النهار: سليمان من قلعة راشيا: التزام المحكمة والحوار

 على رغم الطابع الرمزي الذي شاء رئيس الجمهورية ميشال سليمان ان يضفيه على رسالته في الذكرى الـ68 للاستقلال والتي وجهها من قلعة راشيا التاريخية مستعيدا عبرها الابعاد الميثاقية لذكرى 22 تشرين الثاني 1943، لم تغب الاستحقاقات الماثلة أمام الحكم والحكومة عن هذه الرسالة وخصوصا مع اقتراب موعد بتّ ملف تمويل المحكمة الخاصة بلبنان الذي بات يرتبط به مصير الحكومة كلاً.
وحرص سليمان، الذي القى كلمته مساء أمس امام جمع من الوزراء والنواب والسياسيين ورجال دين وممثلين لعائلات رجالات الاستقلال، على ابراز صورة متوازنة بين انجازات تحققت في السنوات الثلاث من عهده والتحديات التي تواجه لبنان في المرحلة المقبلة. فرأى ان "الواقع الحالي يشير الى انها المرة الاولى منذ عام 1975 التي لم يشهد فيها لبنان لأكثر من ثلاث سنوات متعاقبة، حالة اقتتال داخلي او حربا عدوانية اسرائيلية عليه، أو وجودا لقوات عسكرية عدوة أو شقيقة على أراضيه ما عدا الحاجة التي ما زالت قائمة الى وجود قوة الامم المتحدة الموقتة العاملة في جنوب لبنان". لكنه لفت في المقابل الى "أن كل ذلك لا يبدد مخاوف اللبنانيين وقلقهم على المستقبل والمصير"، مشيرا الى "القلق من عدم تمكن الدولة والمؤسسات من الاضطلاع بمسؤولياتها الكاملة على مساحة الوطن، ومن مخاطر الفتنة والاحتكام الى السلاح في ظرف من الظروف، ومن النيات الاسرائيلية المبيتة، ومن صعوبة تنفيذ القانون وفرضه في ظل تسلط أصحاب النفوذ واستشراء الفساد وطغيان منطق المحاصصة والمحسوبيات". وجدد دعوته الى "ورشة حوار شامل وعميق على مساحة الوطن بقطع النظر عن الجدل الظرفي القائم حول الجدوى من اعادة تفعيل هيئة الحوار الوطني التي ما زلت أرى فائدة جمة في استئناف عملها في أقرب الآجال". كما برزت في كلمته دعوته الى "عدم التباطؤ في تنفيذ ما سبق لنا ان اتفقنا عليه في مؤتمر الحوار الوطني وبخاصة ما يتعلق منه بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها (…) بالاضافة الى واجب التزام قرارات الشرعية الدولية بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان توخيا للعدالة والحقيقة المجردة وحفاظا على صدقيتنا وليس خشية من عقوبات يلوح بها".
في غضون ذلك، توقعت مصادر معنية بملف تمويل المحكمة ان يتخذ هذا الملف بعدا "متوهجا" مع الزيارة التي سيقوم بها رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي ديفيد باراغوانث لبيروت ابتداء من غد. وكانت المحكمة أكدت أن باراغوانث سيقوم "خلال هذا الاسبوع" بزيارته الاولى للبنان ويرافقه فيها نائب رئيس المحكمة القاضي راف رياشي. وسيعقد لقاءات مع رئيس الجمهورية ومسؤولين آخرين ومسؤولي مؤسسات وأفراد من المجتمع الأكاديمي والقانوني. وأعلن رئيس المحكمة عشية زيارته لبيروت انه "عقد النية على ضمان الانصاف والسرعة في عمل المحكمة واحترام حقوق المتهمين ومصلحة المتضررين احتراماً تاماً".
وطبقاً لما أوردته "النهار" امس، بدا ان التعقيدات التي تواجه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في طرح موضوع دفع حصة لبنان من تمويل المحكمة قد تفرض تأجيل ادراج الموضوع على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء الجمعة المقبل. وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" ان ميقاتي لن يطرح موضوع التمويل في اي من الجلستين اللتين سيعقدهما مجلس الوزراء هذا الاسبوع، غداً والجمعة، بل انه حسم امره في ادراج هذا البند على جدول اعمال الجلسة المقررة الاربعاء 30 تشرين الثاني الجاري بعد عودته من الزيارة التي سيقوم بها للفاتيكان. وعزت ارجاء طرح الموضوع هذا الاسبوع الى ضرورة اعطاء هذه الخطوة حقها من الاهتمام وابعادها عن اي تداعيات سياسية محتملة قد تنجم عن المواقف القائمة على خلفية بند التمويل.
وافادت المصادر ان كل الاتصالات التي اجريت في الساعات الاخيرة بين الاطراف الرئيسيين والقوى المكونة للحكومة بدءاً من "حزب الله" لم تفض الى اي تسوية من شأنها امرار استحقاق التمويل، لا بل ان تشبث الحزب وحلفائه برفض التمويل لا يزال على حاله.
وقالت المصادر: "دخلنا في دوامة كبيرة مع اقتراب انتهاء المهلة المتاحة امام لبنان للتمويل، بين الاسبوع الاول من كانون الاول المقبل والخامس عشر منه حداً اقصى".
واعتبرت ان جلسة 30 تشرين الثاني "تشكل الحد الفاصل ولن يكون امام رئيس مجلس الوزراء خيار سوى الاستقالة اذا لم يمر تمويل المحكمة".
ويشار في هذا السياق الى ان وزير شؤون التنمية الادارية محمد فنيش جدد امس رفض "حزب الله" تمويل المحكمة، بينما كرر رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط دعوته الى امرار التمويل وحض "حزب الله" على "التعاون الايجابي".
اما الرئيس فؤاد السنيورة، فاعتبر ان "من يتنكر للمحكمة الدولية يعرّض لبنان لاخطار"، وان على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "ان يصل بالنتيجة الى خواتيمها وان يصار الى التزام التمويل". ووصف السنيورة في حديث الى محطة "أم تي في" التلفزيونية ليل امس الحديث عن امكان حصول حوادث امنية واغتيالات بأنه على "درجة عالية من التهويل على اكثر من صعيد محلي واقليمي"، موضحاً ان المهرجان الذي سيقيمه "تيار المستقبل" في طرابلس الاحد المقبل هو في مناسبة عيد الاستقلال و"لتأكيد قيم العدالة والحرية وليس لاسقاط الحكومة". ونصح الرئيس ميقاتي "بأن يعود الى ذاته والى التفويض الذي حصل عليه من الناخبين"، وانه "قد تكون هناك مصلحة للبنان في ان يستقيل الرئيس ميقاتي". 

السابق
المستقبل : سليمان يريد تفعيل الحوار “لتنفيذ ما اتفق عليه”
التالي
ما هي شروط العفو السعودي عن جنبلاط؟