اللواء: ميقاتي يؤكد أن تمويل المحكمة قائم وكلام عون ضد الموظفين السنَّة غير مقبول

بدّدت المواقف القاطعة، التي اعلنها، ليل امس الرئيس نجيب ميقاتي، بعضاً من اجواء التوتر والقلق، لا سيما لجهة التزام لبنان بالقرارات الدولية، بما في ذلك تمويل المحكمة الخاصة بلبنان، المقدرة بـ33 مليون دولار، والدفاع عن الموظفين السنة الذين هاجمهم النائب ميشال عون، طالباً بوضع رؤوسهم على المقصلة، وتوضيح ما نسب اليه في وثائق <ويكيليكس>، سواء بما يتصل بحزب الله، او النائب عون نفسه، آملاً من كل قلبه ان يقفل ملف <الويكيليكس> اللبناني، عشية <انغماس> الرئيس نبيه بري في السجالات الويكيليكسية عبر اعادة فتح ملفات حرب تموز وطاولة الحوار الوطني، من زاوية تخوينية، وهو الامر الذي يهدد برفع منسوب التوتر الداخلي اذا ما اضيف الى التوترات الحادة التي اعقبت تصريحات البطريرك الماروني بشارة الراعي المثيرة للجدل في باريس، والتي ختمها فور عودته الى بيروت باعتبار الذين قرأوا كلامه الباريسي تجاه حزب الله وبقاء الرئيس بشار الاسد، اكتفوا بالعنوان وبنوا عليه كرتوناًً وسراباًً، أسفاً <لان معظمهم ينظر الى الامور بسطحية>، داعياً النظر بعمق، وان نكون <موضوعيين لا انتهازيين>، وذلك قبل ان يتجدد السجال في بكركي ومن بكركي، التي قرر الرئيس ميقاتي زيارتها هذا الاسبوع لتأييد الشق المتعلق بسلاح المقاومة كجزء من الاجماع اللبناني، والاستفسار منه عن الشق المتعلق بوصول الاسلاميين الى سوريا، من زاوية تحمل اتهاماً بالاسلام السياسي لا يوافق عليه رئيس الحكومة·

وفي تطور من شأنه ان يوفر فرصة اضافية للاستقرار اللبناني، على الرغم من التوترات الداخلية، جدد المجلس الوزاري الخليجي دعمه الكامل للامن والاستقرار والوحدة الوطنية اللبنانية، واهاب بكافة الاطراف السياسية اللبنانية معالجة الامور بالحكمة والتروي، متمنياً، أن تحقق حكومة الرئيس ميقاتي الأمن والاستقرار الذي يتطلع إليه الشعب اللبناني الشقيق·

واعتبر مصدر وزاري أن هذا الموقف العربي مفيد للبنان، عشية توجه كل من الرئيسين ميشال سليمان وميقاتي لترؤس الأوّل لجلسة في مجلس الأمن في 21 و22 ايلول، والثاني لجلسة مماثلة في 27 منه قبل انتهاء رئاسة لبنان للمجلس باسم المجموعة العربية للشهر الحالي·

وتزامن التأكيد الخليجي على الاستقرار اللبناني، مع ما لمسه الرئيس ميقاتي في باريس، على هامش مؤتمر أصدقاء ليبيا الذي شارك فيه، خلال لقاءاته مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الفرنسية آلان جوبيه، ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان، حيث شدّد المسؤولون الثلاثة على استقرار لبنان، بحسب ميقاتي، الذي اعترف بأن معظم ما نشر في <ويكيليكس> عن لسانه صحيح، وإن كان ما نشر ليس جديداً، وسبق ان نشر في صحيفة أخرى قبل شهور، مع بعض التحريف·

وقال أن ما قاله عن ورم <حزب الله> صحيح ولكنه ورم غير خبيث، موضحاً أن المقصود بذلك أنه يحاول القيام مقام الدولة، مميزاً بين سلاحه وبين المقاومة ضد إسرائيل· وزاد انه من خلال تجربته في الحكومة لمس ان الحزب لا يريد أن يأخذ مقام الدولة·

لا انتقائية في القرارات وبالنسبة إلى تمويل المحكمة، شدّد الرئيس ميقاتي في مقابلة مع تلفزيون <الجديد> على احترام لبنان للقرارات الدولية، من دون تمييز بين القرار 1701 الخاص بنشر <اليونيفل> في الجنوب والقرار 1757 الذي انشأ المحكمة الدولية، لافتاً إلى ان عدم احترام لبنان لهذه القرارات يضعه في موضع خطر، فضلاً عن انه يخدم مصلحة إسرائيل التي تسعى إلى أن يكون لبنان خارج هذه القرارات· موضحاً أن هذا الامر من ثوابت حكومته التي ستظل ملتزمة بهذه القرارات، خصوصاً وأن لبنان هو حالياً رئيس لمجلس الأمن، إذ كيف يكون رئيساً لأعلى مرجع دولي ولا ينفّذ قراراته، إلا أنه رفض أن يكون هذا الأمر له علاقة بزيارته إلى نيويورك، حيث سيترأس جلسة في 27 الحالي عن موضوع الشرق الأوسط، فيما سيترأس الرئيس سليمان جلسة في 22 منه بموضوع <الديبلوماسية الوقائية> التي سيطرحها لبنان·

إلا أن ميقاتي الذي تعهّد بعدم الحديث عن المحكمة مرة أخرى، رفض الدخول في تفاصيل كيفية تمويل المحكمة، أو كيفية دفع المبلغ المترتب عليه وهو 33 مليون دولار، وما إذا كان بموجب سلفة خزينة لا يحتاج لقرار من مجلس الوزراء، أو عن طريق آخر، مستشهداً بالمثل القائل: <من طلب الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه>·

وإذ لاحظ، بحسب ما فهم من رئيس هيئة الدفاع في المحكمة فرنسوا رو، أن موعد محاكمة المتهمين الأربعة ما يزال بعيداً، متمنياً من <حزب الله> أن يوكل محامين للدفاع عن هؤلاء المتهمين لأنه على ثقة ببراءة الحزب، أوضح أن ملف شهود الزور لم يقفل، وأن الموضوع يدرسه وزير العدل شكيب قرطباوي مع مجموعة من القضاة، وعندما ينتهي منه سيطرح في مجلس الوزراء·

وبالنسبة إلى الأحداث الجارية في سوريا، قال ميقاتي، أنه يتمنى للشعب السوري ما يتمناه هذا الشعب لنفسه، مؤكداً أنه ضد إراقة الدماء والعنف، مشيراً إلى أن لبنان لا يستطيع أن يأخذ قراراً ضد سوريا، ولكن إذا أخذ مجلس الأمن قراراً بالإجماع فنحن معه، إذ لا نستطيع أن نقف بوجه المجتمع الدولي، معرباً عن خشيته من انعكاسات ما يحدث في سوريا على الوضع اللبناني، داعياً اللبنانيين إلى وعي مخاطر هذا الأمر وأن يحيدوا أنفسهم عما يجري·

وبالنسبة إلى علاقته بالنائب عون، لفت رئيس الحكومة الى انه لا يريد الدخول في سجال مع احد، معترفاً بأنه اختلف مع عون في موضوع الكهرباء، وفي غيره من المواضيع، لكن هذا الاختلاف هو حريص على ان لا يتحول الى ازمة وممكن حله بالحوار، لافتا الى ان لعون اسلوبه مثل كل طرف سياسي وانا احترم كل الاطراف·

إلا ان الرئيس ميقاتي، اكد بإصرار انه لن يقبل استهداف الموظفين السنّة الستة، الذين طالب عون بإقصائهم من الادارة، وهم: المدير العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي، والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي، ورئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن، ومدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا، ومدير عام اوجيرو عبد المنعم يوسف، ورئيس مجلس ادارة <الميدل ايست> محمد الحوت، مدافعاً عن هؤلاء بقوة، متسائلاً عن اسباب حصر المخالفات بهؤلاء، وهل غيرهم قديسون؟

التمويل تلقائي الى ذلك، اكد مرجع حقوقي لـ <اللواء> ان تمويل المحكمة الدولية لا يحتاج الى قرار جديد من مجلس الوزراء، لان بروتوكول المحكمة الموقع بين الحكومة ولجنة التحقيق الدولية، ينص على آلية التمويل تلقائياً، مشيرا الى ان القانون الدولي يتقدم على القانون الوطني الخاص في هذا الشأن، ثم ان الحكم استمرارية، وبالتالي، فإن مسألة التمويل تحتاج فقط الى طلب من المحكمة لتأخذ الامور اجراءاتها·

ومن جهة ثانية، حذر مرجع قيادي مسيحي من أداء البطريرك بشارة الراعي السياسي <بات يهدد المشروع التوحيدي للمسيحيين الذين تنطحت له بكركي منذ رسم بطريركا على كرسي إنطاكية وسائر المشرق> ويقول المرجع القيادي المسيحي ان <توحيد المسيحيين لا يمكن ان يكون حول ثوابت نقيضة لثوابت الكنيسة المارونية التي تعتبر ان الحرية اساس في دور المسيحيين كما في إيمانهم>·

ويضيف القيادي ان <من لا يريد ان يحمل المسيحيين وزر الانخراط في الثورة السورية لإسقاط النظام ان يكون صادقاً مع نفسه ومع المسيحيين بأن لا يدعوهم ضمناً او علناً الى لعب دور في حماية النظام تحت عنوان الاصلاح المرهوم>·

تجدر الاشارة الى ان الراعي لم يتراجع لدى عودته الى بيروت امس، عن تصريحاته في باريس، لكنه ألمح الى ان بعض الاعلاميين اجتزأوا فقراتها على طريقة <لا إله>، داعيا الى ان نكون جديين واصحاب مسؤولية، وان ننظر الى الامور بعمق لا بسطحية، وان لا نكون انتهازيين، بل موضوعيون· أسفا لان معظمنا ينظر الى الامور بسطحية يتعلق بكلمته ويبني عليها من كرتون ومن سراب·

ولاحظ ان ما قيل هنا وهناك من تفسيرات ليست في محلها·

اما رئيس كتلة <المستقبل> الرئيس فؤاد السنيورة، فقال في مقابلة مع اذاعة <الشرق> انه يحترم رأي البطريرك الراعي، ولكن لا أشاركه فيه، مستغرباً قوله ان الثورة في سوريا ستؤدي الى احتلال مجموعة من المتطرفين الساحة، لافتا الى ان ما يجري في سوريا ليس خارج سياق ما يجري في العالم العربي من انتفاضة وطموح نحو الاصلاح والتغيير والتطوير·
  

السابق
الانباء: الراعي يدافع عن موقفه من أحداث سورية.. وشمعون ينصحه بأكل الزعتر!
التالي
التعليم جنوباً (2)..الشيخ أحمد نصار: عن الطلاب المتسربين بلا فرص عمل