البناء: القومي يؤكد أن تبادل الأسرى بين الفلسطينيين والعدو انتصارٌ لخيَار المقاومة

رغم حجم المؤامرة الكونية التي تتعرض لها، فإن سورية ستبقى عصية على أي مشروع يستهدف منعتها وأمنها واستقرارها.
هذه المؤامرة التي تواجهها سورية والتي عنوانها الظاهري إصلاحي، مضمونها الحقيقي أن الولايات المتحدة وأوروبا لم تستطيعا استيعاب سورية التي لم توافق على حرب العراق عام 2003، وقاومت الحرب على لبنان عام 2006 في الوقت الذي طُلب فيه منها تبريرها بعد تفكيك فرنسا الموقت للحصار على سورية. ولأن سورية على ثوابتها، فهي تتعرض للمؤامرة، لكنها ستظل مؤمنة بانتمائها القومي لأنه ركيزة ثوابتها واستقرارها وكرامتها.
الأرض ممسوكة
ينقل زوار دمشق، التي شهدت في الفترة الأخيرة زيارات متعددة لشخصيات ووفود حزبية لبنانية، عن الرئيس الدكتور بشار الأسد تأكيده في هذا المجال أن الأرض ممسوكة إلى حد كبير رغم الخسائر في قوات حفظ النظام، وأن عدداً كبيراً من المجموعات الإرهابية قد اعتُقل.
أما على المستوى الإصلاحي، فستشهد المرحلة القريبة المقبلة إصلاحاً في اتجاهين بحسب الرئيس الأسد أيضاً: الأول تكريس الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والثاني إجراء الانتخابات المحلية التي تحرك النبض الشعبي، ثم إجراء انتخابات مجلس الشعب.
أما النهج الاقتصادي الانفتاحي، فسيعاد النظر فيه على قاعدة تأمين مصلحة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وإراحة أوسع قاعدة شعبية إنتاجية.
وفي الملفات الخارجية، وبالنسبة إلى لبنان، ينقل الزوار أن الرئيس الأسد كان واضحاً في عدم التدخل في ملف تمويل المحكمة الدولية، وأن هذا الموضوع هو ملف لبناني بحسب رأيه، ليقرر الإخوة اللبنانيون فيه ما يرونه مناسباً".
وفي الملف اللبناني أيضاً، كشف الرئيس الأسد عن بؤرتين يُهرَّب السلاح منهما إلى سورية: الأولى في منطقة عرسال ضُبطت إلى حد كبير، في حين أن البؤرة الثانية تتمثل في تهريب الأسلحة من منطقة عكار اللبنانية إلى تلكلخ السورية، وهذه منطقة ما زالت "فالتة"، وتحتاج إلى ضبط لبناني تماماً كما هي محتاجة إلى الضبط من جهة سورية.
ونقل الزوار عن القيادة السورية في هذا المجال أيضاً حرصها الشديد على استقرار لبنان وعدم حصول أي توتر أو إثارة أو قلاقل فيه مبدية كل تعاون مع الحكومة اللبنانية في هذا المجال.
أما بالنسبة إلى الموقف الإماراتي من سورية، فهو بحسب ما أفاد الرئيس الأسد الزوار اللبنانيين جيد ومتطور، كما أن سورية لم تتخذ أي إجراء يثير السعودية بل تصرّفت بما يريح الرياض سواء في العراق بالنسبة الى وضع المالكي، أو في لبنان بالنسبة الى وضع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
كرة ثلج تصغُر
وفي ما يتعلق بلقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي مع الرئيس الأسد، الذي طال انتظاره في دمشق، علمت "البناء" من مصدر دبلوماسي في القاهرة أن العربي استهل اللقاء بالقول: إن كرة الثلج تكبُر، فأجابه الأسد فوراً: نعم هناك كرة ثلج لكن هذه الكرة تصغُر في سورية، لذلك تصطخب الضوضاء عليها، وهذا الموقف جعل سورية حذرة من إمكان توظيف الجامعة واستغلالها ضد الموقف السوري.
وعلمنا أيضاً أن الرئيس الأسد مستمر في لقاء قوى وشخصيات لبنانية سياسية وحزبية، وأنه في هذا الإطار يستقبل في المستقبل القريب وفداً من الأحزاب الوطنية، في نطاق إطلاع هذه القوى والشخصيات على حقيقة ما يجري في سورية.

علي عبد الكريم ينفي

في سياق متصل، نفى السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، أمس، الاتهامات بشأن تورط السفارة السورية في خطف معارضين سوريين في لبنان، واعتبر انها من دون أي دليل، مديناً عمليات التحريض وتهريب السلاح من لبنان إلى سورية.
واستغرب علي عبد الكريم بعد لقائه وزير الخارجية عدنان منصور الكلام الذي نُقل عن المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي بشأن ضلوع السفارة السورية في بيروت في خطف معارضين سوريين من لبنان، ولا سيما خطف شبلي العيسمي. ورأى علي عبد الكريم ان هذه الاتهامات تُلحق ضرراً كبيراً بالتنسيق بين البلدين وبتكامل العمل الامني الضروري بينهما، مشيرا الى وجود تعاون مشكور ومقدّر من جانب القيادات المعنية في هذا البلد.
وشدد علي عبد الكريم على ان ما يجمع البلدين من مواثيق ومعاهدات يحتم على الجهات المعنية ولاسيما الاجهزة الامنية التنسيق والعمل على ضمان امن البلدين وعدم استخدام اي بلد منصة للتحريض على البلد الآخر او السماح بأعمال تخريبية او بتهريب السلاح .

وأشار السفير السوري إلى أن عمليات تهريب السلاح والتحريض التي تظهرها وسائل الإعلام اضافة الى الاجهزة الامنية والقضائية في لبنان تستوجب مراجعة مسؤولة وحريصة وغيورة لأن هذا الأمر ينعكس على أمن لبنان كما على أمن سورية.
اجتماع عسكري مشترك
تزامناً، "عقدت اللجنة العسكرية المشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري اجتماعاً في معبر الدبوسية في حضور عدد من ضباط الجانبين، بحثت خلاله الأوضاع على الحدود وآلية ضبطها من مختلف النواحي الأمنية، كما جرى التوافق على تفعيل التنسيق المشترك واتخاذ المزيد من الإجراءات الميدانية لمنع عمليات التهريب والتسلل في الاتجاهين عبر المعابر غير الشرعية".  
ضبط شاحنة متفجرات
وأمس، أفادت معلومات لـ"الجديد" أن الجيش اللبناني ضبط شاحنة صغيرة محمّلة بمتفجرات على مفرق الخريبة في عكار كانت في طريقها نحو سورية واشارت المعلومات إلى أن الشاحنة اقتيدت إلى طرابلس لإجراء التحقيقات اللازمة.
الوضع العمالي وزيادة الأجور
أما على الصعيد المحلي، فقد بقي الموضوع الاقتصادي والعمالي طاغياً في ظل عدم تبلور نهاية هذه القضية بسبب التداعيات التي نتجت من قرار الحكومة، خصوصاً أن هذا القرار يحتاج إلى عملية تصحيح واضحة.
وفي هذا المجال، قال مصدر قيادي عمالي لـ"البناء" مساء أمس، إن قيادة الاتحاد ستستمر في سعيها وضغطها من أجل تحقيق الجزء الباقي من المطالب وتصحيح القرار بالنسبة الى الرواتب التي تزيد على المليون و800 ألف.
وقال: إن الأجواء التي سادت أول من أمس مع الرئيس ميقاتي في هذا المجال إيجابية ومشجعة.
وأضاف المصدر أن هناك أجواء أخرى تؤكد أن اللجنة الوزارية لا تستطيع إلا أن تقدم على تصحيح هذا الخلل بحصول أصحاب الرواتب ما فوق المليون و800 ألف على الزيادة المقررة (300 ألف)، باعتبار أنها لا يمكن أن تتجاهل الأخذ بعنصر الأقدمية والتراكمية، فهناك مشكلة ستطرأ في الأسلاك العسكرية والأمنية وهناك مشكلة أخرى ستطرأ في الإدارات إذا لم يصحح هذا الخطأ.
وأضاف المصدر أن "معلوماتنا تفيد بأن هذا الأمر ستأخذه اللجنة في الاعتبار بالنسبة الى القطاع العام. وهناك بحث وتدقيق أيضاً لسريانه على المصالح المستقلة (الكهرباء ـ الليطاني ـ المرفأ)، وإذا ما أقدمت على ذلك، تبقى المصارف والشركات الخاصة والمصانع ونحن مصممون على انسحاب هذا الأمر عليها وينتظر أن يعدّ وزير العمل المرسوم الخاص بالزيادة مع العلم أن مشروع القانون المتعلق بالقطاع العام ستعدّه وزارتا المال والعمل.

"القومي" وتبادل الأسرى

في المواقف السياسية، اعتبر الحزب السوري القومي الاجتماعي، أمس، أن عملية تبادل الأسرى بين فلسطين و"إسرائيل" انتصار لخيار المقاومة.
وأكد الحزب أن خيار المقاومة في أمتنا يثبت مرة جديدة أنه الخيار الأمثل والأنجع الذي يفرض على عدوّنا القومي التسليم بحقنا، وها هي حركة المقاومة في فلسطين، بفعل المسيرة الطويلة من الكفاح والنضال، تحقق اليوم إنجازاً نوعياً من خلال عملية تبادل الأسرى مع العدو الصهوني، التي بموجبها يعانق الحريةَ أكثرُ من ألف فلسطيني قابعين في معتقلات العدو".
واشار الحزب "إلى أن هذا الانجاز النوعي يضاف إلى سلسلة إنجازات المقاومة التي أبقت على مسألة فلسطين، قضية حية عادلة ومحقة في وجدان شعوب العالم وأحراره، ومعياراً مركزياً للكرامة القومية والعربية".
ولفت الى ان "الحزب السوري القومي الاجتماعي يرى في عملية التبادل انتصاراً جليلاً لخيار المقاومة، وسقوطاً مريعاً للمراهنين على كسر شوكة المقاومة من خلال التآمر عليها وعلى حاضنتها السورية".

واكد الحزب أن عملية التبادل هي نتيجة طبيعية لصمود القوى الحية في أمتنا، ولقدرة هذه القوى على تحمّل أعباء المواجهة من أجل تحرير الأرض والإنسان، وهذه معادلة ذهبية بات العالم أجمع يتلمس مفاعيلها على أرض الواقع، خصوصاً بعدما عجزت "إسرائيل" ومعها كل قوى الشر والطغيان عن استعادة جنودها من أسر المقاومين، في لبنان وفلسطين. والكل يذكر كيف وظفت أميركا وحلفاؤها الدوليون كل امكاناتهم الحربية والسياسية لمصلحة العدو الصهيوني في حرب تموز 2006 على لبنان، والحرب على غزة 2008 ـ 2009.
واشار بيان الحزب الى ان "عملية التبادل اليوم تستعيد مشهدية عملية التبادل التي جرت بين المقاومة في لبنان والعدو الصهيوني، وفي كلتا العمليتين توجت المقاومة في لبنان وفلسطين صمودها بتحرير مئات الأسرى والمعتقلين بشروط المقاومة لا بشروط العدو. فالعدو الذي خاض حربين همجيتين على لبنان وغزة لم يستطع أن يحقق من خلالهما أهدافه في استعادة جنوده، في حين حققت المقاومة أهداف عمليات الأسر بتحرير أسرى فلسطينيين ولبنانيين وعرب من معتقلات الاحتلال، وكذلك استعادة جثامين الشهداء الذين هم طليعة الانتصارات".

كما دعا الحزب اعادة تزخيم محور الصمود والممانعة والمقاومة، ودعوة كل أبناء شعبنا بهيئاته وقواه إلى اعتبار المقاومة هي المعادلة الأساس، وأن الخيار الصراعي لا بديل منه في سبيل تحرير الأرض.
واعتبر أن واجب حركات المقاومة هو تصعيد نهج الصراع، من أجل تحرير أرض فلسطين وكل شبر محتل من أرضنا، وهذه الحركات المقاومة تفقد شرعيتها وحضورها عندما تنغمس في لعبة جهات إقليمية تسعى إلى تجريد أمتنا من حق المقاومة والانتصار.
 

السابق
الحياة: نصرالله وجنبلاط ناقشا بصراحة وصدق وضع سورية والمحكمة والعمل الحكومي
التالي
انتقاد له !!