مصدر قضائي لـ «الأنباء»: الأستونيين أضاءوا على هويات الخاطفين وأماكن احتجازهم

 بعد 133 يوما من عملية اختطاف غامضة في دوافعها وأيضا في «نهايتها السعيدة»، تم الإفراج عن الأستونيين السبعة. الاختطاف حصل في البقاع على مقربة من زحلة. والإفراج حصل في البقاع على مقربة من بعلبك. الإفراج لم يكن تحريرا للرهائن عبر «عملية أمنية» وإنما حصل عبر «عملية استخباراتية» أقرب الى صفقة بشروط تم الالتزام بها وأولها ان تظل كل العملية من الخطف الى الإفراج وما بينهما طي الكتمان والسرية في تفاصيلها من دون ان يعرف ما اذا كان بين الشروط دفع فدية مالية أو ان المقابل كان «سياسيا وأمنيا» بعدم فضح الجهة الخاطفة وعدم إجراء ملاحقات بحقها.

الدور الفرنسي كان الأهم أمنيا ولوجستيا في تأمين نقل المختطفين الى السفارة الفرنسية. وهذا الدور تم في ظل تفويض أستوني رسمي ومتابعة لبنانية أمنية لمسار العملية عن بعد بعدما كان اقتصر دور السلطات اللبنانية على إنجازين أساسيين ساهما في العملية: الأول تمثل في القبض على الموقوفين التسعة المتورطين بالخطف، ما أدى الى تبديل مسارها وحسابات الجهات الخاطفة. والثاني تمثل بالقرار الذي اتخذ في ظل الحكومة السابقة بتزويد السلطات الأستونية نتائج التحقيق والعنوانين اللذين بث منهما شريطا تسجيل ظهر فيهما المخطوفون السبعة على اليوتيوب واللذين حددتهما قوى الأمن اللبنانية من مكانين مختلفين في دمشق في حينه.

الإفراج الذي تزامن مع احتفال العيد الوطني الفرنسي في بيروت ومع انطلاقة حكومة ميقاتي تزامن إقليميا مع رسائل عدة وجهها الغرب الى سورية في الأيام الأخيرة بعد الاعتداء الذي تعرض له مقرا السفارتين الفرنسية والأميركية في دمشق، والذي ترافق مع تجدد الحديث عن تحريك العقوبات على دمشق (مصادر مواكبة تحدثت عن اتصالات مكثفة جرت بين أستونيا ودمشق أسهمت في التأسيس لمرحلة التفاوض التي لم تكن الخارجية السورية بعيدة عنها). تساؤلات عدة طرحها المراقبون وبقيت من دون إجابات منها: ما هو السبب الرئيسي لعملية الاختطاف؟ هل هو مالي أم سياسي؟ أين مكث الخاطفون والرهائن؟ ما الصفقة التي جرت بين الخاطفين والمفاوضين؟ هل تؤدي صعوبة القبض على بقية أفراد المنظمة الى تشجيع منظمات أخرى على تنفيذ عمليات مشابهة؟ هل الاتفاق بين الفرنسيين والخاطفين بمعزل عن الدولة اللبنانية يحمي الخاطفين من الملاحقة بضمانة الفرنسيين، علما ان الخطف تم على الأراضي اللبنانية؟

في هذا الوقت أكد مصدر قضائي لـ «الأنباء» ان الإفادات التي أدلى بها الأستونيون السبعة بعد تحريرهم، أضاءت على أمور كثيرة تتعلق باختطافهم وهوية الخاطفين ومكان احتجازهم قرابة الـ 4 الأشهر.

وأوضح المصدر ان «التحقيق القضائي الذي يجريه قاضي التحقيق العسكري فادي صوان بات محيطا بكل خفايا هذه القضية، وأسباب الخطف وخلفياته الذي اشتركت فيه أطراف داخلية وخارجية»، وقال المصدر «ان اللغز الذي كان يلف القضية جرى تفكيك خيوطه، خصوصا بعد الإفراج عن المخطوفين»، مشيرا الى ان «هناك عددا من المتورطين مازالوا خارج قبضة العدالة».

في غضون ذلك، ذكرت إذاعة «صوت لبنان» ان الاستونيين كشفوا خلال استجوابهم من قبل قاضي تحقيق المحكمة العسكرية في بيروت، عن هويات الخاطفين وانتماءاتهم، وان الحكومة الاستونية دفعت بالفعل 10 ملايين يورو مقابل الافراج عن المخطوفين، وطلبت من المفاوض الفرنسي التكتم الشديد.

في معسكرلفتح الانتفاضة

و«التسريبات» تؤكد أيضا ان المخطوفين كانوا لفترة طويلة، محتجزين في معسكر «لفتح الانتفاضة» داخل الاراضي السورية، وفق المتابعات القضائية والأمنية للصور المرسلة من المخطوفين، وان السلطات السورية تدخلت، كمساعد، لإطلاقهم عبر الطرف الفرنسي، الذي اقتضت مصلحة النظام القائم استرضاءه، الى جانب الوساطة التركية، المدعومة بموقف استونيا ضد فرض عقوبات على سورية من جانب الاتحاد الاوروبي.

سجال حول دور الدولة في الإفراج

ورغم مغادرة الاستونيين، فقد بقيت قضية اختطافهم مادة نقاش بين فريق الثامن من آذار الذي يشكل الاكثرية النيابية الآن، وفريق 14 آذار المعارض.

النقاش تمحور حول غياب الدولة بمختلف مؤسساتها الأمنية عن مفاوضات تسليم المخطوفين، الاكثريون في الحكومة يسجلون غيابها عن العملية، ومعارضوها يؤكدون الحضور من خلال المتابعة الأمنية.

وزير الدولة علي قانصو (قومي) أوضح أن «الانطباع حول الانتقاص من سيادة الدولة في عملية إطلاق سراح الاستونيين السبعة، صحيح، لاسيما أن الدور الممثل بالاجهزة الأمنية اللبنانية كان خجولا، بينما كان الدور الاكبر للسفارة الفرنسية».

ولفت الى أن «الجهة الخاطفة بقيت مجهولة حتى الساعة عند الاجهزة الأمنية اللبنانية».

وأعرب عن اعتقاده أن «الخاطفين هم لبنانيون وقد شاركهم وبعدد محدود جدا أشخاص من جنسيات مختلفة ومنهم شخص هويته قيد الدرس، والتخطيط كان لبنانيا»، مرجحا أن تكون «طبيعة الصفقة مالية وليست سياسية»، نافيا بالتالي اتهام سورية بخطف الاستونيين.

وتعليقا على إطلاق سراح الاستونيين السبعة، اعترض النائب عباس هاشم على الطريقة التي تمت بها هذه العملية، فرأى أن «أسوأ ما حصل بالأمس، هو ان لبنان بكامل أجهزته السياسية والأمنية كان مثل الزوج المخدوع، حيث ان وصول فريق جهاز أمن غربي، وتحديدا فرنسي، وتحركه وانتقاله الى حدود دولة اخرى، من دون أي تنسيق مع أي جهاز أمني، قبل إتمام عملية الافراج، يعني أن الأمن في البلد، مباح للخارج، وهذا الامر يتحمل مسؤوليته الرئيس فؤاد السنيورة، لأنه هو من شرع أبواب الأمن اللبناني للخارج، عندما كان رئيسا للحكومة».

النائب عمار حوري وحول تغييب السلطة اللبنانية عن موضوع الاستونيين، رد قائلا: ان الجانب اللبناني كان على علم بالشق اللبناني من الموضوع، ولا علم له بما جرى خارج لبنان. لكن عملية الخطف هذه أعادتنا بالذاكرة الى أواخر السبعينيات، حيث كان يجري توجيه الرسائل للآخرين بالخطف، على الاراضي اللبنانية، وليتم الافراج عنهم على أرض لبنان، ما يجعلنا مجرد ساحة للآخرين. واعتبر أن من المضحك المبكي القول ان الافراج جاء هدية للحكومة الجديدة التي لا علم لها. 

السابق
قيادي في 14 آذار لـ «الأنباء»: أوراق مخبأة لدى المعارضة في إطار جدية سعيها لإسقاط الحكومة
التالي
موهبة .. حتى الدجاج ذوّاقة!