التربية تحذر الأهالي من الغش في الجامعات

يتقدم التلامذة في تعليمهم وهم يتعرفون الى مفاهيم جديدة، يقبلون عليها، وتصبح برامج تربوية "نافذة" في عدد من المدارس الخاصة… والرسمية أحياناً. ورغم ان بعضها يقدّم على انه "بكالوريا"، الا انها شهادات لا يعترف بها القانون اللبناني، وما زالت – في أحسن الأحوال – قيد الدرس.

حتى تاريخه، ما زال النظام اللبناني يجيز شهادتين "رسميتين" للثانوية العامة: البكالوريا اللبنانية والبكالوريا الفرنسية. ومع التطور التربوي، دخلت "بكالوريات" جديدة على الخط، تطرح بعضها (او يصورها المسؤولون عنها)، على انها نظم تعليمية متكاملة، بينما هي لا تتخطى الاطار التجميلي للمناهج التربوية، وتضيف اليها بعض التعديلات (الضرورية ربما)، في ظل تبدل مناحي التربية والتعليم.

فقد أدرجت مدارس لبنانية عدة برامج متنوعة في جدولها الأكاديمي، منها البكالوريا الدولية (IB)، الـ Advanced Placement (AP)، وصولاً الى النظام البريطاني والـ "فرشمن" والبكالوريا العربية الدولية. وبإزاء كل ما سبق، يشدد المدير العام للتربية فادي يرق على ان الوزارة "ليست ضد اي من البرامج التعليمية"، لكن القانون "يسمح حتى تاريخه فقط بشهادة البكالوريا اللبنانية، كما ان البكالوريا الفرنسية تحظى بمعادلة كاملة" لنظيرتها المحلية.
ويختلف التعامل التربوي "الرسمي" مع البرامج المتنوعة تبعاً لظروف التلامذة، فالبرامج الأجنبية التي تمنح شهادة بكالوريا "مسموحة للتلامذة الأجانب، او اللبنانيين المستوفين شروط الاعفاء من البكالوريا اللبنانية"، والمرتبطة غالباً بدراستهم لسنتين كاملتين في الخارج قبل العودة لمتابعة تعليمهم المدرسي. كما تحترم وزارة التربية رغبة التلامذة اللبنانيين الحاملين جنسية أخرى، في متابعة تعليمهم المدرسي بصفة كونهم "أجانب"، وهو خيار حَذِر لأنه يلزمهم متابعة كل مسارهم الأكاديمي وفق هذه "المعادلة"، مع ما يعنيه الأمر – على سبيل المثال –حرمانهم الانتساب الى اي من نقابات المهن الحرة.

جانب آخر من الاشكالية التي تعترض عمل دائرة المعادلات في وزارة التربية، والتي يشدد يرق ورئيستها سهيلة طعمة على انها تدرس باستمرار البرامج المختلفة، هو تقويم ما يعادل شهادات البكالوريا للأجانب في لبنان "بمعنى الاعتراف بالمواد للبكالوريا الأجنبية ومن يحق له اتباع منهج أجنبي". ويشرحان مثلاً ان برنامج الـ AP هو "مستوى أعلى من الشهادة الثانوية، وتعتبر الجامعات ان التلامذة الحائزين شهادته، نالوا مكتسبات مدرسية غالباً ما يدرسونها في سنة الفرشمن الجامعية، وعليه تُحذف بعض المواد المقررة من سنتهم الأولى".

أما البرنامج البريطاني (GCE) فمختلف، اذ تعترف الوزارة بشهادته اذا كان التلميذ حاصلاً عليها من الخارج. أما في لبنان، فتبدي لجنة المعادلات حذراً تجاهه، "اذ ان مساراته المختلفة لا تتوافق ونظام السنوات الـ 12 المعتمد في لبنان. فعلى سبيل المثال، بعض مناهجه تدرج تعليماً مهنياً في الصفوف المتوسطة، بينما النظام اللبناني هو مسار أكاديمي كامل". ويخّرج البرنامج تلامذة "أقوياء في مجالات معينة، لكنهم يعانون ضعفاً في أخرى" وفق طعمة، التي تؤكد ان الأمر ليس ناتجاً عن "ضعف" المنهج، بل من تركيزه على مواد دون غيرها في السنتين الدراسيتين الأخيرتين، "وهذه مشكلة تظهر آثارها في الجامعة. لا رفض لمبدأ البرنامج، لكن المدارس الانكليزية توفر للتلميذ مواداً اختيارية ما زالت المدارس اللبنانية غير قادرة على تأمينها. من هنا تعادل شهادة الـ GCE للأجنبي القادم الى لبنان لأن المدارس في الخارج توفر البرنامج كاملاً. أما تقويمنا فلم يلحظ قدرة اي مدرسة في لبنان على توفير المتطلبات كاملة".

البكالوريا الدولية
وفق الموقع الالكتروني للبكالوريا الدولية التي تديرها منظمة دولية مستقلة، يتوافر البرنامج في 8 مدارس في لبنان، خمسة منها تقدم "برنامج الشهادة" (Diploma Program-DP)، هي المدرسة الألمانية (جونيه)، "الانترناشونال كوليدج" (آي سي)، مدرسة الحكمة (عين سعادة)، الانطونية (عجلتون)، ومدرسة الجالية الأميركية (ACS)، التي شرحت المسؤولة عن البكالوريا الدولية فيها ندى عفرا مرتكزات البرنامج الذي يضم ست مجموعات: "اللغة الأولى، اللغة الثانية، الأفراد والمجتمعات (اقتصاد، تكنولوجيا، فلسفة…)، العلوم الاختبارية، الرياضيات، الفنون او مواد اختيارية من المجموعات الاخرى".
واذ يركز البرنامج على مخرجات التعليم لا على "التنافس" ما بين التلامذة، تشير عفرا الى "شبه استحالة" ان يجمع هؤلاء ما بين البكالوريا الدولية واللبنانية، "فإحدى التلميذات حاولت لأنها لم تكن معفاة من الشهادة اللبنانية. وساعدناها لكن الأمر كان صعباً لأن البرنامج الدولي غني وعميق ومتشعب"، مشيرة الى ان نحو نصف تلامذة الصفوف النهائية ينتسبون سنوياً الى الـ IB، بينما يتوزع التلامذة الباقون على المنهج اللبناني والـ college prep وغيرها مما تقدمه المدرسة.

البكالوريا العربية الدولية
"أحدث" المتوافر في بعض المدارس برنامج أطلقه "مركز البحوث التربوية" تحت مسمى "البكالوريا العربية الدولية"، وهي وفق مديرها الدكتور ابرهيم هلون "منظومة متكاملة بنيت على فلسفة جديدة مستمدة من بحوثنا وتجارب غيرنا"، يميزها أمران: "عدم طرح منهج بديل للرسمي، ومنح الشهادة على أساس التقويم اليومي والاستغناء عن امتحان نهاية السنة".
وللغاية طور اختبارات تقيس قدرة التلميذ على اكتساب المهارات الاساسية وتحديد الأهداف التربوية لكل مادة ونتائجها التعليمية. أما عن "مصيرها الرسمي"، فيبدو هلّون واثقاً من انها "ستصبح شهادة. نحن نسعى الى نيل الاعتماد الدولي، ونتواصل مع الجامعات في لبنان والدول العربية"، متوقعاً ان تبدأ "بشائر" الموضوع سنة 2013، بعد ان يمضي على بدء تطبيقها في المدارس (ومنها المدرسة المركزية في جونيه، والشانفيل، والانجيلية – النبطية) ثلاث سنوات.

قيد الدرس… ولكن
محور "التعامل" مع البرامج التربوية هو عدم اعتبارها بديلاً من الشهادة الرسمية. فإطلاق تسمية "بكالوريا" عليها لا يلزم أحداً، وباستثناء ما تعترف به وزارة التربية للأجانب واللبنانيين المستوفي الشروط، تبقى البرامج الأكاديمية المختلفة موضع تجربة حتى "بتّ أمرها".
الأساس في الموضوع أيضاً دور الأهل، الذين يعتبر يرق ان أحداً منهم "لا يساوم على أولاده، فهم يستثمرون وقتاً ومالاً لتوفير مستقبلهم، ومن المهم ان يكونوا واعين"، مؤكداً في الوقت عينه ضرورة ألا يقع الأهالي او المدارس "ضحية غش ترويجي لهذه البرامج، وتصويرها على انها شهادات معترف بها. لجنة المعادلات تدرس كل ما هو جديد، لكن حتى تاريخه ما زال القانون على حاله، ولأي تعديل مسار يجب اتباعه: رفع توصية بصيغة مشروع الى وزير التربية الذي بدوره يرفعها الى مجلس الوزراء المسؤول عن إحالتها على مجلس النواب، قبل ان تصبح قانوناً نافذاً".
 

السابق
بدانة الأولاد تحوّلت وباءً عالمياً
التالي
القادة العرب تكتيك واستراتيجيات: ماذا عن لبنان؟