الأسد-جنبلاط:أي سرّ وراء استقباله دون سواه؟

 من كليمنصو الى باريس فكليمنصو فالدوحة، فدمشق، رحلات بهدف استطلاع معروف النتائج… فوليد جنبلاط، وللمرة الاولى، يجد نفسه امام خيار واحد، حاول ان يجعله خيارين وفشل، وعاد من دون تكويع الى حيث يجب ان تلزمه الالتزامات التي تعهدها بعد السابع من أيار.

وقد يسأل سائل: ما الذي حدا ابن المختارة لكي يزور دمشق، ولكي يظهر في الصورة التي لم يظهر فيها أي من حلفاء النظام اللبنانيين؟

في جردة بسيطة يمكن الملاحظة ان الرئيس السوري لم يستقبل، منذ اندلاع الثورة السورية، ايا من حلفائه اللبنانيين، ونعني هنا بالاستقبال الجانب المعلن منه، اذ، باستثناء اللقاء المتكرر بين الاسد والسيد حسن نصرالله، واللقاء المحتمل بين الاسد والنائب سليمان فرنجية (غير المعلن عنه)، لم يسجل على سبيل المثال زيارة للرئيس نبيه بري الى دمشق، ولم يزرها الرئيس ميشال سليمان ولا العماد عون الذي، وعلى رغم إضاءته الشموع كل ليلة على نيّة بقاء النظام، لم يذهب ابعد ولم يعط الدليل الدافع على اصطفاف جزء من مسيحيي لبنان مع النظام.

لذا، وجب التساؤل: هل كانت زيارة النائب جنبلاط لدمشق زيارة اضطرارية، نتجت من شكوك في مواقفه الاخيرة، ام انها كانت في اطار استكمال ما بدأه جنبلاط حين زار باريس، مطمئنا الى سلامة النظام، وحين زار قطر مستطلعا اوضاع النظام، وناشدا مساعدة مالية قطرية لأحد الصروح التعليمية في منطقة عاليه.

الارجح ان المعاينة الحسية التي قام بها جنبلاط في الداخل والخارج، افضت به الى محاولة تركيب صيغة وسطية رباعية عبر ضم الرئيس أمين الجميل الى اطار وسطي مكون من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، والتعكز على هذه الصيغة بانتظار ظروف افضل تسمح في ما بعد بالمطالبة بتشكيل حكومة وفاق وطني.

وتؤكّد المعلومات ان جنبلاط كان ينوي الانتقال الى الدعوة لحكومة الوفاق مباشرة بعد اتهامه حزب الله بأنه لا يريد تشكيل الحكومة، ولكنّ ضغوطا مورست أدت الى تراجعه عن هذه المطالبة.

زيارة دمشق؟!

بالعودة الى قراءة زيارة دمشق، فإن أسبابها بالتأكيد، لا تتصل بالزعم ان جنبلاط يؤدي دور الوسيط بين النظام المأزوم والمجتمع الدولي او بعض الدول العربية، اذ ان لا مجال حتى للافتراض ان الزعيم الدرزي يملك قدرات روسيا أو الصين في تخفيف الضغط عن النظام السوري، وهو بحكم الواقعية المغرقة في الواقعية التي يتميز بها، لا يدّعي حتى دور ناقل الرسائل، فلماذا كانت الزيارة اذا؟ ولماذا خاطر جنبلاط بوضع بيض الطائفة في سلة واحدة مخالفا حكمة حفظ الرأس عند احتمال تغيّر الدول؟

لا بأس في هذا المجال من ملاحظة ان جنبلاط أدّى دورا أساسيا في تحييد الطائفة الدرزية وعدم مشاركتها في الثورة السورية، ووصل هذا التحييد الى حد الطلب الى منتهى سلطان باشا الأطرش عدم الذهاب بعيدا في دعم الثورة، لكن ذلك، على ما يبدو، لم يكن كافيا بالنسبة إلى النظام السوري وحلفائه اللبنانيين، لأن المساعدة في التحييد الدرزي داخل سوريا لا تكون مقبولة اذا رافقها حراك سياسي ملتبس في لبنان، وربما يكون هذا الحراك الذي تميّز به جنبلاط في الأيام العشرة الماضية هو الذي أدّى الى تحديد الموعد الرئاسي السوري في جدول الاستقبالات اللبنانية للرئيس الاسد التي فرغت منذ الأحداث الأخيرة من أي استقبالات. 

السابق
اللواء: الحكومة: خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء
التالي
عون من مليتا: سنلوي ذراع الإستخبارات الأميركية في لبنان