هل تحوّل جنبلاط حاجة…سوريّة ؟

تبدو علاقة النائب وليد جنبلاط مع سوريا وحلفائها في لبنان فاترة هذه الأيّام، لا بل إنّها باتت في وضعية شبيهة إلى حدّ ما بمرحلة الخلافات بين الطرفين. وقد يكون كلام السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي على الزعيم الجنبلاطي، خير معبّر عن هذه الأجواء، إضافة إلى التداول الإعلامي داخل فريق 8 آذار عن أنّه لم يعد هناك من ثقة برئيس "جبهة النضال الوطني". في حين نقل عن قياديّين في "حزب الله" انزعاجهم ممّا كان أعلنه "سيّد المختارة" ردّاً على سؤال وجّه إليه "ماذا بإمكانك أن تفعل والمسدّس مصوّب إلى رأسك". هذا بالإضافة إلى أنّ اللقاءات التنسيقيّة بين الحزب "التقدّمي الاشتراكي" و"حزب الله" أضحت لتثبيت الاستقرار لا أكثر ولا أقلّ، وليست في سياق التحالف، الأمر الذي أفضى إليه لقاء خلدة الأخير الذي جمع النائبين أكرم شهيّب وطلال إرسلان مع مسؤول وحدة الارتباط في "حزب الله" الحاج وفيق صفا، إذ علم أنّ اللقاء تمحور حول الأجواء الأمنيّة في منطقة الجبل، وتحديداً ما يجري في مدينة الشويفات من إشكالات وخلافات تبقى بعيداً عن الإعلام، ومن شأنها في حال تفاقمها أن تنفجر مذهبيّاً، وتذكّر بمرحلة السابع من أيّار 2008.

من هذا المنطلق، فإنّ النائب جنبلاط، وبحسب مقرّبين منه، يصرّ على التنسيق مع الحزب على خلفية الحفاظ على استقرار الجبل، إلّا أنّه قال كلاماً كبيراً في مجالسه الخاصة وفي الإعلام، بأنّه مستاء من المواقف المندّدة بتمويل المحكمة، ولا سيّما من قبل "حزب الله" والنائب ميشال عون، ولا يخفي "أبو تيمور" بأنّ هذا الموضوع قد يؤدّي إلى انفجار الحكومة واستقالة الرئيس نجيب ميقاتي، وثمّة معلومات بأنّه بحث هذا الأمر مع رئيسي الجمهورية والحكومة مؤكّداً أنّه سيوافق على التمويل وفي أيّ صيغة كانت، وإلّا سيضطر إلى اتّخاذ موقف حاسم لن يكون بعيداً عن الاستقالة من الحكومة في حال لم يصل الرئيس ميقاتي مع "حزب الله" إلى صيغة يجري تداولها عبر التمويل من خارج الموازنة بطريقة لا تحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء مجتمعاً.

أمّا في الشأن السوريّ، فلا شيء جديداً بعد الانزعاج الذي عبّر عنه السفير السوري علي ردّاً على جنبلاط، إنّما ثمّة اتّصالات يقوم بها الوزير غازي العريضي مع اللواء محمد ناصيف، وبحسب المعلومات ليس هناك من زيارة قريبة يقوم بها جنبلاط إلى العاصمة السوريّة للقاء الرئيس السوري الدكتور بشّار الأسد، باعتبار أنّ انقطاع التواصل بين العريضي وناصيف يعني انفراط العلاقة بين جنبلاط والأكثرية الحاليّة وفرطها، الأمرالذي لا تريده سوريا اليوم، بحيث يهمّها أن يبقى جنبلاط في صفوفها، وهذا ما أبلغه الرئيس الأسد لبعض القيادات اللبنانية التي التقاها مؤخّراً، بمعنى أنّ سوريا تريد الحكومة اللبنانية قويّة ومتماسكة، وعليه بات من الواضح أن تمسّك دمشق وحلفائها بجنبلاط ينحصر بكونه مرجّحاً للأكثرية ولبقاء الحكومة، وليس لأيّ معطى آخر، إنّما مواقف النائب جنبلاط بدأت تتّجه نحو التصعيد تجاه حلفائه الحاليّين على خلفية موضوع تمويل المحكمة الدولية، التي وفي حال لم تقرّ الصيغة المفترض اتباعها للتمويل، فإنّ جنبلاط سيصعّد علَناً، وربّما ذلك يؤدّي إلى ابتعاده عن حلفائه، وكلّ ذلك، ومن خلال المواكبين لحركته، ينحصر في سياق قراءته ومتابعته للتطوّرات في سوريا، وما ستؤول إليه الأمور، وعندئذٍ تحدّد "البوصلة" الجنبلاطيّة أيّ مسار ستسلكه في المرحلة المقبلة، وهنا يقول أحد نوّاب "جبهة النضال": "إنّنا نتّجه إلى مرحلة جديدة، ولن نخرج عن ثوابت المحكمة الدوليّة مهما كلّف الأمر، والاتّصالات التي قمنا بها مع النائب ميشال عون و"حزب الله" غير مشجّعة في هذا السياق، لأنّ هناك توجّها إقليميّا يرفض أن يسمع بالمحكمة، فكيف الحال بتمويلها!؟  

السابق
اغراءات مهمة
التالي
السفير: ضـرائـب الموازنـة تضـرب الحـوار … والأجـور