الاخبار: البيان الوزاري: أُقرّت المقاومة وتبقى المحكمة

وفى أعضاء لجنة صياغة البيان الوزاري بالتعهّد الذي قدّموه إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والتزموا الصمت بعد الجلسة التي توقّفت عند بند قانون الانتخابات، بينما استمرّ البلد مشغولاً بالردود والردود المضادّة بين العماد ميشال عون وفريق المعارضة على خلفيّة كلام عون عن سعد الحريري، وقد دخل ميقاتي على خطّ هذا السجال منتقداً عون
عقدت لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعها الثاني بعد ظهر أمس في السرايا الحكومية. وشهدت الجلسة توزيع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مسوّدة تتضمن مقترحاته لما سيتضمنه البيان، هي نسخة مختصرة عن بيان حكومة الرئيس سعد الحريري، على حدّ وصف عدد من الوزراء. وتألّفت مسوّدة ميقاتي من 9 صفحات، شغل الموضوع السياسي نحو أربع صفحات ونصف صفحة منها، على أن تُخصّص الصفحات الباقية للاقتصاد والتنمية ومشاريع الوزراء في وزاراتهم.
وأُقرّت يوم أمس أغلبية الفقرات السياسيّة، ما عدا الفقرة المتعلّقة بالمحكمة الدوليّة التي تُرك لها مكان شاغر في مسوّدة ميقاتي، علماً بأن أركان الأكثرية النيابية وضعوا قيد التداول نصاً يؤكد التزام لبنان "بتحقيق العدالة وإظهار الحقيقة" في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وغيرها من الجرائم.

وأشارت مصادر المجتمعين إلى أن النقاش كان هادئاً، وأن التعديلات التي جرت لم تكن كبيرة، "بل تركّزت حول تعديلات لغويّة وإملائيّة، إلى جانب تعديلات طفيفة طالت المضمون". وقد مرّت الفقرة المتعلّقة بالجيش والمقاومة والشعب من دون أي نقاش، بعد خضوعها لـ"الشدشدة اللغوية". ووصفت مصادر أخرى المسوّدة بأنها "عامّة جداً وشفافة لترضي الجميع". وتوقّع بعض المطّلعين على أجواء الاجتماع أن يحتدّ النقاش عند الوصول إلى الملف الاقتصادي.
وتوقّف الوزراء عن مناقشاتهم عند الساعة السابعة مساءً، قبيل البدء بالبحث الجدّي في ما سيتضمنه البيان الوزاري عن قانون الانتخاب.
وشدّد ميقاتي على أعضاء اللجنة الالتزام بعدم تسريب محضر النقاش، "وقد التزم جميع الوزراء بهذا الأمر، وخصوصاً المعروف عنهم التسريب". وبعد الاجتماع، أكّد وزير الإعلام وليد الداعوق أن صيغة "الشعب، الجيش والمقاومة" هي من الثوابت، لافتاً إلى أن البنود السياسيّة ستكون على شكل ما يُجمع عليه اللبنانيّون.
ميقاتي يستغرب كلام عون
بدوره، أكّد ميقاتي عند مغادرته السرايا الحكومية أن "أجواء اجتماع اللجنة الوزارية للبيان الوزاري ممتازة، وجرت مناقشة العديد من البنود، على أن يستكمل البحث غداً". وعلّق ميقاتي على كلام رئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بشأن الرئيس سعد الحريري بالقول إن "هذا الكلام مستغرب أن يصدر عن رجل مسؤول كالعماد عون، فلا يجوز أن نتخطى في نقاشنا الإطار السياسي الطبيعي إلى تجاوز حدود اللياقة والاحترام، وخصوصاً في هذه الأوقات الصعبة التي تتطلب من الجميع وعياً وإدراكاً وتحسّساً بالمسؤوليّة الوطنيّة".
أمّا عون، فقد وصف الحملة التي تشنّها المعارضة عليه بسبب قوله إنه أعطى الحريري "one way ticket" "بالشرسة وغير المؤدبة، وقد سبق أن أعطوني one way ticket في عام 1990 لكنني تمرّدت عليها وعدت. هو أيضاً يستطيع أن يتمرد ويعود. وليس هذا المؤسف في الموضوع. المؤسف أكثر هو أن أعضاء تيار المستقبل لم يقرأوا ما كتبه لهم المرحوم رفيق الحريري على باب السرايا: "لو دامت لغيرك لما آلت إليك" (…). إنهم مصابون بالجشع، كما أنهم لا يقدّرون روح النكتة". أضاف عون: "بما أنهم رفضوا كلمة one way out، فسنقول لهم one way in من الآن وصاعداً، ولن نعطيهم نعمة ترك البلد. يجري العمل على جناح كبير في سجن رومية وسيتّسع لعدد كبير منهم".
وقال عون إنّه اطّلع على تصريح لنائب وزيرة الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشرق الأدنى، جيفري فيلتمان، الذي قال فيه إن حكومة لبنان في أحسن الأحوال حكومة سوريّة، وفي أسوأ الأحوال حكومة إيرانيّة، معلّقاً بالقول: "هذا المخلوق (فيلتمان) عجيب، إذ يعتقد أنه الوحيد الذي يعيش في دولة حرة في العالم، مع العلم بأنه ليس من دولة حرة بل دولة تستعبد الناس، ولأنه على ما يبدو قد تعوّد أن يؤلف بنفسه الحكومة في لبنان أو في غيره من الدول، ولأن هذه الحكومة الوحيدة في لبنان التي تألفت من خارج إرادته، ولأنه كان قد تعود رجالات الوصاية الذين لا يستطيعون أن يعيشوا من دون أي وصاية، فرأى أننا نحن أيضاً نعيش في ظل الوصاية، وتخيّل أن هذه الوصاية تأتي ممن يعتبرهم خصومه ويطلق عليهم تسمية محور الشر". وأعلن عون أنه في محور الشرّ، وأنه سعيد بهذه التسمية، "لأننا شرّ على الشرّ، ونعرف الخير الذي أتوا به إلى العراق، ونعرف الخير الذي أعطوه للشعب الليبي، ونعرف كذلك الخير الذي يأتون به للشعب السوري، ونعرف الخير الذي أتوا به إلى أفغانستان وباكستان وكل هذه البلدان، لذا فليحترم السيد فيلتمان نفسه".
واستعاد عون لغته النقديّة تجاه إدارة شركة طيران الشرق الأوسط، وتحدّث عن أسعارها الاحتكاريّة "وهذه مشكلة، وهي تستلزم المحاسبة. يمنعون التنافس في مطار بيروت ويرفعون الأسعار، فيعرقلون الحركة السياحيّة ويعرقلون كذلك عودة اللبنانيين وعائلاتهم. أسعارنا غير مقبولة مقارنة بأسعار كل الشركات التي تنقل الناس إلى الدول المجاورة لنا مثل إسرائيل أو الأردن أو سوريا". وأكّد عون حصول اتصال هاتفي بينه وبين رئيس الجمهوريّة، نافياً أن تكون طاولة الحوار هي سبب الاتصال، بل هناك "موضوع آخر ستعرفونه قريباً، كما أن هناك تلاقياً قريباً معه".
ورداً على ما قاله عون، أكّد المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري أن الأشخاص الوحيدين الذين سيكون مصيرهم السجن "هم قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل شهداء ثورة الأرز، وأصحاب النفوس المريضة الذين يحمونهم". وأضاف البيان "فمن يعتقد أنه يعيش تحت حماية القتلة والمجرمين، عليه أن يتبصّر جيداً في حقيقة أن الشعب اللبناني أوعى من أن ينجرّ خلف الشعارات التحريضيّة الفارغة التي يطلقها باستمرار. أما في ما يتعلق بكل التعابير التي أطلقها النائب عون أخيراً بشأن بطاقات الذهاب والإياب وتوسيع الأجنحة في سجن رومية، فنحن نؤكد أننا بانتظار شرف التصدي لأي يد تمتد إلى أيِّ من الشرفاء في لبنان".
وكرّست كتلة المستقبل اجتماعها الدوري أمس للردّ على عون ووزير المال محمد الصفدي ووزير العمل شربل نحّاس، فرأت أن كلام عون وبعض فريقه السياسي "كشف حقيقة النيّات الثأريّة والانتقاميّة التي تهدف إلى إلغاء الآخرين في الوطن، وهي السياسة التي كان قد ابتدعها وأتقن ممارستها حزب الله في توجهاته وممارساته السياسيّة، وجاء جناحه المستحدث في الرابية لاستكمالها وترسيخها". وأضافت الكتلة أن إعلان وزير المال محمّد الصفدي أنه سيبني سياسته على مبدأ الشفافية في الأرقام، وأنه سيدقق في الحسابات انطلاقاً من عام 1993، "أمر إيجابي ومطلوب، لكننا ككتلة نلفت عناية وزير المال إلى أن هناك مشروع قانون لتدقيق حسابات الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات واتحادات البلديات والمجالس والمرافق العامة الذي أحيل على مجلس النواب منذ 25 أيار 2006، وكان قد وافق عليه حين كان وزيراً في حكومة الرئيس السنيورة الأولى، ويهدف هذا المشروع إلى إجراء التدقيق المحاسبي وفقاً للقواعد الدولية للتدقيق، وذلك ابتداءً من عام 1989 حتى اليوم، وعلى نحو مستمر. إذاً، من الأجدى أن يعمل معاليه على إقراره وتطبيقه لكشف حقيقة الأمور الماليّة في لبنان، بعيداً من الاستغلال السياسي".
كذلك توقّفت الكتلة "أمام الكلام الصادر أمس عن وزير الاتصالات السابق شربل نحاس في حق أحد المديرين العامين، والذي أعلن جهاراً أن أيام هذا المدير العام في الدولة إما معدودة، أو أنه يجب أن يدخل السجن"، ورأت أن "هذا الكلام الصادر عن وزير سابق تجاه مدير عام في إدارة لم تعد تابعة لوصايته، قبل اجتماع مجلس الوزراء وقبل إنجاز البيان الوزاري، هو الكيديّة بعينها التي حذّرنا منها لحظة إعلان الحكومة". وأضافت كتلة المستقبل أنه لا يحق لوزير سابق أن يطلق الأحكام والقرارات تجاه أي موظف كان، ولا سيما أنه أصبح غير تابع لوصايته.
من جهته، رأى رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط أنّ "أفضل ما يمكن أن تقدمه القوى السياسية المشاركة في الحكومة لضمان نجاح مسيرتها وعملها هو الابتعاد عما يثير السجالات السياسيّة والإعلاميّة التي لا تؤدي سوى إلى زيادة التوتر، فيما المطلوب هو بناء مناخات تتيح لهذه الحكومة أن تحقق إنجازات في ملفات كثيرة متراكمة بدل التلهّي في نقاشات جانبية لا تقدّم ولا تؤخّر". وأكّد جنبلاط أن جبهة النضال الوطني لن "تغطي أو تشارك في أي أعمال انتقاميّة أو كيديّة، وأن مشاركتها في الحكومة كانت على هذا الأساس، من دون أن يعني ذلك عدم موافقتها على محاسبة من يخرق القوانين، لكن ضمن الأصول والمعايير المعتمدة".
إلى ذلك، عاد أمس إلى بيروت النواب السابقون باسم السبع، فارس سعيد، وسمير فرنجية، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، آتين من باريس. وقد نفى رئيس حزب الكتائب اللبنانيّة أمين الجميّل "أن يكون فريق 14 آذار قد اجتمع في فرنسا لرسم خطة للمستقبل". وبرأي الجميّل، ليس هناك من حاجة إلى التوافق على خطة، "لأن التنسيق مستمر مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري"، موضحاً "أن اللقاء الذي عقده معه كان للتشاور في كيفيّة التعاطي مع حكومة يسيطر عليها حزب الله ولها امتدادات خارجيّة".
ورأى أنه "لو كان هناك من قرار عربي جامع لمواجهة إسرائيل، فإن لبنان مستعدّ لذلك. أما إذا كان القصد إقحامه في هذا الموضوع لخلق ملهاة تخدم أهدافاً أخرى لا علاقة لها بالقضيّة الفلسطينيّة واللبنانيّة، بل تحقق مكاسب إقليميّة معيّنة، فهذا حرام". وتمنّى الجميّل "الاستقرار والسلام والديموقراطية والحرية للشعب السوري"، وأشار إلى أن على المسؤولين السوريين أن يقرأوا ما يحصل في العالم العربي، وأن يتّعظوا، "وأن يقود الرئيس السوري بشار الأسد عملية التغيير، ويضع بلاده على طريق الحداثة والعصرنة والديموقراطيّة".

السابق
الربيع أو التقسيم… وراء الأبواب؟!
التالي
بري: جلسة الثقة الأربعاء إذا تسلّمتُ البيان الوزاري السبت المقبل