المطعم !

منذ اربعة اشهر وأنا التقي بين حين وآخر اصدقاء من دول عربية تشهد تحركات شعبية ثورية.
"الصداقة" هنا مساحة حرة خارج القناعات السياسية وبالتالي يمكن الافتراض بأنها تشكل منطلقاً لهامش من الصراحة المستترة.
النقاش مع هؤلاء الاصدقاء، المؤيدين لأنظمة بلدانهم أهون بكثير من النقاش مع لبنانيين مؤيدين لتلك الانظمة.
احدهم قال لي قبل اشهر: "خلصت. عاد الهدوء وانتظمت الامور" في ذلك اليوم كان عدد ضحايا التظاهرات سبعة اشخاص.

ثم هو نفسه قال لي قبل شهرين: "كانت مؤامرة وتم القضاء عليها نهائياً" وفي ذلك اليوم كان عدد الضحايا عشرة.
قبل ايام قليلة، هو نفسه قال: "اسبوع واحد وتعود الامور الى ما كانت عليه، خلصت". وكان عدد القتلى قد تجاوز العشرين.
ما سمعته من هذا الصديق، سمعته ايضاً من آخرين اصدقاء له. الكلمات ذاتها. المفردات ذاتها ولكن عدد الضحايا كان دوماً الى مزيد.

يخبرونك الخبرية ذاتها: "يوم امس كنت هناك. دعاني احد الاصدقاء الى عشاء في احد المطاعم فاذا به كومبليه، ثم تمشينا بعد منتصف الليل بأمان وسلام".
يا لهذا المطعم الذي هو دوماً "كومبليه". كأنما يذهب بي الشك الى الاعتقاد أنهم لا كانوا هناك ولا كان مطعم.
واتساءل: لماذا هم مصرون على ذكر المطعم في سياق تأكيدهم على نفي وجود انتفاضة او حتى شغب؟ ثمة رابط على الارجح بين المطعم الآمن والجوع الذي حرك المنتفضين فاذا استحضروا المطعم نفوا ضمناً وجود الجوع.
حسناً، سأتمنى للجميع ان يكونوا بأمان وان يتمتعوا بالصحة وبأكل كثير.
  

السابق
الانباء: جنبلاط يسأل عن خطف السوريين.. والبعث يتهمه بالإشراف على تصفية العيسمي!
التالي
النهار: تفاهم لبناني – أميركي على تحييد القطاع المصرفي والجيش ينفي وجود مخطوفين سوريين في لبنان