أبناء الهادي يحتفلـون باليـوم العالمـي للمعوقيـن

كعادتهم، أمسكوا بأكتاف بعضهم البعض، ومضوا في طريقهم. هم لا يبصرون، ولا يسمعون، ولا ينطقون. ولا تفارق الابتسامة وجوههم البريئة، لتؤكد أنهم من يتفوقون بقوة الإرادة على المجتمع المجحف بحقهم، ليبدعوا في مجالات شتى. هم أبناء «مؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات اللغة والتواصل»، لا يفوّتون مناسبة إلا ويحتفلون بها، فكيف إذا كانت هذه المناسبة تخصّهم بالدرجة الأولى؟ وأمس، تجمعوا للاحتفال باليوم العالمي للمعوقين، الذي يُصادف في الثالث من كانون الأول المقبل، إلا أن المؤسسة قرّرت إقامة احتفالها قبل بداية الشهر المحرّم.

وتحوّل الاحتفال إلى تقليد سنوي تحييه المؤسسة، في إطار برنامج الدمج الاجتماعي والتعليمي والتربوي الذي تنفذه بهدف دمج ذوي الاحتياجات الخاصة، اجتماعياً وتعليمياً وعملياً. وها هم أبناؤها يحفظون وصية المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، حين «أوصى طلاب الهادي بألا ينجحوا فقط بل أن يتفوقوا في ميادين العلم والثقافة والمعرفة والفن». ودعت المؤسسة عدداً كبيراً من طلاب المدارس المجاورة لها، للتعرّف إلى سمات المعوقين الذين يشاركون في قضايا المجتمع. استهلّ الحفل بتلاوة قرآنية للطالب المكفوف علي يونس، ثم اعتلى «كورال الهادي» المسرح، وقدّم مجموعة من الأناشيد والأغاني، بقيادة عازف العود أحمد نظام.


ومن «الهادي» تحية وفاء إلى السيد فضل الله في نشيد خاص بالمؤسسة، تقول بعض كلماته: «ع الهادي ربّي هدانا، من الهادي نلنا منانا، يا هادي اسمع ندانا، وارحم فضل الله اللي ربّانا…». كذلك، غنّوا الجنوب، و«شو هالأيام لي وصلنالها»، كما غنوا قصيدة من تأليف الراحل السيد فضل الله بعنوان: «رحماك يا أمي».
وتخلل الحفل عرض فيلم وثائقي بعنوان «قصة حياة»، يروي خلاله الراحل فضل الله قصة تأسيس «الهادي»، وهي قصة بدأت في العام 1988 حين طلب منه شاب مكفوف تأمين المأوى له ولأصدقائه، فشعر حينها بالمسؤولية تجاههم، وعملت جمعية «المبرات» على إنشاء مؤسسة «الهادي».

وكانت لفرقة «الهادي» للمسرح الايمائي حصة كبيرة من الاحتفال، إذ قدّم الطلاب الصمّ في المؤسسة مسرحية بعنوان «لوين؟» عالجت موضوع «العنف ضد المرأة».
هنا، عجزت الكلمات عن إيصال الرسالة، إلا أن الحركات التعبيرية كانت كافية للتعبير عنها، فتكلّموا من صمتهم بهدف إبداء الالتزام بإحدى أهم قضايا المجتمع اللبناني المدني، اليوم. والمسرحية من تأليف فراس حليمة وإخراجه.
لم ينتظر أبناء «الهادي» كغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، المجتمع ليحتفل بهم، بل تولّوا بأنفسهم مسألة تبني قضيتهم، ومناقشتها على طريقتهم الخاصة، لتعزيزها والتعريف عنها، على أمل دمجهم في مجتمع لهم كامل الحقوق فيه، قريباً.  

السابق
تمثـال غسـان توينـي في حديقـة :AUST
التالي
فلتان أمني انتهى بإطلاق نار على الجيش في صيدا