جنبلاط ل”لأنباء”: التغيير العربي مستمر ولو طال الزمن

  أدلى رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء" الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي، ومما جاء فيه: "بعيدا عن سيل التحليلات والتفسيرات والتأويلات المتواصلة في لبنان والتي تركز حصرا على القشور، يبدو مفيدا النظر الى الأفق الأوسع الذي تمثله المتغيرات المتلاحقة والمتسارعة في العالم العربي التي يصنعها الثوار في أكثر من بلد عربي، وهي تستوجب- بعد إنجازها- الالتفات الى التحديات الكبرى في التنمية الانسانية والاقتصادية والاجتماعية حيث تؤكد كل المؤشرات تراجعها في مختلف البلدان العربية رغم الثروات الهامة والموارد النفطية والمالية الهائلة التي تتمتع بها مجموعة غير قليلة من الدول العربية".

وقال: "لقد أشار الخبراء الى أهمية تقرير التنمية الانسانية العربية الذي صدر عام 2002، وقد شخص بدقة أمراض العالم العربي، ولكن اللافت أن المؤشرات والارقام التي تضمنها هذا التقرير لا تزال سارية حتى يومنا هذا ولم يطرأ عليها أي تعديلات تذكر بسبب غياب السياسات التنموية الاقتصادية العربية وإرتباط ذلك بإستمرار الاحتلال الاسرائيلي وغياب الديمقراطية في معظم البلدان العربية.
فالاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية إستمر عائقا أساسيا أمام تثبيت الأمن وتحقيق التقدم في المنطقة جغرافيا وزمنيا وتنمويا، وهو- بالاضافة الى ذلك- إستخدم كذريعة لمنع التحول الديموقراطي داخل البلدان العربية وضرب إمكانات بناء أنظمة تعددية متنوعة بقدر واسع من الحريات وحقوق الانسان، كما أن ذلك إرتبط أيضا بزيادة حجم الانفاق العسكري على حساب الاستثمار في التنمية الانسانية".

أضاف: "التقرير يشير الى أن مواطنا من أصل خمسة مواطنين في البلدان العربية يعيش حالة من الفقر المدقع، أي بأقل من دولارين يوميا، فضلا عن تدني مستويات الرعاية الصحية، وإنحسار فرص الحصول على التعليم الجيد، وتدهور البيئة السكنية وضعف شبكات الأمان الاجتماعي. وعلى الرغم من أن تكاليف التعليم ضخمة، إلا أن كلفة إستمرار الجهل لا حدود لها.
والأهم أن هذا التقرير يوضح أنه إذا وجدت الارادة السياسية، فإن البلدان العربية تتوافر لها الموارد اللازمة لاستئصال الفقر المطلق ربما في غضون جيل واحد، ولا سيما أن الالتزام السياسي وليس الموارد المالية هو القيد المانع لذلك. ونأمل اليوم، مع الربيع العربي والاجراءات الاستباقية التي تتخذها دول عربية عديدة، أن نذهب في إتجاه إجراء تغيير حقيقي ونوعي في أسلوب حياة الشعوب العربية التي عانت بمعظمها من الفقر والأمية والجهل".

وتابع: "في مجال آخر، يحذر التقرير من أن العالم العربي يعاني شحا شديدا في المياه، كما يعاني نقصا في الأراضي الصالحة للزراعة، وذلك يفاقم حالة التدهور البيئي والتصحر. ولقد صنف البنك الدولي 15 بلدا عربيا من أصل 22 تحت خط الفقر المائي. فماذا فعلت الدول العربية لتغيير الواقع القائم؟ ولماذا غيبت الاهتمام برسم البرامج المختصة بالادارة الرشيدة للمياه وإستغلال الثروات المائية حيث وجدت كما هي الحال في لبنان، على سبيل المثال؟".

واردف: "أما في التربية والتعليم، فلقد شخص التقرير إياه تغلب ثلاث سمات أساسية في ناتج التعليم في البلدان العربية، وهي: تدني التحصيل المعرفي، ضعف القدرات التحليلية والابتكارية، وإطراد التدهور فيها. فأين المناهج التربوية التي تنمي شخصية الطلاب وتعمق فكرهم وتعزز حسهم النقدي؟ وهل لا يزال جائزا، في عصر التكنولوجيا والانترنت، أن يتم تلقين الطلاب شعارات وعبارات سقطت بمرور الزمن؟ من الواضح أن هناك إرتباطات قوية بين عمق الفجوة الرقمية في كل بلد عربي ومستوى التنمية الانسانية فيه!

واشار الى انه "اذا كان مجموع الكتب المترجمة الى اللغة العربية منذ عهد المأمون في القرن التاسع وحتى الآن هي نحو مئة ألف كتاب، وهو يوازي ما تترجمه إسبانيا في عام واحد تقريبا، وإذا كان الناتج المحلي الاجمالي لكل البلدان العربية مجتمعة يقل عن الناتج المحلي لدولة أوروبية كإسبانيا مثلا، فماذا يمكن أن نتوقع للمستقبل العربي؟ وكيف ستتم مواجهة معدلات البطالة المرتفعة التي تزيد عن عشرة في المئة في معظم البلدان العربية؟".

وختم: "كم هو معبر هذا التقرير الذي يختم صفحاته الأخيرة بعبارة:الحرية لا التسلط، الابداع لا الاتباع، الكفاءة لا المحسوبية، المؤسسات لا الفردية"، لقد قامت الثورات العربية على هذه الشعارات، والتغيير العربي مستمر، ولو طال الزمن، وتعددت المشاكل والصعاب". 

السابق
ثورة الغالبية
التالي
كبارة: استقبالات الأسد لسياسيين لبنانيين تعني إفـلاس النظام السوري