اللواء: طرابلس تواجه الفتنة: رسالة دموية من الشمال تربك الحكومة … وتهدّد بربط الحدث اللبناني بما يجري في سوريا وصلاحيات واسعة للجيش لحسم الوضع

قتلى وعشرات الجرحى بين جبل محسن وباب التبانة … والشعار يُطلّق مبادرة اليوم

عند منتصف الليلة الماضية، جرى اختبار اول لوقف الاشتباك الذي اندلع على خلفيات مبيتة، امس في مدينة طرابلس، قاده الرئيس نجيب ميقاتي مع فعاليات المدينة، لا سيما خط الاشتباك بين التبانة وجبل محسن.
فبعد خمس ساعات من تبادل اطلاق النار بالاسلحة الرشاشة والصاروخية، وسقوط ما بين 7 قتلى وأكثر من 20 جريحاً، وبعد المؤتمر الصحفي المقتضب الذي عقده رئيس الحكومة واعلن فيه ان الامن خط احمر في طرابلس وكل لبنان، تمكن من جمع فعاليات باب التبانة، وجرى الاتفاق على انهاء التوتر والمظاهر المسلحة واطلاق النار، وسحب المسلحين من الشوارع، وتكليف الجيش بالانتشار في المنطقتين ابتداء من منتصف الليل، لكن الخرق الذي حصل في القبة مدد الانتشار الى الثانية من فجر اليوم.

واعربت مصادر عن خشيتها من تفاقم الموقف اذا لم تتجاوب الاطراف مع التوجه السياسي الرسمي للحكومة والجيش، نظراً للترابط بين تدهور الوضع في طرابلس على خلفية ما يجري في سوريا وبالتزامن مع <جمعة صالح العلي> التي ابقت الوضع في سوريا في المربع الاول.

وقالت المصادر ان الحكومة تلقت رسالة امنية دموية من عيار مرهق، يحتاج الى تضافر جهود متعددة لمنع تفاقمه وانتقاله الى اماكن اخرى.

وأكدت مراجع امنية رفيعة لـ<اللواء> ان كل المؤشرات والمعطيات التي توفرت للاجهزة الامنية تؤكد ان الاشتباك كان مدبراً، او محضراً له، مشيرة الى ان وقائع ما حصل يدل على ذلك، اذ ان التظاهرتين اللتين انطلقتا من منطقتي القبة والتبانة، في اتجاه مستديرة عبد الحميد كرامي، تضامناً مع الشعب السوري، كانتا هادئتين، ولم تسجل خلالهما اية حوادث، لكن الحادث حصل اثناء عودة التظاهرتين الى التبانة، حيث جرى تراشق بالحجارة وتبادل شتائم مع جمهور آخر من المناصرين المؤيدين للنظام السوري، قرب جامع الناصر، وبدا ان احدهم تسلل بين جمهور الطرفين، والقى قنبلة، وانفجرت بين ارجل المتظاهرين، ادى الى وقوع عدد منهم بجروح، في حين ذكرت معلومات اخرى ان القنبلة القيت على المتظاهرين من منطقة جبل محسن، لكن المسؤول الاعلامي في الحزب العربي الديمقراطي المختار عبد اللطيف صالح نفى ذلك، مشيراً الى ان لا علاقة لحزبه في الحادث.

ومع ذلك، فان ما جرى كان كافياً لاندلاع اشتباكات بين المنطقتين، تبادل خلالها المسلحون القصف بمدافع ار.بي.جي والرشاشات الثقيلة والمتوسطة، ثم ما لبثت أن اشتدت على اثر مصرع المسؤول الأمني في الحزب العربي الديمقراطي علي فارس، في مقابل إصابة خضر المصري، وهو أحد الشبان المتنفذين في التبانة، ويعتبر من أنصار الرئيس ميقاتي، بجروح خطرة، وقتل أيضاً الطفل عبد الرحمن حبشيتي (13 سنة).

روايتان وفي تحليل أبعاد ما حدث، فهناك روايتان.

الأولى تربطه بتطورات الوضع في سوريا، خصوصاً وأن شرارة ما حدث بين منطقتي التبانة وجبل محسن، كانت جاهزة للاشتعال نتيجة الاحتقان السائد بين الطرفين، على خلفية الأحداث في سوريا، والمتصل في عمقه للتاريخ الدموي بين المنطقتين على مدى سنوات طويلة، ولا سيما ان الدعوات للقيام بتظاهرات مؤيدة للشعب السوري كانت تكررت في المنية في اليومين الماضيين، وكانت آخرها من رابطة الطلاب المسلمين، وهو التنظيم الطلابي للجماعة الإسلامية ومجموعة من الطلاب السوريين في الجامعة اللبنانية في القبة.

اما الرواية الثانية، فتربطه بمجيء الرئيس نجيب ميقاتي إلى طرابلس، والتعكير على حفل الاستقبال الذي كان يعتزم تنظيمه في مركز الصفدي في المدينة، في حضور الوزراء الأربعة، بقصد توجيه اتهام مباشر إلى المعارضة التي يتزعمها تيّار <المستقبل>.

وبدا أن الرئيس ميقاتي، في أثناء مؤتمره الصحفي، كان ميالاً نحو السير في الرواية الثانية، من خلال غمزه من قناة المعارضة، وإن لم يتهمها مباشرة، لكنه لفت في سياق تأكيده على أن السلم الأهلي خط أحمر ولا مساومة على الأمن إطلاقاً ولا تراجع عن الإنماء، انه يفهم المعارضة سلمية وبنّاءة، وانه تلقى وعوداً بأن تكون سلمية، داعياً أهالي طرابلس إلى وعي الاهداف الخبيثة واسقاطها حفاظاً على مستقبل المدينة، معلناً انه أصدر تعليمات صارمة للجيش والقوى الامنية لاتخاذ الإجراءات الحازمة والضرب بيد من حديد، لافتاً الي أن ما جرى كان في <توقيت مريب>، لكنه لم يوضح أكثر.

وسارع عضوا كتلة <المستقبل> النائبان أحمد فتفت وسمير الجسر إلى الرد على ما وصفاه الاتهام المبطن من قبل الرئيس ميقاتي، للمعارضة بأنه لها يداً في أحداث طرابلس، مشيرين إلى أن خسارة ميقاتي لأحد أهم أركانه الأمنيين في أحداث اليوم (أمس) هو ما دفعه إلى محاولة توجيه الاتهام إلى مكان آخر.

إتصالات المفتي الشعّار سواء كان ما حدث مرتبط بقراءته من زاوية التوقيت الحكومي، أو من زاوية احتمال استخدامه رسالة عبر صندوق البريد الطرابلسي، فإن ذلك لا يعفي، على حدّ تعبير مصادر مطلعة، مسؤولية الفاعليات الطرابلسية لإزالة أسباب التوتر، لاستكمال المصالحة ميدانياً، بعد نجاحها سياسياً على الأقل في المرحلة الماضية.

وفي هذا السياق، بدأ مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار اتصالات بفاعليات التبانة وجبل محسن تحضيراً لاجتماع يعقد ويضع الآليات الكفيلة بإيقاف الاشتباكات.

وكان المفتي الشعّار تلقى اتصالات من النائب وليد جنبلاط وقيادات وفاعليات تطالبه بالتدخل، وهو سيلتقي اليوم الرئيس ميقاتي، وفي الوقت نفسه يجري اتصالات مع الرئيس ميشال سليمان وقائد الجيش ووزيري الدفاع والداخلية لإعطاء الأوامر اللازمة للجيش لحسم الوضع وإنهاء الاشتباكات.

قيادة الجيش وكانت قيادة الجيش، قد كشفت في بيان أن وحداتها تعرضت لإطلاق نار أثناء تدخلها لوقف الاشتباك المسلح، سقط على اثره شهيد وجريحان من الجيش، مشيرة إلى أن الجيش قام بحملة مداهمات لتوقيف المسلحين وإعادة الوضع إلى طبيعته، محذرة بأنها سترد بكل حزم وقوة على مصادر اطلاق النار من أية جهة كانت، وأنها لن تتهاون مع كل شخص يحمل السلاح أو يحاول تعريض حياة المواطنين للخطر.

البيان الوزاري إزاء ما حصل في طرابلس، كان بديهياً ان تغيب التطورات السياسية المتعلقة بالحكومة ولاسيما على صعيد بيانها الوزاري، لكن مصدرا واسع الاطلاع ابلغ <اللواء> امس ان النقاشات حول البيان في شأن مسألة المحكمة الدولية، قد تؤدي في نهاية المطاف الى اعتماد صيغة عامة تؤكد التزام لبنان بالشرعية والعدالة الدوليتين من دون اي ذكر للمحكمة.

واشار المصدر الى ان هذه الصيغة قد تكون حلاً وسطاً بين طرح كل من فريقي الموالاة والمعارضة.

ولفت الى ان الموالاة، وتحديدا حزبين رئيسيين فيها، تصر على اسقاط اي ذكر للمحكمة او لالتزام لبنان القرار الدولي 1757 الخاص بها والذي سبق لحكومة الرئيس سعد الحريري ان تبنته في البند 13 من بيانها الوزاري في مقابل تبني ثلاثية الجيش والمقاومة والشعب.

وتوقع ان تأتي الصياغة فضفاضة تأخذ في الاعتبار احترام الشرعية والعدالة الدوليتين، وهو مبدأ لم يحد عنه لبنان، في مقابل عدم ذكر المحكمة بالاسم، مشيرا الى ان ذلك يعني ان الحكومة تربط آلية التعاطي معها بما سيكون عليه نص القرار الاتهامي، على ان يسهم ذلك في تطويق موقت وموضعي للاشكال الناري المتوقع حين يصدر القرار.

عون تزامناً عاود رئيس تكتل <التغيير والاصلاح> النائب ميشال عون، تهجمه على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، متهما بأن حكوماته كانت تهدف لافقار لبنان والاستيلاء على المؤسسات <لكننا قطعنا له ورقة وهو ذهب ولن يعود>، معترفا <بأن تكتله اصبح تقريبا في السلطة المقررة في البلد>. مشيرا الى ان حجمه الحالي في الحكومة هو <انتصار كبير لم يعرفه لبنان سابقا>.

وقال عون في كلمة له خلال العشاء السنوي لهيئة قضاء كسروان في التيار، ان <مصلحة اللبنانيين دولة تحترم دستورها وقوانينها>، معتبرا ان المشكلة شاملة من ناحية الفساد، وان كل شيء في هذا البلد ضائع والفوضى هي لتهجير اللبنانيين وتوطين غيرهم، حاملا على الغرب الذي <اوجعنا وشردنا وارسلنا الى المنفى، لان هناك حلا <لاسرائيل على حسابنا>، مشيرا <الى ان اميركا لا تهتم بنا لاننا لسنا مصلحة اميركية>.

السابق
السفير: ســوريـا: 16 قـتـيـلاً بينـهـم متـظاهـر فـي حلـب كلينتـون تحـاول إقنـاع لافروف بالعمل ضد دمشـق
التالي
ثوريّون ضدّ الثورات