الجمهورية: أسلحة من دمشق إلى حزب الـله ومرونة سوريّة مفاجئة في الملفّ النووي

أكّدت مصادر في الأمم المتحدة صحّة تقارير صحافية كشفت أنّ سوريا أبدت مرونة مفاجئة في ملف "برنامجها النووي السرّي"، تمثّلت برسالة رسمية من هيئة الطاقة الذرية السورية إلى وكالة الطاقة الذرية الدولية في فيينا، تؤكد عزم دمشق على السماح للخبراء بتفتيش منشأة دير الزور التي دمّرتها غارة جوية اسرائيلية في العام 2007، في محاولة منها لتفادي قرار "إدانة" أممي تمّ توزيع مسودّة عنه على الدول الأعضاء في مجلس الأمن من قبل "المجموعة الأوروبيّة" نهاية الأسبوع المنصرم.

أوساط البعثة الأميركية في الأمم المتحدة تبدو "حذرة" وتتعاطى في دقة وتروٍّ مع عملية استصدار قرار إدانة في مجلس الأمن ضد النظام السوري، وخصوصا أنّ روسيا تفضّل إعطاء الرئيس السوري بشار الأسد مهلة إضافية لإقرار "إصلاحات" داخليّة. وكشفت هذه الأوساط عن أنّ اللقاءات الثنائية التي عُقدت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والروسي ديمتري مدفيديف على هامش قمة الثماني في فرنسا، قبل أيّام، أسفرت عن مرونة في الملف الليبي تمثّلت برفع الغطاء الروسي عن العقيد معمّر القذافي. لكنّ موسكو لا تزال متشدّدة في "الملف السوري"، وتحاول فرملة الاندفاعة الأميركية والأوروبية ضد النظام. وأفادت مصادر البعثة الأميركية أنّ القراءة الروسية للتطورات في سوريا مختلفة جدا عن القراءة الأميركية، بما أنّ موسكو لا تزال تعوّل على "حليفها" السوري وإمكان استيعابه الاضطرابات، مؤكدة أنّ روسيا لا تزال تعتبر الأسد ضمانة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

وفي وقت رجحت المصادر الأميركية أن النصائح الروسية للحكم في سوريا بدأت تعطي ثمارها، مؤكدة أنّ فتح دمشق أبوابها أمام المفتشين الدوليين هو "خطوة في الاتجاه الصحيح"، لكنّها غير كافية وتبقى العبرة في التنفيذ مشددة على ضرورة ترافق الخطوة هذه مع وقف عمليات القمع والبدء بحوار بين السلطة والمتظاهرين يسفر عن نتائج واضحة على أرض الواقع.

المرونة السوريّة في الملف الذرّي ترافقت مع تكثيف الدبلوماسية السورية نشاطها سواء عبر بعثتها في الأمم المتحدة أو عبر سفارتها في واشنطن في محاولة لوقف مسلسل العقوبات والإدانات من خلال التركيز على أنّ السلطة أحكمت قبضتها على نحو تام على مناطق التوتر، وأنّ هناك خطوات إيجابية متعدّدة ستظهر قريبا جدا داخليا وخارجيا. وجاء هذا النشاط متزامنا مع توسيع انتشار الجيش السوري في مختلف نواحي البلاد في مقابل تكثيف الحملات الإعلامية العربية والدولية ضد النظام السوري

من خلال بث متكرر لصور التنكيل بجثة الطفل حمزة الخطيب والتركيز في الإعلام الأميركي على دور إيراني مباشر ومتصاعد في تقديم خبراته إلى السلطات السورية في سبل قمع التظاهرات والوصول إلى محرّكيها عبر الإنترنت من خلال تقنيات متطورة ترصد أماكنهم حتى عند استخدامهم أرقاما خلوية لا تمرّ بالشبكة السورية.

مراقبون لم يستبعدوا أن يكون الرئيس أوباما أعطى مدفيديف مزيدا من الوقت لإقناع النظام السوري "بتغيير سلوكه" في مقابل غضّ طرف روسي لتصعيد حملة الناتو العسكرية ضد العقيد معمّر القذافي وإدخال منظومة أسلحة جديدة في المعركة. وأفاد المراقبون أنّ صمود القذافي وتحوّل "ربيع اليمن" إلى اقتتال قبلي دام، قد يبعد القمع السوري للمتظاهرين عن دائرة الضوء الأساسية موقتا. وختم المراقبون أنّ أوباما شدّد أمام مدفيديف على أن أي تصعيد على الحدود الشمالية لإسرائيل أو عبر الجولان قد يؤدّي إلى تداعيات خطرة وغير مسبوقة.

وهنا انشغلت دوائر أميركية معنية بالشرق الأوسط بمجموعة تقارير كشفت أنّ حزب الله كثّف في الأسابيع الأخيرة عمليات نقل الأسلحة والذخائر من سوريا في اتجاه لبنان والجنوب قد يكون ضمنها سلاح "كاسر للتوازن" حسب الوصف الإسرائيلي، وأبدت هذه الدوائر خشيتها أن يسفر تنامي التوتر وازدياد عوامل الاصطدام إلى تدهور الأوضاع العسكرية بين حزب الله وإسرائيل، وخصوصا أنّ المواجهة قد تكون مطلبا للطرفين:

– ففي إسرائيل قيادة عسكرية جديدة تتمثل برئيس الأركان بيني غانتس المؤمن بقوة جيشه، والذي يرى في حزب الله خطرا استراتيجيا، وخصوصا أنّه سجّل في تاريخه العسكري "أنه كان أول من دخل لبنان العام 1982 وآخر من خرج منه في العام 2000"، وهو أحد الضباط الإسرائيليين النادرين الذين خضعوا لدورة "صراع البقاء" لوحدة كوماندوس النخبة الأميركية "القبعات الخضر". آخر تصريح لغانتس كان قبل نحو ثلاثة أسابيع، دعا فيه الجيش الإسرائيلي إلى الاستعداد لحرب على جبهات عدة دفعة واحدة.

– أزمة النظام السوري تزيد من إمكانات تنفيس التوتر من خلال اشتباك ضد إسرائيل، وفي خطوة تهدف أساسا إلى تشتيت الانتباه عن الداخل السوري وتسرّع من إنهاء الاحتجاجات باستخدام المزيد من القوة.

السابق
الجمهورية: واشنطن تعتزم نقل “النووي “السوري إلى مجلس الأمن
التالي
اللواء: المشهد يتبدَّل خلال 72 ساعة: صدمة تخرق الإنتظار