الديار: الفراغ الحكومي يولّد الفوضى: انفجرت في الاتصالات

للشهر الرابع على التوالي تتأرجح البلاد بين رئيس حكومة لتصريف الاعمال ورئيس مكلف لن ينجح حتى الساعة في إعلان تشكيلته. فحصل الفراغ الذي ولّد الاحتقان بين قوى 8 و14 آذار في أكثر من موقع، فإضافة الى ملف التعيينات داخل ادارات الدولة التي تعيش فراغا رهيبا حيث استقال معظم موظفي الدرجة الاولى لبلوغهم السن القانونية، فإن التباين الذي كان تحت الرماد داخل اروقة وزارة الاتصالات انفجر امس بشكل كاد ان يتطور الى منحى خطر خصوصا ان الحماية الامنية داخل الوزارة قد تعددت، ففيما حاولت شعبة المعلومات ان تقوم بحماية المعدات بناء على طلب مدير عام اوجيروا عبد المنعم يوسف، فإن الوزير نحاس استنجد بالفريق المولج حماية السفارات ثم طلب لاحقا تدخل الجيش اللبناني ووصف ما حصل بالانقلاب.
لكن في التفاصيل التي رافقت يوم الاتصالات الطويل ان شعبة المعلومات استندت الى قرار رئاسة مجلس الوزراء بقبول الهبة الصينية من شركة هوا – واي عبارة عن معدات تقنية للتنصت، لكن قوى الامن الداخلي شعرت ان الوزير نحاس قرر تحويل هذه الهبة الى وجهة غير وجهتها الاصلية. وتؤكد شعبة المعلومات ان هذه المواد ستنتقل الى شركة mtc لاستعمالها في الجيل الثالث الذي اقرته وزارة الاتصالات.

ولأن الموضوع يلزمه مجلس للوزراء، فإن حكومة تصريف الاعمال لا تجتمع فيما الحكومة الجديدة لا تزال بعيدة جدا عن التأليف.
وفي المقابل فإن الوزير شربل نحاس الذي فوجىء بالحجم الكبير للانتشار العسكري لقوى الامن الداخلي داخل مقر وزارته، لجأ الى اجراء الاتصالات مع وزير الداخلية كذلك مع الرئيسين سليمان والحريري طارحا الموضوع بشكله القانوني معتبرا ان صلاحياته كوزير هي فوق جميع هذه التدابير.

وفيما ساد لغط كبير حول موقف الوزير زياد بارود وهو الوزير المعني بهذا الاشكال الذي حصل، خصوصا ان القوى الامنية التي انتشرت تخضع لسلطة وصايته، فأصدر قرارا بانسحاب القوى الامنية واعقبه ببيان اشبه بالتنحي عن ممارسة مهام تصريف الاعمال وبالتالي اصبحت وزارة الداخلية بعهدة وزير الدفاع الياس المر.

من ناحية اخرى فإن وثائق ويكليكس اشعلت الخلافات بين العماد ميشال عون والبعض داخل الطائفة السنية، علما ان هذا الفريق السني يناصب العداء للعماد عون منذ زمن بعيد، لكن ما زاد في حدة هذه الخلافات الكلام الذي نقله الوزير السابق شارل رزق في احدى الوثائق للاميركيين، حيث اعتبر ان عون اخبره بأنه يكره اهل السنة. هذا الكلام اثار حفيظة المسلمين السنة وتحديدا فريق الاكثرية السابقة، علما ان الرئيس نجيب ميقاتي بدأ يعيد حساباته تجاه الطلبات الوزارية للعماد عون، بعدما نشرت هذه الوثيقة.

دخل مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني على خط السجال السياسي في البلاد، وهاجم بعنف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون مستنكرا تطاول بعض القوى على رئيس البلاد وعلى المسلمين وخصوصا اهل السنة، وفي مقدم هؤلاء الجنرال ميشال عون وما سرب عن لسانه في احدى المذكرات بنعوت وصفات لا تليق برجل السياسة ولا بأي شخص يتبوأ موقعا عاما، وهو ليس ببعيد عن هذه البذاءة التي نسمعها منه في خطاباته، وليعلم عون ان اساءته لاي طائفة ايا كانت، اساءة لكل الطوائف في لبنان وبذاءته تجاه رئيس الجمهورية قد جرّت الصغار ايضا الى التطاول على رئيس الجمهورية ميشال سليمان رمز وحدة لبنان وشعبه.

سليمان اتصل بقباني
واتصل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بالمفتي قباني مقدرا دوره الوطني وللحرص الذي يبديه على سلامة الدولة ولا سيما لجهة الحفاظ على الدستور والمؤسسات. ومن جهته شكر قباني للرئيس سليمان اتصاله، مؤكدا حرص دار الفتوى والمسلمين في لبنان على شخص الرئيس سليمان ودوره.
ورد المكتب الاعلامي لرئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون على ما وصفه بـ حملة من الافتراء والتحريض.
وقال: كنا نربأ بالمفتي قباني وبسائر المفتين الذين تطوعوا للرد او للشتم ان ينتظروا حكم القضاء، او على الاقل ألا يأخذوا كلاما مطعونا في صدقه ومحالا الى القضاء وغير صادر اساسا عن العماد عون، حقيقة واقعة فيبنون على مقتضاه وينجرون الى حملة تحريض وافتراء كما يحصل حاليا.

وتمنى المكتب الاعلامي على المفتي قباني ان يشرح لنا مفهومه الخاص لما اسماه بذاءة الكلام، لاننا لا نعتبر ابدا قول الحقيقة بذاءة ولا تسمية الامور بأسمائها بذاءة. فمرتكب الجريمة بمفهومنا هو مجرم، ومرتكب السرقة هو سارق، ومن نهب اموال الدولة ومؤسساتها هو لص، ومن اهدر المال العام واوقع البلد في الديون هو فاسد، فهل لدى سماحته اوصاف اخرى لهؤلاء تكون اقل بذاءة واكثر تهذيبا؟. وسجل المكتب استغرابه لعدم تعرض سماحته لهذه الشريحة من المجتمع بأي انتقاد او اي سؤال طوال توليه منصبه.

وختم: هذه الحملة المستعرة حاليا والقائمة على المعتقدات المسبقة وعلى التحريض والافتراء لا ترهبنا ويتحمل نتائجها المادية والمعنوية من اطلقها ومن يسعى جاهدا الى تسعيرها. اما نحن، فسنبقى على مواقفنا التي يعرفها اللبنانيون كافة والتي لا تحتاج الى شهادة من احد.

اما على صعيد الخلاف بين الوزير شربل نحاس وفرع المعلومات، فقد انفجرت الامور، ووسط التهم بين المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بشخص مديرها اللواء اشرف ريفي الذي اعتبر ان الحادثة جاءت على خلفية الخلاف مع وزير الاتصالات شربل نحاس منذ اكثر من شهر بسبب حرماننا من الـ DATA، كما يقول ريفي وفي ذروة ملاحقتنا للاستونيين المخطوفين السبعة وقتلة الشهيد راشد صبري، مؤكدا ان تصدي فرع المعلومات جاء بناء على كتاب رسمي من المدير العام لهيئة اوجيرو عبد المنعم يوسف تأمين حراسة وحماية امنية للمركز الرئيس للشبكة الخليوية الثالثة الكائن في محلة العدلية -الطابق الثاني والمقدمة كهبة من الحكومة الصينية عملا بقرار مجلس الوزراء رقم 136/2007 تاريخ 21/5/2007 القاضي بتكليف هيئة اوجيرو استلام المعدات موضوع الهبة وتركيبها وتشغيلها وادارتها للحفاظ على سلامة المنشآت ومنع الاضرار بها والحفاظ على تكاملية الشبكة المرتبطة بها. بناء عليه، وكون هيئة اوجيرو هيئة مستقلة قامت هذه المديرية العامة بتركيز نقطة حراسة في الطابق الثاني من المبنى المذكور وفقا للاصول المتبعة في حالات مماثلة.

وأضافت أنه بتاريخ اليوم حضر وزير الاتصالات الى المبنى طالبا السماح لموظفين من وزارة الاتصالات بالدخول الى الطابق الثاني والعمل على تفكيك ونقل تجهيزات ولوازم عائدة للشبكة الخليوية الثالثة اثناء وبعد الدوام الرسمي، فتم اعلامه بأن هيئة اوجيرو وجهت كتابا الى هذه المديرية العامة تطلب بموجبه حماية المركز وعدم السماح بالتصرف بأي معدات عائدة للشبكة الا بموافقتها كونها مكلفة بذلك من قبل مجلس الوزراء. ولدى طلب الوزير الدخول الى الطابق المذكور تم اعلامه عدم وجود اي مانع من الدخول مع المديرين العامين، ولكن دون مرافقة امنية كون نقطة الحراسة مكلفة الحفاظ على امنه الشخصي داخل هذا الطابق، فما كان منه الا ان رفض الدخول وغادر المحلة واقتصر الامر على ذلك.
وذكرت المديرية العامة وعلى قاعدة بأن الشيء بالشيء يذكر، ان وزارة الاتصالات امتنعت عن تزويدها بقاعدة بيانات الاتصالات الهاتفية منذ تاريخ 26/4/2011بالرغم من الحاجة الماسة اليها بعد حادثة خطف الاستونيين السبعة في البقاع وما تفرضه من متابعة يومية لحركة المشبوهين في تنفيذ عملية الخطف لا سيما ان الخاطفين قاموا في هذه الفترة بعمليات سلب وتنفيذ عملية اغتيال طالت احد رتباء شعبة المعلومات في بلدة مجدل عنجر على خلفية توقيف عدد من المتورطين في العملية من قبل شعبة المعلومات، وبالرغم من المراجعات المتكررة لوزارة الاتصالات بضرورة الحصول على قاعدة البيانات لما لها من اهمية قصوى في عملية متابعة وملاحقة الفاعلين، ووفقا للآلية القانونية المعتمدة، لم تقم وزارة الاتصالات بالتجاوب وامتنعت عن تزويد هذه المديرية العامة بقاعدة بيانات الاتصالات الهاتفية حتى تاريخه.

فيما وصف الوزير شربل نحاس ما جرى بانقلاب قامت به شعبة المعلومات التي اعتبر انها لا تمثل القوانين والاوامر الصادرة عن وزارة الداخلية متحدثا عن تمرد عسكري على سلطة الدولة من قبلها، وقال نحاس انه ارسل كتابا الى وزير الداخلية طالبا منه ان تخلي القوة الموجودة في وزارة الاتصالات وابلغت هذا الامر ايضا الى الرئيسين سليمان والحريري وتم تحويل الكتاب الى اللواء ريفي الذي اقر ان هذا المبنى هو للاتصالات ولكنه يصر على ابقاء عناصر من فرع المعلومات فيه، وقبل قليل سمعنا تصريحات للواء ريفي الذي لم يأخذ الاذن من وزير الداخلية بالتصريح ويتحدث عن مقاتلة شاكر العبسي ويشكك في وطنية الوزير وفي القانون، فإن هذا الامر يشكل انقلابا تقوم به شعبة المعلومات في مبنى رسمي.
وقال نحاس انه طلب من قيادة الجيش مواجهة هذه الحالة الانقلابية وشرح نحاس ما حصل معه وقال: اليوم (امس) توجهت الى المبنى لاعادة الامور الى شكلها الطبيعي برفقة كبار الموظفين وتمت مواجهتنا في حضور 400 عنصر مسلح مدني وعسكري وبصعوبة شديدة وتحت التهديد تمكنت من دخول المبنى. وجو التوتر كان كبيرا، وامام هذا الوضع خاطبت الضابط الذي اعلن تلقيه اوامر من اللواء ريفي انه يمكن ان يسمح للوزير بالدخول ولكن لا يسمح للموظفين بالقيام بواجباتهم واعمالهم، ان هذا الوضع هو وضع شاذ.

واشار الى انه تلافيا لحصول توتر يؤدي الى وقوع جرحى بين قوى الامن الداخلي من فرع المعلومات وجهاز امن السفارات وجدت انه من المناسب الانسحاب.
وقد تحول المبنى التابع لوزارة الاتصالات في منطقة العدلية الى ثكنة عسكرية في ظل انتشار كثيف لعناصر تابعة لقوى الامن الداخلي باللباس العسكري والمدني.
وذكر ان وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال زياد بارود اعطى اوامره بانسحاب عناصر قوى الامن الداخلي، وانه في حال عدم انسحاب عناصر فرع المعلومات من المبنى سيكون له موقف صارم.
وبعد ذلك اعلن الوزير بارود اعتكافه عن مهام تصريف الاعمال، وقال في مؤتمر صحافي مقتضب: شاهدت اليوم (امس) مع اللبنانيين واحدا من ابشع مظاهر تقهقر الدولة، بما يذّكر بغياب مجلس الوزراء، وهي مشاهدات تؤكد على ضرب هيبة الدولة على مدى ما يقارب ثلاث سنوات حاولت ان اكون فيها خادما في خدمة الجمهورية وبتوجيهات من رئيسها، مضيفا: اليوم يبدو لي ان المنطق في اجازة بعدما اصبح الدستور وجهة نظر. وتابع بارود: دأبت باستمرار الى منع الانفجار، ولقد تيقنت في الايام الماضية ان المشكلة اكبر بكثير من ظاهرها، ولاني لا ارغب في ان اكون شاهد زور او وزير تصريف للاعمال يقتصر عمله في تصريف اعمال الوزارة على توقيع بريدها، ولانني ارفض انتهاك الدستور بمعزل عن اي موقف سياسي منحاز، فالفريق السياسي الذي ينتمي اليه (وزير الاتصالات المستقيل شربل) نحاس لم يوفرني، كما ان الفريق المواجه له لا مشكلة لديه معي، وبناء على ذلك، اعلن عن تمسكي بالدستور والقانون مرجعا، وحتى لا يصبح وجودي مقتصراً على توقيع البريد، وحيث ان وزير الداخلية بالوكالة يستطيع ان يقوم بهذه المهام، حررت نفسي من هذا الامر، واقول للبنانيين ان اخذهم رهائن لم يعد جائزا بعد الآن.

وذكرت معلومات صحافية ليلا ان رئيس الجمهورية اعطى اوامره لمدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي بتنفيذ قرار الوزير بارود اخلاء المبنى وليس كما صدر عن قوى في الاكثرية الجديدة بأن الرئيس لم يحم الوزير بارود.
فيما اشارت معلومات صحافية ان سبب الخلاف محاولة الوزير نحاس تفكيك اجهزة تتضمن قاعدة معلومات Data base حصل عليها الفرع من هيئة صينية تبلغ سعتها 50 الف خط هاتفي.
وحتى ليل امس، لم يتم التوصل الى حل للمشكلة مع بقاء عناصر فرع المعلومات داخل المبنى واحضرت فرشا، فيما فرع استقصاء جهاز السفارات المولج بحماية المباني الحكومية ما زال يمارس عمله خارج المبنى ومنع من الدخول الى داخل المبنى.

السابق
الجمهورية: إشتباك في برج الاتصالات يُخرج بارود من الداخليّة
التالي
الأنوار: سليمان والحريري مع التحقيق القضائي بخلاف نحاس وقوى الامن