المرشوشة..الحلوى التي لا تصنع في العالم كلّه إلا في بنت جبيل

تنفرد بلدة بنت جبيل بصناعة حلوى "المرشوشة"، وهي من الحلويات الفريدة، التي تنفرد بصناعتها بلدة واحدة في العالم فقط لا غير. حتى أن القرى والبلدات المجاورة لا علم لها بطريقة صنع هذا النوع من الحلويات، أو حتى بوجودها أصلاً. ويتهافت أبناء بنت جبيل، في شهر رمضان خصوصا وبكثافة، على شراء هذه "المرشوشة"، وهي الحلوى المفضّلة لديهم، لا ينافسها، بحسب المؤرّخ مصطفى بزي، أي أكلة حلوى أخرى.

و"المرشوشة" شبيهة بـ"الشعيبية"، لكن لها خلطتها الخاصة وطريقة صنعها الخاصة. سمّيت كذلك بحسب بزي لأن "عجينتها ترشّ رشّاً على لوح حديدي موضوع على الفحم أو على النار حديثاً، عبر وعاء صغير حديدي مثقوب بعدة ثقاب رفيعة، فتصبّ العجينة الرخوة فيه وترشّ على الصاج الحديدي لمدة ربع دقيقة ثم تزال بسرعة بواسطة مسطّح خشبي وتوضع، بعدما تصبح كالخطيطان الرفيعة، على صينية كبيرة لأكثر من 6 ساعات، حتى تجفّ، وبعد ذلك توضع في صينية أخرى مطليّة بالسمن البلدي وتدخل في الفرن حتى تصبح محمّرة من الجهتين العليا والسفلى، ويصب القطر البارد عليها لتصبح أكلة لا تضاهيها حلوى أخرى في بنت جبيل".

تبدو طريقة صنعها بسيطة جداً، لكن ابراهيم داغر، ابن محمد زينو داغر، صاحب معمل المرشوشة في بنت جبيل، يؤكّد أن "عمل هذه الحلوى صعب جداً ويحتاج الى وقت طويل، سيما أثناء العجن ورشّ العجينة، فعجينة تزن 35 كلغ تحتاج لرشّها على الصاج الى 6 ساعات أو أكثر، ما يعني أن عملي هذا مع أخوتي يبدأ فجراً وينتهي قبل المغيب، سيما في شهر رمضان"، ويبيّن داغر أن "العجينة مصنوعة من طحين وقطر وملح وماء فقط، بنسب محددة، وترشّ بواسطة رشّاش حديدي خاص على صاج بات يعمل على الكهرباء والغاز، بعد أن كان يوقد تحته الفحم، والأهم هو السمن البلدي الذي تدهن به صينية المرشوشة قبل وضعها في الفرن".

وتوضح الوالدة ام قاسم داغر أن "هذه المهنة تعود الى عشرات السنين، وقد تعلّمتها في بنت جبيل من والد زوجي عام 1974 وعلّمتها لأولادي الذين باتوا الوحيدين الذين يصنعون هذه الحلوى مع أسرة من آل العشّي، فأربعة أسر من أولادي وأحفادي يعتاشون من هذه المهنة".

يمكن لأكلة المرشوشة أن تضاف إليها القشطة، أو الجوز، بحسب الطلب. وسعرها لا يزال مقبولاً نسبة الى أسعار الحلويات الأخرى، وان كان قد ارتفع في شهر رمضان فأصبح ثمن الكلغ 8000 ليرة لبنانية. واللاّفت هو عدم انتشار هذه الأكلة، المرغوبة في بنت جبيل، في بقية القرى والمناطق اللبنانية.

وبحسب الدكتور مصطفى بزّي فإنّ "السبب يعود الى صعوبة عمل هذه الأكلة والوقت الطويل الذي تستغرقه، ناهيك عن أنها ليست مربحة نسبة الى ثمنها، وقد انحصر صنعها بعدد معين من العائلات، منذ العشرينات، فهي بدأت مع أسرة الحاج ابراهيم داغر وسليم سعد ومحمد العشّي وانتقلت الى اولادهم وأحفادهم، وهؤلاء فقط اليوم الذين يصنعونها".

ونظراً إلى عشق أبناء بنت جبيل لهذه الحلوى، فان الكثيرين منهم يطلبونها الى أميركا وأستراليا وألمانيا حيث يقيمون: "دائماً نرسل الطلبيات كهدايا الى بلاد الله الواسعة حيث يقيم أبناء بنت جبيل الذي يتصلون بنا لأجل ذلك"، تقول ام قاسم داغر.

السابق
تحضيرات يوم القدس في مارون الرّاس
التالي
زوجات للبيع… في الصين!