الربيع أو التقسيم… وراء الأبواب؟!

ليس "الربيع العربي" هو الذي يقف وراء الأبواب ولن يلبث ان يدخل لتكتمل عملية التغيير فنطوي صفحة الديكتاتورية والانظمة المتكلسة ونفتح صفحة الديموقراطية والحرية والالتحاق بركب العصر والتطور.
لا، قد يكون وراء الابواب مفاجآت تعيسة وربما قاتلة، وخصوصا في غياب البدائل المتفق عليها لادارة البلاد وقيادة السلطة في اتجاهات جديدة مغايرة للماضي البائس.

واذا كانت الانظمة القمعية والديكتاتورية قد سهرت منذ نصف قرن تقريبا على منع قيام الاحزاب والرأي الآخر وحالت بالقوة دون ظهور بدائل سياسية يمكن ان تتولى السلطة، او حتى تساعدها هي في تحسين ادائها، فإن ثورة التغيير التي خرجت الى الشارع صارخة: "الشعب يريد اسقاط النظام" لم تكن في معظم الحالات تملك تصورا ولو اوليا عما يريد الشعب بعد اسقاط النظام، وعن النظام البديل الذي يريده.
هنا يحاجج شباب الثورات الذين جمعتهم الانتفاضات لا برامج الحكم، ان على الشعب ان يقرر وانه صاحب الحق في تقرير ما يريد وهذا ألفباء الديموقراطية.

نظريا، يبدو هذا الامر صحيحا ومبررا، ولكن من الناحية العملية ينسى هؤلاء ان الشعب سيسأل في اليوم الثاني بعد سقوط النظام: ماذا بعد؟ والى اين وماذا نفعل؟ طبعا نذهب الى الاستفتاءات والانتخابات واعادة تكوين السلطة على قواعد جديدة تتلاءم مع ارادة الشعب. ولكن هذا يتطلب وقتا والمزيد من الوقت وهو ما اكتشفه المصريون والتونسيون الذين يعتبرون الآن مثلا ان تأجيل مواعيد الانتخابات من الانجازات، في حين كان واضحا منذ سقوط زين العابدين بن علي وحسني مبارك ان الاستعجال في محاولة تركيب النظام البديل سيجر الى اخطاء تذكّر بالنظام البائد.

هذا في تونس ومصر، اما في البلدان التي تختلط فيها انفجارات القذائف بصراخ المنادين باسقاط النظام، فإن الامور تبدو اكثر تعقيدا وخصوصا عندما تبرز ملامح مخيفة عن صراع قد يطول جدا كما هي الحال في ليبيا واليمن والى حد ما سوريا.
وتصبح الصورة اكثر سوادا اذا تذكّرنا ان هذا الصراع قد يفتح الابواب في نهاية الامر ليس على "الربيع الموعود" وإنما على شتاء طويل، ربما يقود دولا بعينها الى الغرق في حروب اهلية ومذهبية بغيضة لن يكون من نتيجتها الا الوقوع في واحد من امرين:

اما التدخل العسكري الخارجي، واما الانزلاق الى مهاوي التقسيم، ونحن في منطقة تبدو الجغرافيا الطائفية والمذهبية فيها وكأنها خريطة مرسومة اصلا برسم التقسيم!
نعم نحن داخل نفق اسود وطويل ولا يوازي حق الشعب في طلب اسقاط النظام، الا حماقة النظام في اذلال هذا الشعب!

السابق
الديار: عون يعد المعارضة بسجن روميه والمستقبل يعبّر عن مدى الحقد والكراهية
التالي
الاخبار: البيان الوزاري: أُقرّت المقاومة وتبقى المحكمة