إسرائيل ضد التدخل الدولي في سورية

منذ بدء ثورتنا السورية ونحن في هذه الأشهر التي مرت, نعاني مما نراه يوميا من فظائع يرتكبها نظام الأسد ضد شعبنا, وشعبنا كان حتى قبل شهر تقريبا رغم كل ماعاناه من قتل و"تشبيح" وتعهير لكل شيء, لم يطالب لا بحماية دولية للمدنيين ولا بتدخل دولي عسكري. ولم تكن هناك مشكلة على هذا الصعيد داخل المعارضة, ومع ذلك لم تتوحد! والاطرف من كل هذا أن هناك اتجاها لايحول ولايزول داخل المعارضة منذ ما قبل الثورة, وخلالها يخون اطراف المعارضة الأخرى بحجة أنها مع التدخل الدولي, ففي سياق البدء بمؤتمرات المعارضة, أول تهمة وجهت الى مؤتمر انطاليا, بعد شهرين من الثورة أنه مشبوه لأنه مع التدخل الأجنبي! الآن الوضع اختلف وهذا التيار لم يتزحزح أيضا عن موقفه المبدئي, ضد التدخل الخارجي, رغم أن الشعب منذ شهرين تقريبا, وهو يطالب بتظاهراته اليومية بحماية المدنيين, وهذا يعني ببساطة أن الشعب قال كلمته في هذا الموضوع, وهي تعني فيما تعنيه, أن الشعب لم يعد يريد حشره في زاوية مميتة ضد التدخل الخارجي, والبديل من هذا التيار هو الابقاء على آل الأسد, رغم أن الموقف هو العكس تماما اذ من المفترض أن يكون, عدم تحميل المسؤولية عما يجري في سورية, لأي شخص أو مسؤول أو ضابط, خارج آل الأسد, أقصد أننا يجب لو كنا فعلا نتفهم طبيعة عمل السلطة وآليات اتخاذ القرار فيها, وكيف يتم تنفيذه, وما هي غايتنا من الثورة, وبخاصة لجهة الحفاظ على وطننا السوري الحبيب, التركيز فقط في شعاراتنا, ونشاطاتنا على العائلة الحاكمة.

صحيح أننا في سياق تحليلنا لشروط الانتفاضة وقيامها ومعوقاتها نتحدث عن تواطؤات هنا وهناك, وعن دور التطييف السياسي, كمعيق لقيام الاحتجاجات في مناطق عدة من سورية, لكن ليس الغاية من ذلك محاكمة أهل حلب, وأكراد عفرين وراجو لكون ال¯¯ ""pkk قوي هناك, وأهل جبل حوران, او محاكمة فعاليات الأقليات المسيحية, أو الفعاليات في الطائفة العلوية, هذا تحليل ونزعم أننا بذلك نحاول ان نجد أفضل السبل لكيفية مشاركة شعبنا في هذه المناطق بالثورة, والانضمام اليها, وليس من أجل محاكمة معيارية وتوعدات مستقبلية.

ما يجب أن ندركه جميعا, ولدينا أمثلة, القذافي وعائلته وزين العابدين ومجموعته, أن الموضوع تمحور عندهم على رمي آل القذافي خارج السلطة, واتضح أيضا ان إحالة العائلات الحاكمة للتقاعد يعني أن نقلة نوعية تحدث في تلك الدول, وهي نقلة أساس, ولا غنى عنها. لهذا مهمتنا حماية شعبنا كله, وليس فقط المدن التي خرجت في التظاهرات. وهذا تعبير عن عمق انتماء هذه الثورة لعموم الشعب السوري, حتى لو كان القسم من هذا الشعب, لايزال إما مع النظام أو على الحياد. هذا ينطبق أيضا على التيارات من المعارضة التي تدعو الى الحوار مع القاتل, أو تحاول أن تجد مخرجا لآل الأسد بذريعة عدم التدخل الخارجي.  
نختلف صحيح, لكن هذه الجهويات الأفقية والعمودية يجب ألا تحجب عنا أن هدف الثورة يتجلى بإسقاط السلطة, ولكون السلطة مشخصنة وعائلية بطريقة "مافياوية", فهذا يعني أن إسقاط آل الأسد هو المهمة المركزية وبعدها, ندخل مباشرة الى بناء سوريتنا الجديدة بتضافر كل الجهود سواء من شارك في الثورة أم لم يشارك. وعلى الثورة أن تستمر في رسالتها هذه ولا تستمع الى الأصوات النشاز من كل الأطراف, لأنها ثورة لسورية كلها, وحرية لشعبها كله, وليس لقسم منه. بعد هذا الذي يبدو خروجا عن العنوان, أعود لأقول" منذ بداية الثورة كنت قد كتبت مقالة تحدثت فيها عن أهم عامل يعيق أي تدخل خارجي في سورية, هو رفض إسرائيل لأي تدخل عسكري أو خلافه من شأنه أن يساهم في إسقاط آل الأسد, بشكل خاص" وهي ترفض وجود قوات دولية مؤللة من أي نوع كان على حدودها حتى لو كانت أميركية.وحاولت تبيان لماذا? والآن لكون شعبنا رفع شعار طلب حماية المدنيين, فأعتقد ان من الواجب الحديث عن أن من يقف دوليا وفعليا ضد هذا الأمر لكي يتم بقرار من مجلس الأمن وفق البند السابع هي إسرائيل, أما الروس وغيرهم الغرب فقادرون على التعامل معهم كما أشرت إلى ذلك أكثر من مرة في السابق. وإسرائيل تدرك أيضا ان هذا النظام الإقليمي الذي ساهمت في بنائه منذ عام 1973 وحتى اللحظة, مرتبط ارتباطا وثيقا ببقاء آل الأسد بالسلطة, وهنا أشير الى أنني لا اتهمهم بالعمالة لإسرائيل, والموضوع ليس مؤامرة تحت الطاولة, هو اوضح من ذلك بكثير, هو تبادل مصلحي واضح بين طرفين, آل الأسد بالسلطة في سورية مع ماعناه ذلك وما يعنيه في حال استمرارهم, وإسرائيل كطرف ثان, وعلى المعارضة وخاصة قسم من المعارضة الإسلامية والقومية واليسارية أن تتخلص من هذه النغمة, في الحديث عن أولوية الصراع العربي – الإسرائيلي, إن أكثر ما يحرج إسرائيل هو خطاب السلام وليس خطاب الحرب والتوعد والوعيد, الجولان يجب أن يعود هذا كلام لا غبار عليه, لكنني لست فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين, أقله مرحليا. لأن أهم جامع بين آل الأسد وإسرائيل هو عدائهما شبه المطلق للسلام العادل والشامل. الثورة لا تريد إرسال جيشنا للجولان, بل تريد عودة الجولان عن طريق السلام, وبشكل مطلق لايقبل القسمة على طرفين. وإذا كانت الثورة استخدمت شعارات توحي بذلك فهي لكي تقول أن هذا الجيش هو جيش العائلة, ويجب أن يكون جيشا لكل الوطن, خاصة إذا كانت أرضه محتلة.

لهذه الأسباب وغيرها إسرائيل تقف ضد سقوط آل الأسد, ونحن لا نتهمهم رغم ذلك بالخيانة( رغم أن ابواقهم وقسما من معارضتنا يتهم بعض المعارضة الأخرى بالتعامل مع إسرائيل), بل هناك تبادل مصلحي فاقع لمن يريد أن يرى من دعاة الممانعة والمقاومة, وأيضا هم يدركون أن إسرائيل هي القوة الحقيقية التي تقف ضد رفع الشرعية الدولية عن النظام, وتحاول جاهدة استمراره, حتى لو أفنى النظام نصف الشعب السوري, إسرائيل لاتريد أنظمة طبيعية ودولا طبيعية تحاصرها بالسلام, بل تريد عسكرة كاذبة بحجتها وفقرا وتخلفا وأنظمة مستبدة لكي تقول للعالم ان إسرائيل هي الدولة الوحيدة الديمقراطية في المنطقة. مع ما تعنيه هذه المقولة من امتيازات لإسرائيل.

لهذا على الشعب الإسرائيلي أن يقف مع شعوب المنطقة في سعيها الى نيل حريتها من هذه الأنظمة.
لو قلبنا المشهد السوري من كل الجوانب لوجدنا أن العقبة الوحيدة أمام شعبنا لكي يخرج بدولة طبيعية ديمقراطية دولة قانون وحقوق إنسان ومؤسسات, هم آل الأسد بما يعنوه سلطة مشخصنة.
لهذا أنا مع خطاب السلام والاستمرار في مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل من أجل حماية المدنيين, وشعبنا سيتكفل بإسقاط النظام. 

السابق
السفير:موسكو ترفض مشروع قرار غربي ضد دمشق: يشجع المعارضة على العنف … ويقضي بتغيير النظام
التالي
مواقف مربكة!!