البناء: مسيرات مليونية في دمشق و الحسكة دعماً للإصلاح و رفضاً للتدخل الخارجي

طغت التطورات الإيجابية في سورية على ما عداها من حركة سياسية داخلية، حيث جرت تظاهرات مليونية في كل من دمشق والحسكه امس دعما للإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد، في وقت سادت الاجتماع أجواء إيجابية بين الرئيس الأسد ووفد الجامعة العربية، على أن يتابع الاجتماع في 30 من الشهر الحالي.
اما لبنانيا، ينعقد مجلس الوزراء في جلسة عادية اليوم في بعبدا، في مقابل بروز مؤشرات جديدة عن "مسرحية " المحكمة الدولية من خلال لجوء ما يسمى رئيس مكتب الدفاع الى تعيين محاميين لكل "متهم" من "المتهمين" الاربعة. لكن مصادر سياسية لبنانية اعتبرت ان ما يجري في المحكمة الدولية ليس له اي اعتبار سياسي او قانوني، بعد ان قفزت المحكمة والقائمون عليها فوق كل الثغرات والاعتراضات التي اثيرت حولها من جانب أطراف عديدة بدءا مما كان قد أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من ان المحكمة مسيّسة تستهدف رأس المقاومة، وبالتالي حصرت عملها في اتجاه وحيد من دون الوقوف امام المعطيات والمعلومات التي كان طرحها السيد نصرالله.
حزب الله والمحكمة
إلا أن مصادر قيادية في حزب الله رفضت التعليق على قرار المحكمة واكتفت بالقول: "كل المحكمة وكلكلها لا يهماننا ولا نتعاطى بهما".
لقاء الأسد ووفد الجامعة العربية
وبالعودة الى الوضع السوري، فقد استقبل الرئيس الاسد بعد ظهر امس وفد الجامعة العربية برئاسة وزير خارجية قطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وعضوية وزراء خارجية مصر والسودان وعمان والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.
وذكرت (سانا) انه جرى خلال اللقاء استعراض المبادرة العربية حول الأوضاع في سورية ودار نقاش ودي وصريح حول ما يجري في البلاد وجرى الاتفاق على أن يكون هناك اجتماع بين اللجنة الوزارية العربية والحكومة السورية بتاريخ 30/10/2011 لمواصلة التداول في ما جرى بحثه.
وحضر اللقاء عن الجانب السوري وليد المعلم وزير الخارجية والمغتربين والدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية والدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين ويوسف أحمد مندوب سورية الدائم لدى الجامعة العربية والوفد المرافق للجنة الوزارية.
وافاد التلفزيون السوري ان أجواء ايجابية سادت لقاء الرئيس الاسد مع وفد الجامعة العربية.
كما نقل عن رئيس وزراء قطر إعلانه ان "اللقاء مع الأسد كان جيدا ولمسنا حرص دمشق على العمل مع اللجنة العربية لحل الأزمة". واضاف: سنواصل الاجتماع في 30 من الشهر الجاري.
أجواء اللقاء
وأكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ "البناء" "إيجابية الاجواء خلال النقاشات التي دارت اثناء اللقاء، حيث ابدى كل طرف وجهة نظره حيال التطورات الحاصلة، على ان يكون لدى كل طرف جواب على طرح الطرف الآخر خلال اللقاء الذي تقرر عقده في 30 من الشهر الجاري في دمشق.
واشارت المصادر عينها، الى ان القيادة السورية اصرت على ان اي اجتماع لاحق للجنة العربية، أو اي لقاء حواري مع المعارضة يجب ان يكون على أراضيها، رافضة أي طرح لعقد مثل هذه الاجتماعات سواء في القاهرة أم في غيرها.  
وأكدت المصادر ايضا، ان اللجنة الوزارية العربية، لم تجتمع مع اي طرف من المعارضة على الاطلاق.
تظهير الدور القطري
وعلمت "البناء" أن مبدأ السيادة السورية كان شأناً حاسماً في كلام الرئيس الأسد مع وفد اللجنة، وتطرق إلى المادة 5 من ميثاق جامعة الدول العربية وفحواه أن ليس من حق الجامعة التدخل بأي حال في الشؤون الداخلية لأي دولة عربية، وبمعنى آخر يمكن للجامعة أن تساعد إيجابياً لا أن تتطفل على الشأن الداخلي.
وكان واضحاً، بحسب المصادر، أن هناك تظهيراً ما لدولة قطر عبر لعب دور ما في التراجع التكتيكي للهجمة الغربية وبالتحديد الأميركية على سورية، خصوصاً في مرحلة ما بعد الخروج الأميركي من العراق، وبعدما أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بشكل علني بعد الاجتماع الشهير في نيويورك بأنها تفوّض أمير قطر للحوار مع السوريين لأنه يعرف كيف يتحاور معهم.
وكانت تلك رسالة واضحة بأن قطر هي معتمدة الحوار مع سورية، خصوصاً أن الرئيس الأسد لم يكن يريد فتح الباب لقطر بعد الخطيئة التي ارتكبتها في التسويق العلني لفكرة هيمنة الإخوان المسلمين على سورية، إلا بعد أن يُطلب هذا الأمر من الإدارة الأميركية بشكل يؤكد التراجع الأميركي لا السوري في هذا الشأن.
دلالة إيجابية
وقالت المصادر: إن مجرد موافقة الرئيس الأسد على استقبال اللجنة برئاسة قطر، إضافة إلى وضع مكان وزير الخارجية القطري على يمينه له دلالة واضحة في البروتوكول السوري، بمعنى أنه اعتبر الجانب القطري طرفاً في الحوار يوصل إليه رسالة إيجابية، وهذا يسمّى في عالم الدبلوماسية بالاعتماد المتبادل، علماً أنه في الزيارتين السابقتين اللتين قام بهما الأمين العام للجامعة إلى دمشق كان هناك رفض مبدئي لمشاركة آخرين في الزيارة.
جولة سبر نوايا
وأخيراً، رأى المصدر أن في تصريح رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بعد الاجتماع عدة نقاط ذات دلالة: أولاها ان الإرهاب منبوذ، أي أنه يجب أن تتوقف أعمال العنف ضد الدولة السورية وقوات حفظ النظام، وهذا تقدم حاصل بين سورية من جهة وقطر ومن وراء قطر من جهة أخرى.
ثانياً: التركيز على الإصلاح أي بداية التراجع المتسلسل عن مطلب التنحي، وما كان يسمى بفقدان الشرعية.
ثالثاً: إن هناك نقاطاً اتفق عليها ولم تعلن. كما أن هناك عناصر جرى التداول فيها وسيجري الرد عليها من كلا الطرفين بعد أيام.
وبعبارة أخيرة، يمكن القول إن اجتماع دمشق بالأمس، كان جولة سبر نوايا ووضع خريطة طريق لجعل العربة العربية على السكة السورية، لا وضع العربة السورية على السكة العربية.

وفي السياق ذاته، لفتت المصادر ان المعارض حسن عبد العظيم ابدى امتعاضه من عدم اتصال اللجنة العربية به او بغيره من اطراف المعارضة.

مسيرة مليونية
تزامنا، جرت أمس مسيرة مليونية في ساحة الأمويين في دمشق وهي اكبر ساحة في العاصمة السورية، كما حصلت تظاهرة مماثلة في الحسكة تأييدا للرئيس الأسد ودعما للإصلاحات التي كان أعلن عنها ورفضا للتدخل الأجنبي.
وقد تحولت ساحة الأمويين والشوارع المتفرعة منها الى مشهد وطني أكد خلاله المشاركون في التظاهرة تمسكهم بالقرار الوطني ورفضهم لأي شكل من اشكال التدخل الخارجي في شؤونهم ودعمهم لبرنامج الإصلاح الشامل بقيادة الرئيس الأسد.
كما عبّر المشاركون في التظاهرة عن شكر الشعب السوري لجمهوريتي روسيا الاتحادية والصين الشعبية وللدول الصديقة لوقوفها الى جانب سورية والتي انصفت الشعب السوري وبثت الأمل في إعادة التوازن للمعادلة الدولية مؤكدين أن التاريخ سيسجل هذا الموقف المشرف.
وفي الحسكة، غصت ساحة الرئيس الراحل حافظ الاسد والطرق المؤدية اليها بعشرات الآلاف من أبناء محافظة الحسكة الذين قدموا من مختلف مدن ومناطق وقرى المحافظة تعبيرا عن دعمهم للقرار الوطني الحر ورفضهم التدخل الخارجي في شؤون سورية الداخلية وتقديرا لمواقف روسيا والصين الداعمة لسورية في مواجهة المؤامرة التي تتعرض لها.

موقف أردني
وفي المواقف من الوضع في سورية، أمل وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو، أن تؤدي زيارة وفد الجامعة العربية إلى دمشق إلى "نتائج طيبة"، مؤكداً "حرص بلاده على أمن سورية واستقرارها".
… وموقف تركي
بدوره، أشار وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى أن تركيا سبق لها أن أوضحت موقفها من الأحداث السورية والتي ترى أن "ما يجري هو أليم، والعمليات التي تقوم بها الحكومة السورية غير إنسانية"، مؤكداً أن "تركيا وغيرها من جيران سورية يتأثرون بالأوضاع الأمنية هناك".
وأسف أوغلو لما وصفه "سقوط قتلى مدنيين وعدم تجاوب الحكومة مع مطالب تركيا بوقف العنف"، وأعلن عن "سعي بلاده بالتعاون مع جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي، الى إيجاد حل جذري وسريع للأزمة السورية. ورأى أن "تركيا لا تستطيع أن تغض النظر عن الوضع السوري لأنه أمر حساس لكل الدول".
… وحقد جوبيه
أما وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه فأعاد التذكير بالحقد الذي يحمله تجاه سورية زاعماً أنه "من شبه المؤكد أن "النظام" سيسقط تحت ضغط الاحتجاجات والعقوبات لكن هذا سيستغرق وقتاً بسبب التعقيدات السياسية داخلياً وإقليمياً".
وزعم جوبيه، في حديث لإذاعة "أنتير" الفرنسية، أن "عرقلة القرار ضد سورية في مجلس الأمن وصمة على جبين مجلس الأمن الدولي الذي لم يقل شيئاً تقريباً عن هذا القمع الهمجي".
برلمانيون أميركيون مساندون
لـ"إسرائيل" يحرضون ضد سورية
وفي واشنطن، طالب أربعة برلمانيين أميركيين من المعروفين بولائهم الكامل للعدو "الإسرائيلي" في رسالة إلى السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس مجلس الأمن الدولي ان يكلف المحكمة الجنائية الدولية النظر في أعمال العنف التي ترتكب في سورية ضد معارضي النظام.
وفي إطار بث الأخبار المفبركة والكاذبة عن الوضع الأمني زعمت قناة العربية نقلاً عمن وصفتها "بلجان التنسيق المحلية" ادعائها أن 15 قتيلاً سقطوا أمس.
زوار بري
أما على الصعيد الداخلي، فقد تركز الحدث أمس في مجلس النواب حيث لقاء الأربعاء النيابي الذي شهد مداولات بين رئيس المجلس والنواب تركزت حول الوضع في سورية. ونقل النواب عن الرئيس بري اهتمامه في زيارة اللجنة العربية وقوله إن مسيرة الإصلاح في سورية بدأت، مشدداً على تعزيز الحوار داخلها.
"مسرحية" تعيين محامين في المحكمة الدولية
أما على صعيد المحكمة الدولية، فإن لجوء مكتب الدفاع في المحكمة إلى تعيين محامين للدفاع عن "المتهمين" الأربعة ليست أكثر من "مسرحية" يراد منها تحسين صورتها وإظهارها كأنها تعمل "باستقلالية" بعيدا ًعن التسييس.
وتوقعت مصادر سياسية، أن تتأخر محاكمات المتهمين في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى مطلع العام 2013 لأسباب سياسية داخلية لبنانية في طليعتها موضوع الانتخابات النيابية.  

السابق
السفير: دمشق تحتوي المبادرة العربية: أسئلة ما بعد التفاهم على تقييم الأزمة
التالي
الحياة: تأجيل مشروع الموازنة في مجلس الوزراء لتبريد الأجواء قبل مناقشته