القذافي وراعي الغنم

عندما شاهدت الجموع الغفيرة والمسيرات التي خرجت في ليبيا معبرة عن فرحتها بقتل القذافي وزوال حكمه، تذكرت الفرحة التي عشناها في الكويت عندما امتن الله علينا بالخلاص من الغزو البعثي العراقي.
سقوط نظام القذافي والذي كان آخر فصوله عملية قتله، ثم ما تبعه من مواقف على المستوى الليبي أو العالمي، تجعلنا نقف معها وقفات عدة، ونطرح بعض التأملات…

فسقوط القذافي إنما هو حلقة في سلسلة سقوط أنظمة الظلم والطغيان بدءا بنظام زين العابدين في تونس ووصولا إلى القذافي، وانتهاء بإذن الله بزوال حكم صالح في اليمن وبشار في سورية، فهي سلسلة ستتساقط معها أنظمة الطغاة كتساقط أحجار لعبة الدومينو.
القذافي الذي كان يصف المعارضة بالجرذان، وأنه سيلاحقهم من دار لدار ومن بيت لبيت ومن زنقة لزنقة، صار هو المطارد، وهو الهارب حتى تم إخراجه من جحر كان عبارة عن فتحة مخصصة للصرف الصحي.
من أجمل التعليقات حول الإمساك بالقذافي وهو في الجحر، أن أول من قام بإخراجه هو شاب من الثوار كان نحيف الجسم ضعيف البنية، وكأن الموقف يذكر بمشهد قتل أبي جهل على يد الصحابي عبدالله بن مسعود، والذي كان ضعيف البنية دقيق الساقين، حتى لما ارتقى على صدر أبي جهل ليكمل قتله، قال له أبو جهل: لقد ارتقيت مرتقا صعبا يا راعي الغنم، وكأن هذا لسان حال القذافي لحظة إمساكه. 
من يرى جثة القذافي والثوار حولها، يتذكر قول الله تعالى «فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية»، فالقذافي لم يكن ليتوقع أن يلاقي هذا المصير، فالجنود والكتائب والقبيلة والمرتزقة، كل أولئك كان يظن أنهم سيحولون بينه وبين أمر الله، ولكن الله تعالى يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيتعظ الطغاة في اليمن وسورية من هذه النهاية؟

كم تعجبت من الذين يترحمون على القذافي وكأنه كسر خاطرهم، وتناسوا جرائمه البشعة التي ارتكبها ضد شعبه، والغريب أن البعض أخذ بالحديث عن الأسرى وحسن معاملتهم، ونسوا أن النبي عليه الصلاة والسلام أذن بقتل بعضهم ولو تعلق بأستار الكعبة.
أعجبني رد جميل من الشيخ عبدالله المطلق على من سأله حول التمثيل بجثة القذافي، فكان من كلامه: أنه لم ير تمثيلاً في الجثة، وأنه لا ينبغي الحكم على شعب مقهور ومظلوم وهو يفرح بالنصر، وكان ينبغي على من طرح السؤال أن يقدر فرحة إخوانه ويترك مثل هذه الأسئلة التي ليس فيها خير وهو ربما طرحها وهو يشرب الشاي مع زوجته ولم يقتل له أحد أو يُؤخذ منه مال.

نقول الحمد الله تعالى الذي بفضله تتم الصالحات على زوال حكم القذافي، ونسأل الله عز وجل أن يتمم الفرحة بزوال الأنظمة الظالمة في سورية واليمن، وأن نفرح بتحرير الأقصى وفلسطين من أيدي اليهود الغاصبين.  

السابق
القلق من هيمنة الأحزاب الإسلامية
التالي
شباب القوات اللبنانية:خلافنا مع حزب اللـه عقـائدي