الاخبار: تعليق إضراب السائقين بعد اجتماع ليليّ مع ميقاتي

كان اللبنانيون قد ناموا على خبر إضراب السائقين اليوم، وبالتالي على إمكان تعطّل الكثير من المرافق والأعمال وإقفال المدارس التي استأنفت الدراسة. لكنّ اجتماعاً ليلياً استمر حتى الفجر أدى إلى تعليق الإضراب. فهل يستأنف المواطنون دورة العمل اليومية؟ هذا إذا استفاقوا وسمعوا الخبر قبل الدوام الرسمي

أدى اجتماع ليليّ، بدأ بعيد منتصف الليلة الماضية واستمر حتى الثانية فجراً، بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وممثلين عن نقابات النقل البري، إلى تعليق إضراب سائقي السيارات العمومية الذي كان مقرراً اليوم.

وكان موضوع الإضراب قد حلّ ضيفاً طارئاً على جلسة مجلس الوزراء في السرايا أمس، حيث طرحه وزير الداخلية مروان شربل من خارج جدول الأعمال، لافتاً إلى ما يثار عن إقفال الطرق. وعُرضت فكرة أن يتبنى المجلس اقتراح القانون الذي قدمه النائب نواف الموسوي إلى مجلس النواب والذي يتضمن صيغة الوزيرة ريا الحسن لدعم النقل الخاص بمعدل 12 صفيحة ونصف من البنزين شهرياً لأصحاب اللوحات الحمراء، على خلفية أن هذه الصيغة سبق أن وافق عليها رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال آنذاك سعد الحريري والرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي.
وفيما أعلن ميقاتي تأييده لهذا الاقتراح، اعترض وزراء تكتل التغيير والإصلاح، وعلى رأسهم الوزير شربل نحاس، على «المخالفة الدستورية والقانونية التي ارتكبتها الحسن عندما حمّلت، وهي في حكومة تصريف أعمال، الخزينة مبالغ طائلة سيستفيد منها بالدرجة الأولى شركات النقل الكبيرة ومالكو عشرات اللوحات العمومية الذين يؤجرونها لسائقين لن يستفيدوا من القانون». وتبنى عدد من الوزراء مطالعة نحاس، لافتين إلى أنه عندما يتحول الاقتراح إلى قانون، سيكون على الحكومة أن تنفذه، سواء أيدته أو لم تؤيده. بينما لن يكون من الضروري أن تعلن تأييدها أو رفضها لاقتراح القانون الذي لم يصدر بعد. وبحسب مصادر وزارية، فإن معظم الوزراء متوافقون على أن قرار ريا الحسن غير ذي جدوى، لكنهم منقسمون في ما إذا كان يجب تنفيذه أو تجاهله، مع غلبة الرأي الأول الذي يقول بضرورة عدم استفزاز السائقين.
ودار سجال حام حول الموضوع، أدى إلى موقف مبدئي سيُبلَّغ إلى مجلس النواب عندما يُطرَح اقتراح الموسوي، ومفاده أن الحكومة الحالية غير موافقة على هذه الصيغة، وهي ترى أن مبلغ الـ200 مليون دولار يمكن أن يمثّل اللبنة الأولى للمباشرة بإقامة نقل عام فعال يستفيد منه جميع اللبنانيين، لا فئة صغيرة. وفي المحصلة اتُّفق على صيغة «أخذ العلم» بقرار الحسن، وعلى وضع خطة النقل العام على سكة البحث الجدي، وساط تشاؤم بعض الوزراء في إمكان التوصل إلى نتيجة من هذا البحث.
لم يكن موضوع النقل هو الوحيد الذي أثار سجالاً طويلاً في الجلسة؛ إذ لدى عرض تقرير أعده الوزير محمد فنيش، ويتضمن تعميماً للمديرين العامين، جرى نقاش في طريقة عمل الهيئات الرقابية، وأثير موضوع «الحصانات الطائفية» للمديرين العامين ورؤساء مجلس الإدارات، التي تجعلهم خارج أي مساءلة أو محاسبة، وتسمح لهم بتجاوز الأصول والأنظمة وفتح قنوات مباشرة مع «مرجعياتهم الطائفية في السلطة التنفيذية». وانتهى النقاش إلى أخذ العلم بمضمون التقرير، إلا أن الحكومة التزمت إعادة الاعتبار إلى الأنظمة والأصول الإدارية، ما يلزم الأجهزة الرقابية، ولا سيما مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، من الآن وصاعداً، بالتوجه إلى الوزير لطلب تق,يم المدير العام في وزارته قبل الاتصال بالمدير العام لتقويمه مباشرة، ثم إحالة نتائج التقويم على الوزير ليقوم هو برفعها إلى مجلس الوزراء.

كذلك حصل نقاش في المشاريع التي ينفذها مجلس الإنماء والإعمار، حيث شدد عدد من الوزراء على ضرورة إدراج كل مشروع في موازنة الوزارة التي يعود إليها، للتأكيد أن المجلس ليس بديلاً للوزارات، بل هو يقوم بمهمات لحسابها.
وفي ما عدا ذلك، كانت الجلسة بحسب قول أحد الوزراء «الأكثر سخافة»، مؤكداً أنه بعد نصف الساعة الأولى لم يكن هناك موضوع أخذه مجلس الوزراء على محمل الجد، بل «لم يجتمع أكثر من نصف الوزراء حول الطاولة؛ إذ كان الباقون يتناولون ما على طاولة «البوفيه» أو يدخلون في محادثات جانبية».

وكان ميقاتي قد استهل الجلسة بالإعراب عن الأمل في أن تبدأ مناقشة مشروع قانون خطة الكهرباء الذي أحالته الحكومة على المجلس، «في أجواء من التعاون والألفة، بعيداً عن التشنجات والحسابات المسبقة والتوصيف السياسي الذي يجعل من المشروع كأنه مطلب سياسي لفريق في مقابل رفض فريق آخر، فيما هو في الواقع إنجاز للبنان وللمواطن».
وانتقد الخطاب السياسي و«ما يصدر من كلام تخويني وعبارات أخرى لا تقل حدة، وكأننا أصبحنا في مباراة تنافسية في من يشتم أكثر أو يبالغ في النقد غير البناء»، داعياً إلى وقف «هذا السيل من السباب والشتائم التي بتنا نخجل من سماعها»، ومنبهاً إلى «أن الظروف التي تمر بها دول المنطقة والجوار، تفرض علينا تضامن الحد الأدنى لتمر هذه العاصفة بسلام، بحيث لا تترك عندنا أي أثر أو تقتلع جذور وحدتنا وتضامننا وتمسكنا بالثوابت الوطنية التي قام عليها لبنان، ولا سيما العيش الواحد والمساواة في الحقوق والواجبات». 
وكان ميقاتي قد التقى قبل الجلسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي شدّد أيضاً خلال لقاء الأربعاء النيابي على أهمية إنجاز مشروع الكهرباء، معلناً أنه في ضوء إنجاز اللجان النيابية التي ستبحث المشروع اليوم «عملها، ستكون هناك دعوة إلى انعقاد الهيئة العامة في أسرع وقت لمناقشة المشروع وإقراره». وشدد على «أن المجلس سيقوم بواجبه حيال هذا الموضوع وكل الملفات والقضايا المطروحة».
وتطرق بري إلى ردود الأفعال على المواقف الفرنسية للبطريرك الماروني بشارة الراعي، مشيراً إلى أن كلام الأخير «هو تعبير عن موقف وطني من التطورات التي تحصل في لبنان والمنطقة، وتعبير أيضاً عن مخاوف حقيقية من تداعيات ما يحصل على وضع المسيحيين، وهو حريص على لبنان واللبنانيين».

وفي موضوع الراعي، لفت أمس تصريح للسفير الفرنسي دوني بييتون أعلن فيه أن حكومة بلاده طلبت منه لقاء البطريرك الماروني «بعدما خاب أملها من تصريحاته الأخيرة على أراضيها، وذلك لاستيضاح حقيقة مواقفه»… مع أنه كان على أراضيها، فلماذا لم تستوضحه.
في مجال آخر، برز أمس إعلان التلفزيون السوري أنه سيبث يوم السبت المقبل اعترافات جاسوس إسرائيلي «يكشف بعض خيوط المؤامرة على سوريا» وكيف شارك في تسهيل اغتيال الشهيد عماد مغنية. 

السابق
لمــن تُقــرع أجـراس بكـركـي؟
التالي
نديم الجميل في ذكرى بشير يوجّه البطريرك