لا يجري المهرجان في مكان مغلق. إن هذه الحكومة ليست في حاجة إلى إسقاط لأنها في الأصل ساقطة من وجدان الناس ومن ضمائرهم لأنها أتت في الانقلاب في يوم أسود وبصناعة قمصان سود، ولأنها وليدة التنكر للعهود والوعود».

وتوجه إلى الشعب اللبناني قائلاً: «دولة الاستقلال لا تستقيم إلا بجهاد أكبر قوامه أربعة أمور: أولاً تأكيد سيادة الدولة على كامل التراب الوطني، ثانياً توفير الأمن الوطني للجميع، ثالثاً إرساء العدالة ورابعاً عمارة الوطن». وأكد أن «سيادة الدولة على كامل أراضيها ليست أمراً لفظياً بل يجب أن تكون أمراً واقعاً تمتد فيه سلطة الدولة الغالية إلى كل شبر من أراضيها. وسيادة الدولة تعني أن يكون الولاء في إدارات الدولة للدولة وحدها لا يشاركها فيها احد ولا يستثنى من قوانينها وأنظمتها وقراراتها أحد، وسيادة الدولة تعني أن يكون قرار الدولة لها وحدها بحيث يعكس أمنيات ورغبات شعبها لا رغبات دول أخرى سواء كانت شقيقة أم صديقة عربية أم أعجمية شرقية أم غربية».

وزاد أن «سيادة الدولة تعني أن قرار السلم والحرب يكون بيد الدولة وحدها لا يقرر بذلك عنها احد لا من الداخل ولا من الخارج، وتراعى فيه المصلحة الوطنية وحدها لا مصلحة الدول الأخرى»، وشدد على أنه «لا يستقيم مع السيادة أن ُتسأل الدولة عما كان يفعل طياروها في الأجواء اللبنانية». وأضاف: «لا يستقيم مع مفهوم السيادة أن تقوم فئة من اللبنانيين بتقرير أمر السلم والحرب عن اللبنانيين جميعاً، ولا بالتهديد بالحرب إذا ما تعرضت إيران وسورية أو أي بلد آخر لأي عدوان لأن تحمل آثار الحرب يكون على كل اللبنانيين وليس على فئة منهم ويدفع ثمنها اللبنانيون جميعاً».

وتابع: «منطق الأمن الذاتي هو مقدمة لنشر البؤر الأمنية والمربعات الأمنية وهي مقـدمة لمـصـادرة القـرار الـوطني والحريات الـسـياسية بواسـطة السلاح، من هنا فإن من مقتضيات الأمن الوطني إسقاط السلاح الذي رفع باسم العمل المقاوم حتى استقر به الأمر في الشوارع والأحياء، فأين العمل المقاوم من شوارع طرابلس؟ لماذا تقام المربعات الأمنية داخل المدينة؟ لماذا تحضر شلل المـسلحين في أحيائها، أي عمل مقاوم يحضر له داخل المدينة؟ لماذا حين يضبط الـسـلاح هنـا وهناك يعاد لأهله على انه سلاح مقاوم؟».

واعتبر أن «أصل العمل المقاوم أن يكون سرياً ومتى خرج إلى العلن وتظاهر بالسلاح يصبح اعتداءً على السيادة والوطن». وأكد أن «إرساء العدالة هو في أساس الملك، ولا يستقيم ملك ما لم يستقم الميزان، إن العدالة لا تقوم بإدارة قضائية منقوصة يغيب استكمالها بسبب تنازع أهل الحكم إلى الفريق الواحد على التعيينات»، مشدداً على أن «منطق العدالة يتنافى مع تحويل المطلوبين للعدالة إلى قديسين». 

السابق
تراجع في الشراء
التالي
حروب كثيرة