الاخبار: خلافات مسيحيي لبنان حول الموقف من سوريا

لم يكد مجلس الوزراء ينتهي من علاج قضية الكهرباء، حتى تبنّت قوى 14 آذار المشروع بصيغته النهائية. أما البطريرك بشارة الراعي، فتشارك مع العماد ميشال عون في الإعلان أن «تأزم الوضع في سوريا سيوصل السوريين إلى حكم أشد من الحكم الحالي كحكم الإخوان المسلمين»

منتصراً، أطل وزير الطاقة جبران باسيل في مؤتمره الصحافي هذه المرة، وزع «مليار ومئتي ألف مبروك» للبنانيين على إنجاز الخطة، متمنياً « ألا يكون أحد زعلان، لا خصماً ولا حليفاً»، الأمر الذي دفع خصوم باسيل، ولا سيما البترونيين منهم، إلى الترحيب بالخطة، معتبرين أن لهم الفضل في إقرارها بصيغتها النهائية. فأكد النائب بطرس حرب أن «القرار الحكومي انتصار للمعارضة لتبنّيه الملاحظات والتحفّظات التي سجلتها قوى 14 آذار، بهدف منع هدر الأموال العامة والحؤول دون تكرار تجارب الماضي المتعلقة بمشاريع الكهرباء». أما نائب القوات اللبنانية أنطوان زهرا فاستفاض في الشرح عن إقرار الحكومة المشروع، وفق الضوابط التي طالبت قوى 14 آذار بها، وبالتالي فإن مجيء الكهرباء سيكون بفضل الجدول الزمني الذي أصرّت قوى 14 آذار على إلزام الوزير به.

عون والراعي وسوريا

في هذه الأثناء، رأى البطريرك بشارة الراعي أن «تأزم الوضع في سوريا أكثر مما هو عليه سيوصل إلى حكم أشد من الحكم الحالي كحكم الإخوان المسلمين». وسيدفع المسيحيون الثمن، بحسب الراعي، كما حصل في العراق. ورأى الراعي أن «تغير الحكم في سوريا ومجيء حكم للسنة سيؤدي إلى تحالفهم مع إخوانهم السنة في لبنان، ما سيؤدي إلى تأزم الوضع أكثر بين الشيعة والسنة». وشدد على وجوب أن تحل «قضايا الشرق بعقلية أهل الشرق».
وفي رد شبه مباشر على الراعي، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أمس أن «ربط مصير المسيحيين في الشرق بأنظمة توتاليتارية هو تزوير للتاريخ ولهويتنا». وتوقعات جعجع التي لم يسبق أن صحّت، تشير إلى حسم المجتمع الدولي أمره بالنسبة إلى سوريا وتدفعه إلى توقع سقوط النظام قريباً.
في المقابل، دافع العماد عون بقوة عن موقف الراعي وأثنى عليه، معتبراً أن «بديل النظام الحالي في سوريا سيكون الإخوان المسلمين الذين يؤمنون بأن الديموقراطية هي ضد الشريعة».
بدوره، رأى نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، بعد لقائه المفتي محمد رشيد قباني، أن البطريرك الراعي ينطلق في موقفه مما يحصل في سوريا «من أن الذهاب من المعلوم إلى المجهول لا يجوز في مصير الشعوب، وخصوصاً عندما تكون اليد الأجنبية والتدخلات الأجنبية تلعب لعبتها على أكمل وأوسع مدى».
وكانت «لجنة لبنانيون مع حرية وكرامة الشعب السوري» قد نظمت أمس «لقاء تضامنياً مع الشعب السوري» في ساحة سمير قصير، في حضور النواب خالد ضاهر ومروان حمادة وأحمد فتفت وخالد زهرمان. وتحدث صالح المشنوق باسم اللجنة، فرفض أن يكون لبنان في الأمم المتحدة شريكاً فعلياً باسم اللبنانيين والعرب في التعرض للشعب السوري، مؤيداً مطالبة السوريين بـ«حماية دولية للمدنيين بكل الوسائل».
من جهة أخرى، رد قائد الجيش العماد جان قهوجي بطريقة غير مباشرة على تعليقات بعض نواب كتلة المستقبل، فرأى خلال احتفال تكريمي للضباط المتقاعدين أن «السلاح الأساسي للجيش يكمن في تماسكه وتضامن جنوده وولائهم لمؤسساتهم وابتعادهم عن المناطقية والفئوية بكل أشكالها». وأكد قهوجي جهوزية الجيش لحماية السلم الأهلي في الداخل، وتحصين الوطن من انعكاسات الأزمات الإقليمية، مشيراً الى «استمرار الجيش في ترسيخ جهوزه وتعزيز قدراته العسكرية بالاعتماد على الذات وعلى مبادرات طيبة من بعض الدول الشقيقة والصديقة».

تمويل المحكمة

وقبل أن يرتاح الرئيس نجيب ميقاتي واللبنانيون لحل أزمة الكهرباء، بدأت قوى 14 آذار حملة استباقية للتأكد من التزام الحكومة الاستمرار بتمويل المحكمة الدولية، فقد رأى عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر أن «المحك» بالنسبة إلى الرئيس ميقاتي هو موقف الحكومة بشأن تمويل المحكمة. وبحسب الجسر، فإن قرار ميقاتي «يظهر حجم نفوذه في هذه الحكومة، وبالتالي قدرته على أخذ الحكومة أو لا في الاتجاه الذي يؤمّن التمويل وعدم مواجهة المجتمع الدولي».
وكان العماد عون قد اعتبر رداً على سؤال بشأن تمويل المحكمة أن الأخيرة «أثبتت أنها مسيّسة وغير شرعية منذ 30 آذار 2007»، وقد مثّل إقرارها «خرقاً للدستور اللبناني ومخالفة للقوانين». وكان لافتاً انتقاد عون بشدة مواقف وزير الداخلية، مروان شربل، التي تثني على المدير العام لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي والعقيد وسام الحسن، فأشار الجنرال الى أن من «يسكت عن المخالفة يرتكب جريمة، وخصوصاً إذا كان في مركز المسؤولية»، ورأى أن شربل «لم يسمع ريفي يقول إنه يمثّل فريقاً سياسياً» أو أن شربل «مثله».
بدوره، أصدر رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي الإيطالي أنطونيو كاسيزي قراراً أمس يقضي بعقد اجتماع لغرفة الدرجة الأولى للمرة الأولى، من دون أن يحدّد تاريخه. وأشار بيان المكتب الإعلامي للمحكمة إلى أن قواعد المحكمة تجيز اجتماعاً كهذا قبل بدء المحاكمة لتناول مسائل متنوعة، مثل عقد جلسةٍ لمثول المتهم أمامها للمرة الأولى إذا كان قيد الاحتجاز، وبتّ ما إذا كانت المحاكمة الغيابية صحيحة، والفصل في الطلبات الأولية. وبحسب معلومات «الأخبار»، لا يتوقع أن تبدأ المحاكمات إلا بعد إتمام مجموعة خطوات، أهمها:
أولاً، أن يطلب قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، بموجب القاعدة 105 من قواعد الإجراءات والإثبات، من غرفة الدرجة الأولى «مباشرة إجراءات المحاكمة غيابياً».
ثانياً، أن يعين مكتب الدفاع، بالتشاور مع المحامي المعيّن أعضاء فريق عمله.
وكان رئيس قلم المحكمة الخاصة الهولندي هيرمان فون هابيل قد أعلن أن المحاكمات لن تبدأ قبل منتصف 2012، إذ إن إتمام الخطوات الضرورية يستغرق أشهراً عديدة، لا يمكن أن تقل عن ثمانية أشهر.

الكتائب إلى الشارع

ومن خارج السياق السياسي اليومي، نظّمت مصلحة الطلاب في حزب الكتائب اللبنانية مسيرة من أمام البيت المركزي، في الصيفي، باتجاه السرايا الحكومية لتسليم رئيس مجلس الوزراء، نجيب ميقاتي، كتاباً يتضمّن عشر نقاط، أبرزها: «سكوت الدولة اللبنانيّة عن التعديات التي تحصل كلّ يوم على أملاك اللبنانيّين، كما حصل في لاسا ورويسات الجديدة وجزّين وجرود جبيل وكسروان والمتن وغيرها»، وسكوتها عن «فرض قوانين خاصّة بحزب أو فئة على المجتمع اللبنانيّ في بعض المناطق»، وعن «استعمال السلاح وحمله خارج إطار السلطات الأمنيّة الرسميّة».

السابق
هل يسعى ميقاتي إلى وراثة رفيق الحـريري؟
التالي
رسائل إلى حزب الله