نصرالله عَ دَعسات بشير !!

يبدو أن أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله أكثر اللبنانيين تماثُلا مع مسيرة الرئيس اللبناني الراحل ومؤسس القوات اللبنانية بشير الجميّل.

فنصرالله كان أول زعيم لبناني يعيد إحياء شعار "لبنان 10452 كم2"، وذلك خلال انتخابات العام 2005 في معرض تبرير التحالف مع القوات اللبنانية.

لكن، لم تكن هذه أولى إشارات التشبّه بمسيرة بشير الجميل وقوّاته. ففي حين خاض الأخير حرب "توحيد البندقية"، فَعلَ "حزب الله" الأمر نفسه ضد حركة "أمل"، وارتكب كذلك أبشع المجازر وبـ "البَلطات" أحيانا.

صارت حركة "أمل" بلا أنياب، وقبل نبيه بري تجرّع السم حفاظا على وحدة الطائفة، تماما مثلما فعل كميل شمعون.

ارتكب بشير الجميل خطيئة جرّ المسيحيين عموما، والموارنة خصوصا، إلى حلف يناقض الخيارات والتوجهات الإقليمية لدول المنطقة، أقام دولة خاصة، انتزع رئاسة الدولة وأوصل الموارنة إلى قمة مجدهم وقوتهم.

لكن المغامرة انتهت بأن اغتيل بشير، ودخل المسيحيون النفق. في النهاية خسر الموارنة امتيازاتهم في النظام اللبناني، ومعها كل هيبتهم وسطوتهم. الامر الذي ما كان ليحصل ربما لو ارتضوا الحوار مع شركاء الوطن وإجراء تعديلات دستورية.

يكرر نصرالله الخطيئة نفسها، وكأني به يطبّق أغنية "عَ دَعساتك نِحنا مشينا" بحذافيرها. يعمّق التحالف مع إيران وسوريا، وهما دولتان منبوذتان إقليميّا ودوليّا في تَحد صارخ، ليس فقط لاتجاهات أنظمة المنطقة، بل وشعوبها التوّاقة إلى الحرية.

اجتاح الإسرائيليون لبنان وصولا إلى العاصمة بيروت، ولم يمنع ذلك بشير من الجهر بالتحالف معهم مستفزا باقي اللبنانيين.

اغتال النظام السوري الرئيس رفيق الحريري – أو على الأقل هذا ما تعتقده الطائفة السنية وشريحة كبيرة من اللبنانيين- فلم يجد نصرالله حَرجا في أن يعلن الشكر لـ"سوريا الأسد" بعد أقل من شهر على الاغتيال.

يبني نصرالله و"حزب الله" دولتهما ويراكمان السلاح، لكنهما كما بشير والقوّات، يشتريان ولاء الطائفة ببيعها الخوف من الآخر في الوطن.

يحسّ شيعة لبنان بأنهم أسرى الفوبيا، لكن مشكلتهم أن لديهم فائضا في القوة العسكرية يمنحهم نفوذا سياسيا.

هذا الفائض يتجلّى بالمبالغة في الاحتفال بالنجاح في الشهادات الرسمية مثلا.

وحين تضيق عليهم الضاحية وكل أرض دولة "حزب الله"، يتجولون في باقي المناطق – وهذا حق كلّ لبناني – مع الأناشيد العاشورائية تصدح، أو صوت نصرالله في إحدى خطاباته.

هو الشعور بالتفوّق المطلق الذي اعترى الموارنة يوما، قبل السقوط الكبير الذي يذهب إليه الشيعة بكل ما أوتوا من ولاء لـ نصرالله من دون مناقشة الخيارات.

لمصلحة مَن يغيّب "حزب الله" الامام موسى الصدر والامام محمد مهدي شمس الدين وسماحة المرجع محمد حسين فضل الله؟ ألا يشبه ذلك تغييب بشير للأصوات العاقلة في الطائفة مثل ريمون اده، وحتى إقصائه لتوجّهات أبيه المؤسس بيار الجميل وغيرهما؟

وإذا كانت القوى المناوئة للكتائب ارتكبت خطأ عزل "الكتائب"، فإن "حزب الله" يجرّ الشيعة بإرادته نحو العزل، وليكونوا جسما غريبا في لبنان كما المنطقة.

صار فائض القوة عبئا حقيقيا، خصوصا أن حرب تموز 2006، وبالتالي القرار 1701، يبدو أنهما أرّخا لنهاية استرخاص دماء اللبنانيين وممتلكاتهم عموما والجنوبيين خصوصا.

يمضي حسن نصرالله بخطى ثابتة على "دَعسات" بشير الجميل، والخوف أن تكون الأمور وصلت إلى نقطة اللاعودة.

بمعنى أنه إمّا لا حكمة توقف هذا الانزلاق نحو الهاوية، أو أن يكون قرار التخلي عن ارتباطات الخارج والالتفات لبناء الوطن مع الشركاء، تماما كما أدرك بشير آخر أيامه… يعني أن الأوان قد فات، ومصير اللعب مع الكبار في هذه المرحلة… واحد!
  

السابق
الانباء: مفتي دمشق وريفها يهنىء البطريرك اللبناني على رأس وفد ومجلس المطارنة الموارنة
التالي
الجمهورية: موسكو تتمسّك بمشروعها لحلّ سياسي في سوريا وبرّي إلى إيران فأرمينيا والراعي إلى واشنطن