سلاحان للحكومة: الحزب والكذب

كعكة التعيينات الادارية كبيرة بما يكفي لأن يحصل كل طرف في مجلس الوزراء على ما يرضيه، سواء شبع أو بقي يطلب المزيد. ومنطق المحاصصة قوي بما يدفع هذه الحكومة مثل سابقاتها الى الفصل بين الخطاب النظري والممارسة العملية. ففي الخطاب كلام على آلية للتعيين، وخطط سهرت وزارة الدولة للشؤون الادارية على إعدادها، ومزايا تبدأ بالكفاية ولا تنتهي بالنزاهة. وفي الممارسة تعيين المحظوظين والمحظيين من دون التقيد بآلية التعيين، ولو في الشكل، ومن دون التخلي عن سوابق الطبخ خارج مجلس الوزراء الذي يوافق في الجلسات على ما يكون مقرراً من قبل ومعلوماً للناس بالأسماء والمناصب والمذاهب والمراجع التي ينتمي اليها الموظفون. 
وامتحان الالتزامات جدي بمقدار ما هو قريب، سواء في الداخل أو مع المجتمع الدولي الذي يعيد تذكير المسؤولين يومياً بما تريد قوى أساسية تجاهله في موضوع المحكمة الخاصة بلبنان. فمن السهل على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن يقول، حتى بعد الموقف الحاسم للسيد حسن نصرالله، أنه ملتزم تسليم المتهمين الى المحكمة (إذا وُجدوا). لكنه يعرف أن تنفيذ الالتزام مهمة مستحيلة، ولو ظهر المتهمون في السراي. كما يعرف أن من الصعب أن يقتنع المجتمع الدولي بما تتصور الحكومة أنه مخرج لها من الإحراج عبر القول إنها بحثت وفتشت ودهمت أماكن عدة فلم تعثر على أحد.
 
لكن الحكومة محكومة بالرهان على سلاحين: واحد هو مصدر قوتها وأساس نقل الأكثرية في الدفتر النيابي من جهة الى أخرى، أي حزب الله. وثانٍ هو التحايل على الظروف الصعبة بالحديث عن التعاون مع المحكمة التي يراها حزب الله (أميركية – اسرائيلية) وادارة (مؤامرة) ضد المقاومة والممانعة، وهذا ما يضعه المجتمع الدولي في خانة التشاطر والكذب الديبلوماسي. ولا أحد يجهل أي السلاحين هو الأفعل والأقدر على مواجهة التحولات. 
ذلك أن لبنان يتحرك في الاتجاه المعاكس لحركة المنطقة في (الربيع العربي). فالشباب العربي يثور للتخلص من أنظمة الحزب الواحد في حين يذهب لبنان الى حكومة (الحزب القائد). والانتفاضات العربية تُخرج رجال الأعمال من السلطة، في حين أن (الانقلاب الدستوري) الذي قامت به قوى 8 آذار وقاد الى تبدل الاتجاه السياسي، ما أعاد رجال الأعمال الى الحكومة كما كانت الحال في الحكومات السابقة منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي. ولا أحد يعرف ماذا يحدث اذا فرضت الظروف الخيار بين المواقف السياسية والمصالح الاقتصادية والمالية.

السابق
إرتفاع سعر صفيحة البنزين 300 ليرة والمازوت 100 ليرة لبنانية
التالي
لهذه الأسباب لن تشارك قوى “14 آذار” في طاولة الحوار