لاهاي مهبط النظام السوري

 منذ أسابيع قليلة مضت ظهر المحامي العام لمدينة حماة السورية عدنان البكور معلنا استقالته رداً على المجازر التي ارتكبها النظام الأسدي في حماة. وجاء في تصريحه, أن النظام السوري قتل السجناء ودفنهم في مقابر جماعية, وقال ان الاعتقالات كانت عشوائية بحق المتظاهرين السلميين,واصفا التعذيب داخل فروع الأمن بكلمات تثير الدهشة ازاء استمرار الصمت حيال تلك المذابح غير المسبوقة وكشف الرجل في شهادته الحية ان النظام الذي يقوده بشار الاسد هدم بيوتا بأكملها على رؤوس ساكنيها. وسرعان ما فجر الرجل مفأجاة كبيرة حين قال :انه يوجد في جعبته الكثير من الشهادات والوثائق وانه سيدلي بها في وقت لاحق.
وبشهادة المحامي العام يعود المرء بذاكرته الى مجازر ارتكبها الاسد الاب بحق اهل حماة من خلال قتل عشرات الألاف في مذبحة لم يحدث ان شهدتها دولة شرق اوسطية والآن يعاد السيناريو نفسه من خلال النظام وارتكاب سلسلة من المجازر ودفن الضحايا في مقابر جماعية وهي جرائم لاتقل وحشية عما فعله الخمير الحمر في كمبوديا وميلوسفيتش في البوسنة وهتلر في ألمانيا وهي افعال تقع تحت توصيف مجازر ضد الانسانية تتطلب عقابا وفق القانون الدولي .
وتُعرًف المجازر ضد الإنسانية بانها أي فعل من الأفعال المحظورة والمحددة في نظام روما متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد اي مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن هذه الأَفعال, القتل العمد, الإبادة, والاغتصاب, العبودية الجنسية, والإبعاد أو النقل القسرى للسكان. و تعد المحكمة الجنائية في لاهاي المرجع لمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء وتحظى بولاية عالمية لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري.
وفي سورية لم يقف النظام عند ارتكاب هذه المجازر رغم إنكاره دخول الجيش السوري إلى غالبية المدن السورية حتى انه فبرك قصة عن اختطاف المحامي العام من قبل جماعات مسلحة, ليأتي الرد السريع من المحامي العام نفسه نافيا ما جاء في الاعلام السوري معلناً أن استقالته جاءت احتجاجاً على الممارسات الوحشية بحق المتظاهرين السلميين. وذكر أن ما يبثه التلفزيون السوري عن اختطافه من قبل جماعات مسلحة هو عار من الصحة, وذكر الرجل قائمة بأسماء المتورطين في مجازر ضد المدنيين العزل في حماة.
اذن نحن امام شاهد اثبات على هذه الجرائم, وتاكيدا لصحة شهادة هذا الرجل اطلعت على وثيقة رسمية تبين انها عبارة عن برقية سرية موجهة إلى قيادة الفرقة الرابعة صاحبة الصيت السيئ لدى الشعب السوري بسبب شدة وحشيتها, وقد حوت البرقية توجيها صريح من بشار الأسد بصفته القائد العام للقوات المسلحة مذيلة بتوقيع العماد علي محمود نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة وزير الدفاع, بإعدام المعتقلين في حماة وتسليمهم إلى المحامي العام.
ان هذا الدليل الدامغ الذي اثبتته الوثيقة الموجودة بحوزة جهات قانونية ودولية والأدلة الأخرى التي جمعتها المنظمات الدولية والإنسانية من قيام النظام السوري بارتكاب الفظائع بحق شعب أعزل تخرس المتشككين او المدافعين عن النظام, وتوضح بما لايدع مجالا من الشك ان شرعية الرئيس السوري لم تعد قيد البقاء بعد ارتكابه بالادلة اعمالا يعاقب عليها القانون الدولي, ولا يقبلها المجتمع الدولي, لقد بات من المستحيل بقاء ذلك النظام وسط فيض الادلة والمشاهد التي تكشف الجرائم ووحشية الامن السوري, في وقت عجز فيه النظام نفسه عن تطبيق اي اصلاحات وهو ما يعني عدم مقدرته على ادارة الامور وهذا من جانب اخر .
ان الامر برمته بات على المحك وهو يتطلب تدخل مجلس الامن للتصويت على اقرار احالة ملف جرائم النظام السوري إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا ,وهو امر حتمي لان سورية لم توقع على معاهدة روما وهو ما يجعل استحالة احالة الجناة مباشرة للمحاكمة الدولية من دون المرور على مجلس الامن .
لقد اقتربت ساعة الحساب, بعدما طالت ساعة السحل والقتل الجماعي وافرط فيها النظام السوري وهو ما تسبب في تسرب ادلة الاثبات وان كانت مشاهد العنف ملأت مواقع الانترنت ووصفها النظام السوري ب¯ " المفبركة ", فان استقالة المحامي العام وتسريب وثيقة القتل الجماعي من القائد الاعلى للقوات المسلحة السورية اي بشار الاسد, قربت مثول الجناة امام محكمة لاهاي في هولندا وهو الامر الذي سيمثل بداية جادة وفعلية ليجني الشعب السوري ثمار تضحياته وفاء لاكثر من 3 الاف شهيد نصفهم قتل بشكل جماعي كما قال المحامي العام الذي فضح النظام السوري . 

السابق
إمرار التمويل: مرسوم أم خلطة أكثرية جديـدة عابرة؟
التالي
النظام السوري نهب من لبنان 40 مليار دولار خلال الاحتلال