البناء: صدمة داخل 14آذار من مواقف بكركي … والمرَدَه يؤكّد: ينفّذون أجندة أميريكية

يطل الوضع الداخلي في الأيام المقبلة على مجموعة استحقاقات ادارية ودبلوماسية ومعيشية ينتظر ان تأخذ جهدا كبيرا من الحكومة لمعالجتها وايجاد المخارج لبعضها الآخر، بدءا من قضية تمويل المحكمة، الى الشق الاجتماعي قبل ايام من الاضراب العام للسائقين العموميين، وصولا الى ملف التعيينات الإدارية الذي سيعود الى واجهة الاهتمام مع اعادة تنشيط المساعي والاتصالات لإقرار دفعات جديدة من هذه التعيينات على مستوى المحافظين وفي عدد من المواقع القضائية والأمنية والإدارية.
ووسط هذه الاهتمامات، صعدت قوى "14 آذار" حملتها غير المسبوقة بحق البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد المواقف التي صدرت عنه في اليومين الماضيين التي وضع فيها بكركي في موقعها الحقيقي والوطني، عندما أكد ان حزب الله يقاوم "إسرائيل" التي تحتل الأراضي اللبنانية. ونقول للمجتمع الدولي: لماذا لا تطبقون قرارات مجلس الأمن التي تنص على انسحاب "إسرائيل" الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة لسحب ذريعة سلاح حزب الله. وبخصوص الوضع في سورية قال: ان الرئيس الأسد منفتح، وقد اطلق سلسلة من الإصلاحات السياسية، ويجب اعطاؤه فرصة اضافية للحوار الداخلي ولدعم الإصلاحات الضرورية، ملاحظا ان المسيحيين سيدفعون ثمن وصول الإخوان المسلمين الى الحكم في سورية؟
وبدا واضحا ان كلام البطريرك صفير اثار نوعا من "الهستيريا" السياسية لدى فريق "14 آذار" الذي اندفع نحو القيام بحملة ردود رافضة لما جاء في مواقفه، وبالتالي اظهرت هذه الحملة مدى الصدمة التي اصابت هذا الفريق نتيجة الموقف الوطني والواقعي الذي اتخذه البطريرك الراعي من قضيتي سلاح المقاومة والوضع في سورية.
ومن الملاحظ ايضا، ان فريق "14 آذار" استنجد بحلفائه في الخارج، خاصة في واشنطن وباريس، فكان ان صدرت مواقف عن مسؤولين في الإدارتين الأميركية والفرنسية لإثارة الغبار السياسي في وجه الأصداء الإيجابية التي تركتها مواقف بكركي. وان كان المسؤولون الذين صدرت عنهم المواقف في واشنطن وباريس ردا على كلام بكركي غير معروفين. ولا تستبعد المصادر ان يكون هناك من حرض الاميركيين والفرنسين او هؤلاء المسؤولين الذين لم يكشفوا عن اسمائهم، على إطلاق مواقف تحت مسميات "مصادر اميركية وفرنسية".
ولذلك، تقول المصادر، انه على الرغم من ان كلام البطريرك الراعي اعاد تصويب موقف بكركي، فإن ردود الفعل المعترضة عليه اكدت بما لا يقبل الشك ارتباط اصحاب هذه الردود بالأجندة الأميركية ودخولهم في لعبة التآمر التي تديرها واشنطن ضد سلاح المقاومة وسورية.
وتلاحظ المصادر ايضا، ان "تيار المستقبل" الذي يتجنب حتى الآن الرد على البطريرك، طلب من حلفائه في "القوات" والكتائب وبعض ما تبقى من "قرنة شهوان" القيام بحملة هستيرية ضد البطريرك، بعد ان كان هؤلاء، في فترات سابقة عندما كانت مواقف بكركي تلتقي مع توجهاتهم، يعتبرون ان "مجد لبنان اعطي لبكركي".
… الراعي: ينظرون إلى الأمور بسطحية
وقد أعرب البطريرك الراعي بعد عودته عصر امس من باريس عن اسفه لان "معظمنا ينظر الى الامور بسطحية ويتعلق بكلمة ويبني عليها".
ولفت الى اننا "لم نخف مخاوف الجميع مما يجري في العالم العربي".
كما اعرب الراعي عن أسفه، لان "بعضنا يبني على كلمة من سراب، وما قيل من هنا وهناك من تفسيرات ليست في محلها ولا تتلاءم مع ما كنا فيه من جدية وادركنا انه لا يمكن الا ان نقارب الامور بجدية ومسؤولية".
ومن المقرر ان يقوم البطريرك الراعي هذا الاسبوع بجولة في المتن الأعلى يتفقد خلالها أبناء المنطقة ويطلع على أوضاع الكنائس فيها. واوضحت مصادر عليمة ان الراعي سيوضح الكثير من الأمور حول ما اثير من اعتراضات على ما صدر عنه من مواقف.
المرده يفند أهداف المعترضين
وفيما صدرت المزيد من المواقف التي تشيد بتصريحات البطريرك الراعي وتعتبر انها تعبّر عن الموقع الوطني لبكركي، فان تيار المرده عبر المحامي سليمان فرنجية اعتبر ان البطريرك الراعي هو بطريرك انطاكية وسائر المشرق، ولذلك فهو معني بكل الوضع المسيحي في الشرق. اضاف فرنجيه لـ "البناء": ان البطريرك لم يقل انه مع سلاح المقاومة بالمطلق، اذ ربط سلاح المقاومة بتحرير الأرض. فهل هذه جريمة؟ واذا ربط السلاح بعودة الفلسطينيين فهل هذه جريمة؟".
اضاف، ان البطريرك قال انه اذا وصل نظام اصولي الى سورية، فهذا سيؤدي الى تهجير المسيحيين، فهل هذه جريمة؟
وأكد فرنجية، ان الذين يرفضون مواقف البطريرك انما يلتزمون بالأجندة الأميركية بدءا من رفض تطبيق القرار 194. ولذلك فهؤلاء يغلبون المصلحة الأميركية على المصلحة اللبنانية. وقال ان أهم ما قاله الراعي رفضه للتفتيت، فهل رفض التفتيت يزعج اطرافا معينين؟
أضاف: طالما كنا نقول انه بطريرك سائر المشرق ومن حقه الطبيعي ان يعطي رأيه في كل ما يتعلق بمصير المسيحيين في الشرق، وعندما أثار كلام البطريرك هذه الضجة، أدركنا ان المسيحيين في الشرق بألف خير، بينما الآخرون يريدون ان يتحول المسيحيون الى "أبناء ذمة". وكشف فرنجية ان كلام الراعي ليس بعيدا عن النظرة الفاتيكانية الى لبنان، وقراءتها الواقعية والعلمية بشأن الوجود المسيحي في لبنان".
ميقاتي: غدا لناظره قريب
أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أن الحكومة ستلتزم القرارات الدولية مشيراً إلى ان "ما من وزير مخلص يعرّض لبنان لأي خطر ولأي عقوبات، وكنت واضحاً في موضوع المحكمة وغداً لناظره قريب".
وقال ميقاتي في حديث تلفزيوني مساء أمس "لن أعطي أي مبرر لإسرائيل أن يكون لبنان خارج الشرعية الدولية وما لم تأخذه بالحرب لن أعطيها إياه في السلام ولن أسمح بأن يكون للبنان أي مبرر خارج الشرعية الدولية، وحكومتي ستلتزم بالقرارات الدولية وليس فقط موسمياً"ً.
ودعا "حزب الله إلى "توكيل هيئة دفاع عن المتهمين الأربعة لأنني متأكد من براءته في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري".
وأعلن انه "لا يمكننا أن نأخذ موقفاً أو أي قرار ضد سورية ولكن اذا أخذ قرار دولي وإجماع دولي، فلا يمكننا ان نكون انتقائيين ولا يمكننا ان نقف في وجه المجتمع الدولي، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد وأمامنا مراحل طويلة ". ودعا اللبنانيين إلى "تحييد انفسهم عما يدور في سورية".
على صعيد آخر، يفترض ان يتسلم رئيس مجلس النواب نبيه بري في الساعات المقبلة المشروع المتعلق بخطة الكهرباء الذي أقره مجلس الوزراء وسيحيله بدوره على اللجان النيابية المشتركة لدرسه، وفهم ان هناك توجها لمناقشته بسرعة ورفعه الى الهيئة العامة للمصادقة عليه.
وأكدت مصادر نيابية، أن هذا الموضوع سيمر في مجلس النواب ولن يلقى المعارضة ذاتها، التي لقيته الخطة عند مناقشتها في الجلسة ما قبل الأخيرة لمجلس النواب. في هذه الأثناء يعقد مجلس الوزراء جلسة الاربعاء المقبل لاستكمال البحث في الحدود البحرية للحفاظ على ثروة لبنان النفطية.
وعلم ان الرئيس بري قد حث رئيس الحكومة على ضرورة انجاز هذا الملف بسرعة، بعدما استكملت "إسرائيل" الخطوات التي تمكنها من البدء في استخراج النفظ والغاز.
واستغربت مصادر مقربة منه، هذا التأخير في إنجاز هذا الملف، الذي من شأنه ان ينتشل لبنان من المديونية التي يغرق فيها منذ سنوات، وسيعيده الى سابق عهده من الاستقرار الاقتصادي والمعيشي والازدهار الاستثماري.
الوضع في سورية
أما على صعيد الوضع في سورية، فقد اعادت زيارة الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الى دمشق الأول من امس تصويب موقف الجامعة من الأحداث التي تجري فيها، بعد ان حصلت محاولات لحرف الزيارة عن هدفها المطلوب خصوصا سعي بعض دول الخليج ومعهم واشنطن والعرب لكي تكون الزيارة في سياق ابتزاز دمشق.
وأكدت مصادر دبلوماسية، ان أجواء الزيارة كانت إيجابية وجيدة في ما يتعلق بوجهات النظر من قضايا المنطقة والمصالحة الفلسطينية والوضع داخل سورية.  
لقاء الأسد والعربي
وكان الرئيس الأسد قد استقبل أول من امس نبيل العربي بحضور وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية الإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد ومندوب سورية لدى الجامعة العربية يوسف أحمد ونائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي.
وذكرت وكالة "سانا"، ان العربي أكد حرص الجامعة العربية والدول العربية على أمن واستقرار سورية ورفض الجامعة لكل أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية ورغبتها في مساعدة سورية لتجاوز هذه المرحلة التي تمر بها مؤكدا ان الجامعة العربية لن تكون ابدا ممرا لاتخاذ قرار ضد أي دولة عربية.
كما اتفق على عدد من الخطوات العملية لتسريع عملية الإصلاح في سورية.
بدوره، أشار الرئيس الأسد إلى ضرورة عدم الانسياق وراء حملات التضليل الإعلامي والتحريض التي تستهدف سورية منبهاً إلى ما يجري من تزوير للحقائق في محاولة لتشويه صورتها وزعزعة الأمن والاستقرار فيها.
كما اطلع الرئيس الأسد من العربي على الجهود التي تقوم بها الجامعة العربية من أجل إعلان قيام دولة فلسطينية كاملة العضوية في الامم المتحدة حيث أعرب الرئيس الأسد عن دعم سورية الكامل لهذه الجهود ولكل ما من شأنه تحقيق مصلحة الفلسطينيين والعرب.
أجواء اللقاء
وعلم في هذا الاطار، ان الزيارة حصلت من ضمن الرؤية السورية، وان افكارا معينة جرى الاتفاق عليها خصوصا ان لا تكون الجامعة العربية مظلة للتآمر على سورية.
وقالت مصادر دبلوماسية، ان العربي سيطلع وزراء الخارجية العرب في الاجتماع الذي سيعقده الوزراء هذ الاسبوع في القاهرة، على نتائج زيارته الى دمشق، علما ان اجتماع وزراء الخارجية العرب يأتي قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الاسبوع المقبل التي ستبحث في طلب السلطة الفلسطينية الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
الأسد يلتقي وزير الدفاع اليوم
وفي هذا الوقت، يقوم وزير الدفاع فايز غصن اليوم بزيارة الى دمشق تستمر ساعات عدة تلبية لنظيره السوري العماد داود راجحة. وسيرافق الوزير غصن وفد عسكري كبير.
وعلم من مصادر متابعة أن الوزيرين غصن وراجحة سيبحثان في قضايا مشتركة تتعلق بتنفيذ الاتفاقيات الأمنية السابقة، إضافة إلى بحث الأمور المرتبطة بمكافحة الإرهاب وضبط الحدود.
ومن المتوقع أن يلتقي الرئيس الأسد الوزير غصن ويبحث معه في العلاقات الثنائية.
تراجع ملحوظ في التظاهرات
أما على صعيد الوضع الأمني، فإن مصادر مراقبة أكدت أن الأمور باتت شبه طبيعية في معظم المناطق السورية باستثناء بعض العمليات الإرهابية التي تقوم بها مجموعات مسلحة من خلال الاعتداء على بعض المواقع الأمنية أو الدوريات حيث تمارس المجموعات الإرهابية التخفي للقيام باعتداءاتها.
… واستمرار حملة التحريض
كذلك أوضحت المصادر أن الأسبوع المنصرم كان هادئاً بما في ذلك يوم الجمعة الماضي الذي دعت فيه ما يسمى المعارضة إلى "جمعة الحماية الدولية" حيث اقتصرت التظاهرات على أعداد قليلة جدا في مناطق محدودة بما في ذلك داخل مدينة حمص.
وأكدت المصادر أن هناك عملية تضخيم مقصودة تقوم بها بعض القنوات الفضائية خاصة "الجزيرة" و"العربية" و"المستقبل" بهدف التحريض وتصوير الأمور على غير حقيقتها.
وكانت هذه القنوات قد استمرت في إطلاق الأكاذيب حول حصول تظاهرات فزعمت قناة "أخبار المستقبل" أن تظاهرات خرجت في محافظات بانياس وإدلب وحمص.  

السابق
السفير: ميقاتي يؤكد أنه ملتزم بالمحكمة .. وحزب الله بريء
التالي
النهار: الراعي العائد يردّ على الاجتزاء و التحوير: لسنا مع أي نظام ولسنا ضد أي نظام