الجمهورية: أين تَقِف 8 و 14 آذار من ميقاتي؟

ما زالت مواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تتفاعل باتجاهين، رصد ومتابعة من قبل 14 آذار، وحملة مُركّزة من قبل 8 آذار، هذه المواقف التي عكست تقاربا وتقاطعا مع مواقف المعارضة في غير مسألة وعنوان، وأثارت التباسا وتباعدا مع الأكثرية في جملة من القضايا التي كانت تعتبرها محسومة ومَبتوتة مع رئيس الحكومة، ومن أبرز هذه القضايا:

أولا، إعلان ميقاتي الالتزام بأي إجماع دولي قد يتشكل ضد سوريا، أي أن لبنان لن يكون من الآن وصاعدا خارج أي إجماع دولي على غرار ما حصل في البيان الرئاسي، وهذا ما اعتبرته دمشق إعلانا عن فك ارتباط معها، أو أقله إعطاء الأولوية للغرب على سوريا.

ثانيا، دعوة ميقاتي حزب الله "لأنه متأكد من براءته"، إلى "تعيين محامين للمرافعة عن المتهمين أمام المحكمة الدولية من أجل إثبات براءتهم"، وهذا ما اعتبره الحزب تطابقا وتماهيا مع مواقف 14 آذار والمحكمة الدولية.

ثالثا، تأكيد ميقاتي أنه لن يكون انتقائيّا في تنفيذ القرارات الدولية، أي ما ينطبق على القرار 1701 ينسحب على القرار 1757، وهذا ما يجعل تمويل المحكمة مسألة غير قابلة للمساومة بالنسبة الى رئيس الحكومة.

حيال هذه الوقائع، وبعد أن تحوّل ميقاتي إلى الطرف الذي لا يرضي أحدا، إذ إنّ تقاطعه بالمواقف مع 14 آذار لا يعني "مسامحة" الأقلية له على "خطيئته الأصلية" بقبوله التكليف من السيد حسن نصر الله، كما أن حاجة الحزب له في رئاسة الحكومة للإمساك بمفاصل السلطة، لا يعني أن الأخير غير مستاء وممتعض ومنزعج من أداء رئيس الحكومة وسلوكه، ارتأت "الجمهورية" الوقوف على رأي 14 و8 آذار للإضاءة على حقيقة مواقف هذه القوى من رئيس الحكومة.

القيادي في تيار "المستقبل" وعضو أمانة 14 آذار الدكتور مصطفى علوش قال لـ"الجمهورية": "الخطأ الأساسي والخطيئة الأصليّة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو قبوله بهَيمنة "القمصان السود" على الحياة السياسية في لبنان"، مشيرا إلى أنّه "لا يمكن التعويض عن خطأ قبوله لرئاسة الحكومة بعد زيارته للأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله، إلّا بالعودة عن الخطأ الأساسي وتقديمه لاستقالته".

وحول أن ميقاتي قام بتثبيت الموظفين السنة، وتعهّد تمويل المحكمة الدولية، ويواجه عون في مجلس الوزراء، قال علوش: "لا يفترض مقاربة الأمور من زاوية موقف من هنا أو من هناك، إنما مقاربتها انطلاقا من رؤية وطنية شاملة تأخذ في الاعتبار المسائل الآتية:

أ- طريقة تكليف ميقاتي وما رافقها من أجواء انقلابية في البلد، وبالتالي أي تسليم بهذا الواقع يعني تشريعا للانقلاب.

ب- المعركة الأساسية هي معركة سلاح حزب الله، هذا السلاح الذي يحول دون قيام الدولة وهو معطّل للحياة السياسية، إذ لا يمكن أن تستقيم الديموقراطية في ظل وجود السلاح، فضلا عن أن هذا السلاح يشكل تهديدا مستمرا للبنان، وبالتالي ما هو موقف الرئيس ميقاتي من هذا السلاح وهذه القضية الوجودية بالنسبة إلى لبنان؟

ج- دور لبنان في الصراع العربي-الإسرائيلي، إذ في الوقت الذي نعتبر فيه أن لبنان يجب أن يستظلّ الشرعية العربية، وتحديدا المبادرة العربية للسلام، والشرعية الدولية وقراراتها، تحوّل هذا البلد مع حزب الله إلى رأس حربة في الصراع المذكور لمصالح سورية، وأهداف إيرانية بعيدة كل البعد عن المصلحة البنانية.

د- المحكمة الدولية التي جاء البيان الوزاري ملتبسا في التزامه المبدئي بها، خصوصا أن المحكمة هي الطريق والمعبر إلى العدالة، والتي من دونها لا قيامة حقيقية للبنان.

هـ- الحكومة الميقاتية باتت ملجأ للمطلوبين، وهي توفر الحماية لهؤلاء المطلوبين.

انطلاقا ممّا تقدّم، يعتبر علوش "أن المعركة هي وطنية بامتياز، وليس تثبيت هذا الشخص أو ذاك. ونرفض أن يُمَنننا أحد بذلك، خصوصا أن من مصلحة الدولة تثبيتهم نظرا لنزاهتهم وكفاءتهم وإنجازاتهم المشهودة"، مؤكدا "أن 8 آذار اغتصبت السلطة، ولا يجوز تحويل هذا الاغتصاب إلى مسألة طبيعية، وكأنّ شيئا لم يكن". 

وأشار علوش إلى أن "أولوية حزب الله الإمساك بكل مفاصل السلطة في لبنان، ولا مانع لديه من تمرير التمويل حفاظا على تماسك جبهته"، لافتا إلى "أن بإمكان الحزب تجاوز الإحراج النسبي الذي سيواجهه أمام جمهوره". ولم يمانع علوش "في مبدأ التعاون مع ميقاتي إنّما على "القطعة"، أي كل موضوع بموضوعه من دون منحه "شِك على بياض".

هذا على المستوى الـ14 آذاري، أمّا لجهة 8 آذار فقال النائب قاسم هاشم لـ"الجمهورية" إنه "من الطبيعي ان يكون هناك تباين في الرأي حول قضايا اساسية بين رئيس الحكومة والافرقاء السياسيين، سواء كانوا مشاركين في الحكومة أم خارجها، خصوصا أن هذه القضايا لم يكن هناك في الأساس من تفاهم او تَوافق على مُجملها قبل توَلّيه رئاسة الحكومة، إذ إنّ التباعد كان واضحا، ولكن المسألة ليست بالحِدّة الموجودة اليوم، ولعلّ موضوع خطة الكهرباء خير دليل الى الاختلاف في الرأي بين القوى المكوّنة للحكومة او الداعمة لها".

وأضاف قاسم: "على رغم هذه الخلافات، لقد تمّ التفاهم على قواسم مشتركة، وعلى نقاط اساسية يمكن مقاربة كل القضايا على اساسها، كما حصل في موضوع الكهرباء. والمقاربة ستنطلق في كل القضايا الخلافية ضمن الفريق الواحد. وحتى في موضوع المحكمة، فهنالك اتصالات جارية حول كيفية مقاربة هذه المسألة حفاظا على المصلحة الوطنية، وذلك على رغم الخلاف حول المحكمة وتمَسّك كل فريق برأيه، خصوصا أن قوى 8 آذار لا يمكن ان تقرّ بمبدأ المحكمة لأنها تعتبر ان ما قام على باطل فهو باطل، وهي من الأساس مُسيّسة ولم تتبع الاصول الدستورية والقانونية. لكن الاتصالات تتم بهدف التفتيش عن مصلحة لبنان. فالحفاظ على هذه المصلحة يبقى الاهم، على رغم الملاحظات، وعلى رغم عدم تغيير موقفنا من موضوع المحكمة، إلّا ان المصلحة اللبنانية في ظل الظروف السياسية المحلية الاقليمية والدولية، تحتّم التفتيش عن هذه المصلحة والحفاظ عليها وعدم إعطاء ذرائع لأي كان. من هذه المنطلقات، يجب على الجميع السَعي لتجنيب لبنان أي منزلقات تحت أيّ شعار كان".

وردا على سؤال حول هل ان ميقاتي خيّبَ أمل فريق الاكثرية الجديدة؟ قال هاشم: "إطلاقا، ومَن يعتبر انه خيّب امله يكون وضع الامور في غير نصابها، لأن توجهات الرئيس ميقاتي معروفة من الاساس، ومقاربته للقضايا معروفة، ولم يكن لحظة واحدة من ضمن فريق 8 آذار. فالرئيس ميقاتي "وَسطي" وكان بعيدا عن قوى 8 آذار، ولا شك أنه يتفق معها في بعض النقاط ويختلف في نقاط أخرى". 

السابق
حتى السواح !!؟
التالي
النهار: اجتماع فجراً علّق إضراب السائقين العموميين وخطة الكهرباء إلى الاختبار الأول في المجلس