اللواء: المشهد يتبدَّل خلال 72 ساعة: صدمة تخرق الإنتظار

تنتظر مراجع رئاسية صدمة ايجابية في الايام القليلة المقبلة، تؤسس <لفك الاشتباك> الذي توسع من وزارة الاتصالات وهيئة <اوجيرو> الى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، على خلفية ما يجري من اشتباكات تتخطى الساحة الداخلية، الى الصراع الاقليمي الدولي· وتعتبر مصادر مقربة من بعض هذه المراجع ان الصدمة المنشودة لا يمكن ان تكون إلا عبر حكومة جامعة وقادرة على تبديل الصورة من حالة التداعيات الى اعادة لملمة الوضع، وبناء منهجية انقاذ سياسي واداري واقتصادي مع بدء موسم الاصطياف، وحاجة لبنان الى تجاوز الانقسام لاجراء سلسلة من التعيينات في المناصب الرفيعة، من حاكم مصرف لبنان الى الشواغر في الادارة واجهزة الامن والسفراء والمحافظين·
ويأتي هذا التصويب الرئاسي المأمول للمسار السياسي في البلاد، بعدما كادت حالة الفراغ تؤسس لاشكالات دستورية وامنية ودبلوماسية تضع الاستقرار على الطاولة في الداخل، وعلى الحدود الجنوبية·

واذا كان تقدير الموقف متبايناً داخل شرائح ما يطلق مجازاً <بالاكثرية الجديدة> اقله من ملفي ازمة تأليف الحكومة، وازمة الشبكة الخليوية الثالثة في الطابق الثاني من مركز التخابر الدولي، فإن الـ72 ساعة المقبلة، ستضيف فرزاً جديداً في المواقف في ضوء التطورات الآتية:

1- الموقف الذي سيعلنه ميشال عون مما استقرت عليه معالجات ازمة الشبكة الثالثة ولا سيما لجهة الخطوة التي اقدم عليها الرئيس ميشال سليمان، وبعدما كانت الدوائر العونية تعتبر ان اللواء اشرف ريفي المدير العام لقوى الامن لن يكون في مكتبه، بدءاً من الاثنين، اي يوم امس·

2- الاجتماع الماروني الثاني في بكركي برعاية البطريرك بشارة الراعي، والذي سيضم يوم الخميس المقبل ما لا يقل عن 70 شخصية مارونية لمناقشة موقع المسيحيين في الادارة والسلطة والقرار، في ضوء مطالبة الراعي بطائف ثاني او سد ثغر الدستور·

3- ما سيقدم عليه وزير العدل ابراهيم نجار لانفاذ مضمون الكتاب الذي ارسلته المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، بناء على توجيهات رئيس الجمهورية، في خصوص اتخاذ الاجراءات القانونية في شأن عدم تنفيذ اللواء ريفي كتاب وزير الداخلية والبلديات زياد بارود القاضي بإخلاء الطابق الثاني من مبنى وزارة الاتصالات·

4- الموقف بعد عودة مدير عام اوجيرو المهندس عبد المنعم يوسف اليوم، وما سيقدم عليه الوزير المعني شربل نحاس بعد هذه العودة، على صعيد الاجراءات التي سيعلنها·

5- والاهم ما سيسفر عنه الاجتماع الذي سيعقده الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع فريقه الاستشاري لتقرير الخطوة المناسبة للخروج من حالة المراوحة الحكومية، وفي ضوء الاجتماع الذي عقده الاول مع الرئيس نبيه بري في عين التينة مساءً·

وفي هذا السياق، علمت <اللواء> ان اتصالات تجري بين اطراف الاكثرية الجديدة بحثاً عن مخارج تكفل اخراج التشكيلة الحكومية من حالة الغيبوبة التي وضعت فيها، منذ الصدام الاخير بين فردان والرابية حول عدد الحقائب التي يطالب عون بالاستئثار بها·

وتتركز هذه الاتصالات بين كل من الرئيس بري والرئيس المكلف والنائب وليد جنبلاط وقيادة حزب الله·

وعلم ان احدى الصيغ المطروحة لولادة الحكومة العتيدة تقضي بالعودة الى الحكومة السياسية المصغرة والتي تضم 14 وزيراً، تمثل فرقاء الاكثرية، وتترك وزارة العدلية لشخصية محايدة وتحظى بثقة الاطراف السياسية وعائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، من المرجح أن يكون الوزير السابق بهيج طبارة· وهذه الصيغة تتشابه مع صيغة الحكومة التي شكلها الرئيس ميقاتي عام 2005 والتي أشرفت على الانتخابات النيابية·

بري

وأوحت المواقف التي أطلقها الرئيس بري ومعه نائب الأمين العام <لحزب الله> الشيخ نعيم قاسم ومعه عدد من رجال الدين المسلمين والمفكرين، في المؤتمر الفكري الدولي الثاني الذي انعقد في مجمّع الإمام الصادق لتكريم العالمين الشهيدين الشيخ محمد بن مكي الجزيني والشيخ زين الدين الجباعي، بأن هناك قراراً كبيراً بعدم الذهاب الى مشكلة في الداخل، والابتعاد عن كل ما من شأنه هز الوحدة الاسلامية، بانتظار انفراجات ما في الموقف، قد يعلن في البحرين وسوريا·

ولمس بري في خطابه من خلال صورة المشهد السياسي الشرق أوسطي استمرار السعي لإشعال توترات هنا وهناك وصولاً إلى محاولة إيقاع فتنة مذهبية، مؤكداً أن الشيعة العرب واللبنانيين بصفة خاصة لن يقعوا في هذا الفخ، ولن يذهبوا إلى حروب داخلية أو الوقوع في آتون حرب مذهبية إقليمية، وهم سيكونون الأكثر مسؤولية في نزع عوامل التوتر والالتزام بقاعدة من كانت اسرائيل عدوه فهي عدو كاف·

يشار إلى أن الرئيس بري تجاوز الجدل حول الجلسة التشريعية ودعا إلى عقد هذه الجلسة يوم الأربعاء في الثامن من حزيران لدرس مشاريع واقتراحات القوانين التي سيقررها مكتب المجلس قبل انعقاد الجلسة·

وينتظر أن تكون الدعوة مادة سجالية، سيّما وأن قوى 14 آذار تتجه إلى مقاطعة الجلسة التي ترى فيها أنها غير دستورية في ظل حكومة تصريف أعمال، إلا أنه علم أن اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء بين أطراف توفيقيين من أجل التفاهم على أن تقتصر الجلسة على التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من خلال تعديل قانون النقد والتسليف، من دون الدخول في مشاريع وقوانين أخرى·

لجنة الإعلام والإتصالات

وإذا كانت المبارزات الإعلامية التي جرت داخل جلسة لجنة الإعلام والاتصالات النيابية وخارجها، قد تركت انطباعاً، بأن أزمة الاتصالات لم تجد طريقها للمعالجة في مجلس النواب، فإن خطوة رئيس الجمهورية، بالنسبة لإحالة ملف اللواء ريفي إلى القضاء، طرحت إشكالية دستورية وقانونية وأثارت نقاشاً قانونياً حول المادة 49 التي استند إليها رئيس الجمهورية في قراره، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة والتي تخضع لسلطة مجلس الوزراء، وإذا كان لديه سلطة الطلب من وزير العدل باتخاذ الاجراءات القضائية التي تنص عليها القوانين والانظمة المرعية، من دون العودة الى رئيس مجلس الوزراء·

وقد اختلفت الاجتهادات القانونية في هذا الخصوص، خصوصا وان مرجعاً قانونياً ابلغ <اللواء> انه كان بإمكان رئيس الجمهورية اتخاذ هذه الخطوة من دون الكلام، الا ان مصدرا وزاريا في قوى 14 آذار اكد ان لا شيء يمنع الرئيس سليمان من ان يلفت نظر وزير الى حادثة ما، وان يطلب منه تحريك الضابطة العدلية للتحقيق، فإذا تبين ان هناك جرما جزائيا يؤخذ قرار بذلك، واذا لم يتبين يطوى الملف· غير ان السؤال يبقى، هل ان ما أقدم عليه اللواء ريفي ينطوي على مخالفة قانونية، طالما انه تحرك لحماية معدات حكومية، تخضع لسلطة مجلس الوزراء ام على مخالفة مسلكية، لا سيما وان ريفي يعتبر ان ما قام به قانوني وواجب وطني يدخل ضمن اطار صلاحياته؟

ثم ما هي صلاحية وزير العدل تجاه مؤسسة عسكرية ذات انظمة وقوانين واجراءات واضحة، وهل للقضاء العادي صلاحية استدعاء مدير عام مؤسسة عسكرية، ام يعود الامر للقضاء العسكري، وما هي صلاحياته تجاه مخالفة مسلكية من مدير عام لوزير·

ومهما كانت اجوبة القضاء، والذي لا بد ان يأخذ وقته، فإن مصادر مطلعة تعتقد ان خطوة رئيس الجمهورية قصد منها فقط احتواء الازمة داخل الكواليس القضائية، بانتظار الحل الذي لا يمكن ان يأتي الا من خلال حكومة جديدة، مع علمه انها قد تضايق في الشكل الكثير من المعنيين، لا سيما وان الخلاف النيابي حول مقاربة مشكلة الاتصالات اخذ منحى غير صحي، في دلالة واضحة على تأزم الوضع السياسي الذي بات يعاني من حالة اهتراء بكل القوى السياسية وتجعلها عاجزة، وغير قادرة على التفاهم، ولو بالحد الادنى، حيال اي ملف يطرح·

وكان النقاش داخل لجنة الاتصالات قد اخذ شكل العاصفة الهوجاء، على قاعدة <ليست رمانة بل قلوب مليانة> وتحول الى مشادات كلامية وضرب على الطاولة بين وزير الاتصالات من جهة ونواب <المستقبل> وغيرهم من قوى 14 آذار من جهة ثانية·

وقد حال هذا الجو الانقسامي في الجلسة التي استمرت قرابة الخمس ساعات دون الوصول الى توافق على تشكيل لجنة فنية للتدقيق في المعدات الموجودة والعائدة للشبكة الثالثة، وكذلك حول صلاحية الوزير وتعيين العضو المنتدب من هيئة <أوجيرو>، وترك امر اقتراح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية الى الهيئة العامة، وبعد التشاور مع الرئيس بري·

ولفت الانتباه تساؤل رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله عن حقيقة الشبكة الثالثة، وهل تشغل ولحساب من، ومن المسؤول عنها، وهو السؤال الذي لم يستطع الوزير نحاس الجواب عليه، رغم وجود معدات الهبة الصينية اكثر من ثلاث سنوات في الطابق الثاني من المبنى، الامر الذي دفع نواب <المستقبل>: عمار حوري واحمد فتفت وهادي حبيش وزياد القادري، الى اخذ زمام التوضيح والرد على نحاس، انطلاقا من قرارات مجلس الوزراء، واتهامه بمحاولة الاستيلاء على المعدات لمصلحة الشركتين المشغلتين للهاتف الخليوي، رغم وجود اقرار لمجلس الوزراء بإنشاء الشبكة الثالثة، وتشغيلها من قبل <أوجيرو>·

ونفى النواب ان تكون هذه الشبكة تعمل حالياً باستثناء عشر خطوط تجريبية·

السابق
الجمهورية: أسلحة من دمشق إلى حزب الـله ومرونة سوريّة مفاجئة في الملفّ النووي
التالي
النهار: المجلس مسرح التصعيد من الاتصالات إلى الجلسة العامة