الراي: تفجير اليونيفيل وتظاهرة الصدر وأحداث النكبة رسائل سورية

اعتبرت مصادر ديبلوماسية غربية في لندن التفجير الذي استهدف قوات اليونيفيل في جنوب لبنان امس وأدى إلى اصابة 8 جنود إيطاليين والاستعراض شبه العسكري الذي أقامه جيش المهدي في مدينة الصدر في بغداد اول من امس، وأحداث ذكرى النكبة على حدود الجولان ولبنان وداخل فلسطين «رسائل سورية مباشرة وبالواسطة الى من يهمه الامر بأن اهتزاز نظام دمشق سيؤدي الى فوضى كبيرة في المنطقة».

واضافت المصادر لـ «الراي» ان «استعراض جيش مقتدى الصدر تم لهدف واحد وهو افهام واشنطن ان مرحلة جديدة قد تبدأ تعلن خلالها حرب تحرير ضد الجنود الاميركيين ما يؤدي الى اعادة خلط الاوراق في العراق والمنطقة»، وان احداث النكبة «رسالة الى الاسرائيليين والعالم ان جبهة الجولان التي بقيت مغلقة لنحو 40 عاما ضمانة هدوئها ابقاء نظام الرئيس بشار الاسد قويا»، وان التعرض لليونيفيل «رسالة مزدوجة، الاولى هي الرد السريع على قرار اوروبا فرض عقوبات على الاسد شخصيا وتجميد بروتوكولات التعاون وملاحقة الاشخاص وتجميد الاموال، والثانية وضع القوات الدولية رهينة قوى الامر الواقع في جنوب لبنان التي استهدفت اليونيفيل بأسماء اخرى وهمية يمكن ان تكون القاعدة او الجهاد تماما كما كان يحصل مع الجهات الوهمية التي كانت تعلن مسؤوليتها عن الصواريخ اللقيطة التي تطلق بين الفينة والاخرى على اسرائيل».

ورأت المصادر ان الاسد «يلعب اليوم اوراقه بشكل مكشوف وبدعم مباشر من ايران، وهو مهد لهذه الاحداث عبر حلفائه الذين حذروا مرارا من ان اضعاف نظام دمشق سيوتر كل الجبهات من العراق الى غزة مرورا ببعض دول الخليج، وهو يريد مواكبة الضغوط الدولية المتزايدة، وبينها قرار مجلس الامن الذي سيصدر الاسبوع المقبل وفيه تأسيس لمرحلة جديدة من العقوبات والملاحقات، بتحريك كل الاوراق الاقليمية المتاحة في يديه وهي كثيرة جدا».
وتوقعت المصادر ان يتم التعامل دوليا مع اوراق الاسد الاقليمية بطريقة مختلفة وان كانت بطيئة «كون الملفات الاخرى في المنطقة تفرض نفسها اولويات على سياسات الدول الخارجية، لكن لعب النظام السوري اوراقه بشكل مكشوف قد لا يجدي كما كان يحصل في السابق بل قد يؤدي الى تضخيم ملف المحاسبة دوليا على المستويين السياسي والجنائي».

وفي بيروت، لم يكن ممكناً امس، قراءة استهداف آلية تابعة للوحدة الايطالية العاملة في قوة «اليونيفيل» عند مدخل صيدا الشمالي ـ نهر الاولي (جنوب لبنان) وجرح 8 من أفرادها اضافة الى مدنيين بعبوة ناسفة، الا على انه «رسالة بالبريد العاجل» الى المجتمع الدولي تتصل بتداعيات الأحداث في المنطقة ولا سيما سورية.

فـ «اليونيفيل» التي غالباً ما وصفها حلفاء لدمشق في لبنان بانها «رهينة» معلنين انها لن تكون بمنأى عن اي «استهداف» لسورية، كانت امس «هدفاً» لعبوة ناسفة انفجرت لدى مرور آلية تابعة للقوة الايطالية في قرب نهر الأولي عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا.

واذا كان هذا التفجير اعاد الى الأذهان استهداف الوحدة الاسبانية في 24 يونيو 2007 في منطقة سهل الخيام ما أدى في حينه الى مقتل ستة من أفرادها وجرح اثنيْن، كما الاستهداف المماثل للقوة التانزانية (بعد ثلاثة اسابيع) على الطريق الرئيسية التي تربط مدينتي صور وصيدا في منطقة القاسمية (لم تسفر عن إصابات)، واستهداف سيارة تابعة للوحدة الايرلندية في يناير 2008 على تخوم صيدا (اسفرت عن جريحين)، فان ما جرى امس عند المدخل الشمالي لصيدا حمل أبعاداً بالغة الخطورة ولا سيما انه طاول القوة الايطالية في وقت لم يجفّ حبر بيان قمة «مجموعة الثماني» وعلى وقع محاولات تأمين توافق على تمرير مشروع القرار ضد سورية في مجلس الامن الذي أعّدته اربع دول اوروبية.

وفي حين ربطت دوائر مراقبة بين هذه العملية وبين «الرسالة الاولى» التي كانت وُجهت من خلال خطف الاستونيين السبعة في منطقة زحلة قبل شهرين ونيّف، اعربت اوساط سياسية عن خشيتها من ان يكون لبنان بدأ ينزلق الى نفق التوتير الامني ويستعيد دوره كـ «صندوق بريد»… على «الحامي».

يذكر ان وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني، كان اعلن قبل نحو شهر أنه «يمكن للأزمة السورية أن يكون لها تأثير كبير على قرارات حزب الله وحماس»، لافتاً الى أن «الدور الذي لعبته وستلعبه سورية مع حزب الله، يُفقد مهمة اليونيفيل أحد أسباب وجودها المهمة»، وقال: «المفارقة هنا واضحة، فإذا شعر حزب الله بالضعف، نتيجة ضعف قوة التغطية والتسليح من سورية باعتبارها عرّابته، فمن الممكن أن يصبح أكثر عدوانية، وأن يخرج عن نطاق السيطرة، وإذا حدث ذلك، يجب تغيير طبيعة تكليف مهمة اليونيفيل»، موضحاً أن «اليونيفيل لعبت دوراً جيداً في تسوية الأزمة بعد عام ألفين وستة، ويمكنها أن تتحول إلى رادع ممتاز حتى في مواجهة أزمة جديدة في المنطقة، ولكن بالتأكيد ليس وفقاً لآلية القرار 1701».
وشدد فراتيني على أنه «يجب أن يكون واضحاً، أنه حتى لو لم تؤثر الأزمة السورية على لبنان، فإن التزامنا بمهمة اليونيفيل، كما قررت الحكومة بالفعل، سينخفض في شكل كبير، بالتنسيق مع حلفائنا».

السابق
حوري: هل يريد نحاس إشعال فتنة طائفية؟
التالي
قانصوه:ما يحصل في سورية مؤامرة