عون: رحلة مُحيّرة من جبيل الى مليتا… الى غابي ليّون؟

باتَ من الواضح أنّ زعيم تكتّل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون له أسلوبه الخاص واستراتيجيته "الفريدة" في مقاربة الأزمات السياسية والخضّات التي تعصف بحزبه بين الحين والآخر، والتي كان آخرها موقفه الحاد والمتقدّم من أحد أبرز الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة الأميركية، والتوعّد بأن "يَلوي ذراعها"!

فبعد توقيعه وثيقة التفاهم بينه وبين "حزب الله"، انتهجَ العماد عون مسارا يغلب عليه الطابع الصدامي مع مكوّنات المجتمع اللبناني، لا سيما المسيحي منه، والتي لا تأتلف مع اتجاهاته المستجدة في السياسة ولا سيما مواقفه الاخيرة، حيث يظهر بمظهر "المشاكِس" الذي يتبادل الخدمات مع حزب الله: "مواقف مقابل دعم مهرجانات فاشلة"، وإن لوجستيا وماليّا لأجهزة عون وعناصره، وكان آخرها تزويده بعشرة باصات عملت على نقل أنصار حزبية من بعض قرى جبيل الشيعية إلى الاحتفال الذي أقامته هيئة جبيل في"التيار العوني"، خصوصا ان الجنرال لم يهضم الخسارة في بلدية عاصمة القضاء الذي له فيه ثلاثة نوّاب، حيث حاول مع نوّابه هناك تأكيد الحضور على إثر مهرجان البلدية الحاشد الذي سبقه، سواء عبر باصات الدعم الجبيلية او من لدن صهره باسيل من البترون الذي أحضرَ حوالى 200 شخص الى المهرجان المذكور.

هذا الخيار، الذي لم يسلكه أحد أقرب حلفاء العماد عون الجُدد، النائب سليمان فرنجية، جاء مُكلفا إلى حدّ بعيد، بدليل أن أحد كوادر "حزب الله" اعتبر في مجلس خاص أن عون أعطى الحزب ما لم يُعطه أقرب حلفائه، في حين لم يكلّف عون الحزب منذ العام 2006 سوى جزء لا يكاد يستحق الذكر من إمكانات الحزب ورصيده.

أمام هذا الواقع الذي تحوّل العماد عون إلى متراس متقدّم في "معركة إقليمية"، وفي خضمّ فضائح "ويكيليكس" التي انعطفت على ملف العميد فايز كرم، بشهادة طبيبه الخاص نبيل الطويل، وبأخصامه (السنّة) الذين بلغ به حدود كرههم، الى نَعتهم بـ "الحيوانات"، وزد على ذلك، فضيحة العميد "ديدي" رحّال، حول بَيع الأسلحة.

وقد توقّف المراقبون عند ما أعلنَه العماد عون خلال زيارته الجنوبية إلى بلدة مليتا، حيث هدّد الولايات المتحدة الأميركية عَلنا، وللمرة الأولى، بالقول: إننا سنَلوي ذراع المخابرات الأميركية في لبنان، كما لوينا ذراع إسرائيل". لافتين إلى خطورة مثل هكذا تهديدات. متسائلين عمّا إذا كان هذا الموقف يشكّل عنوانا للمرحلة المقبلة، خصوصا وأننا على مشارف تشكيلة حكومية قد يكون "التيار العوني" جزءا وازنا فيها.

وهل أن هذا الموقف يشكّل استباقا تكتيا لتداعيات مفترضة ومنتظرة قد تعقب صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟ وهل من مصلحة المسيحيين الانخراط في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في ظلّ الظروف الحسّاسة والبالغة الدقّة والثورات التي تعصف ببعض دول المنطقة، عِلما بأن الولايات المتحدة لا تزال حتى الساعة دولة صديقة للبنان وليست دولة عدوّة؟

وسأل قيادي بارز في 14 آذار عَمّا إذا كان بإمكان العماد عون تحمّل تبعات سياساته "الانفعالية" و"الطارئة" في "لَيّ ذراع الأجهزة الأمنية الأميركية في لبنان"، خصوصا إذا ما تعرّض أي من وحداتها الديبلوماسية أم العسكرية أم السياسية أم أحد مواطنيها في لبنان لأيّ أذى؟ وهل أن ما أدلى به عون هو المطلوب تحديدا لإدخال من يمثّله في آتون الحروب العبثية التي لم تَجن للبنان إلا الهجرة والدمار والخراب؟

نهاية الرحلة: غابي ليّون!

وينهي العماد عون "ويك إندِهِ" السياسي باقتراح "غابي ليّون" ابن خال زوجته، الى حقيبة الاتصالات، عِلما بأن الاخير يعمل كمخمّن عقاري لدى المصارف، وان علاقته بالملف تقوم على نمطين، اولهما تأمين الظلّ الكافي لتغطية الوزير باسيل من شمس الضغوطات ليمارس وصايته الكاملة على الوزارة الحسّاسة عبر ليّون، كون الأخير ضعيف الشخصية، والعلاقة الثانية هي أواصر القربى التي يمكنها ان تجعل من أيّ محظي بها محظوظا بوزارة او نيابة، أو إذا شئت… إمارة إدارة!

السابق
قيادة الجيش تنفي وجود عناصر مسلحة على الحدود اللبنانة
التالي
وصول أمين عام مجلس الوزراء سهيل بوجي الى قصر بعبدا