الراي: سطران من واشنطن وبروكسيل أطلقا العنان لسيناريوات كـالأساطير

سطران طارا، واحد من واشنطن الى بيروت وآخر من بروكسيل الى دمشق، اطلقا العنان لسيناريوات اشبه بـ «الاساطير».
فلم يكن يحتاج «سطر» الرئيس الاميركي باراك اوباما لـ «الحمام الزاجل» لايصال الرسالة الـ «ما فوق» العادية لـ «حزب الله»، حين توعده لـ «ضلوعه في الاغتيالات السياسية وفرض ارادته بالسيارات المفخخة». ولم يكن الاتحاد الاوروبي يحتاج لـ «البريد السريع» لابلاغ الرئيس السوري بشار الاسد بـ «سطر» يشمله بعقوبات تحرمه حتى من تأشيرة السفر.
فلبنان المترنح فوق «حبل مشدود» ادرك وبـ «السطرين» ان الحبل بات يضيق على النظام في سورية وحول خيارات حلفائه، الامر الذي جعله «يتأبط شراً» وسط شعور عام بإنحسار متسارع لهامش «المناورة» امام اطراف الصراع في بيروت في لحظة «صراع وجود» يعيشها نظام الاسد، الذي غالباً ما يشكل نقطة ارتكاز لمحور اقليمي يمتد من طهران الى بيروت فغزة ومعه الكثير من الاذرع في العراق وافغانستان و«الخلايا النائمة» في غير مكان.
ولم يكن ادل على التراجع «المريع» في المكانة الداخلية والخارجية للنظام في سورية، من كلام صحف بيروتية، غالباً ما اعتبرت حليفة لسورية ـ الاسد، ومقاربتها لما يجري في دمشق، خصوصاً عندما تسأل «اين بشار الاسد؟» وتعنون عن «الضياع في سورية» او ترى حاجة لذهاب دورية لاعتقال رامي مخلوف، وما شابه من «خلاصات» تعكس ادراكاً «يعاكس» الدعاية الاعلامية عن ان النظام الذي افرط في استخدام القوة المفرطة «نجا بلا اعجوبة».
غير ان هذه المقاربات الاعلامية ـ السياسية لقريبين من دمشق لا تعدو كونها «صوت في البرية»، فـ «القرار» في مكان آخر، وسبق ان قالت الدوائر القريبة منه في دمشق وطهران لـ «الراي» ان في اللحظة التي يقترب الاسد من الانكسار سيترحم الاخرين على نيرون، في تلويح وبالمباشر بـ «احراق المنطقة»، من افغانستان الى جنوب لبنان.
وهو ما رددته اخيراً بعض الاصوات المحسوبة على المحور السوري ـ الايراني في حين اعلنت ان طهران لن تقف مكتوفة امام مؤامرة اسقاط الاسد.
ومع الاعتقاد السائد بان الاسد «كسر الجرة» مع شعبه، تنتشر «السيناريوات الافتراضية» عن اي لبنان سيكون في ظل هذه «الورطة»، وسط معاينة استباقية لموقف «حزب الله»، الذي لم يقل كلاماً واضحاً او حاسماً ازاء المشهد الجديد في سورية المندفعة وبلا كوابح نحو اوضاع لم تتضح نهاياتها بعد.
وعشية اطلالة الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، فان مقاربات عدة تستشرف ما قد يكون عليه موقف الحزب في نهاية المطاف، تراوح بين الاعتقاد ان «براغماتية» قد تدفعه الى تطبيع علاقاته الداخلية ومع الوقائع الاقليمية الجديدة على النحو الذي من شأنه تحصين لبنان، وبين القول ان المكانة الاقليمية للحزب وطموحاته الداخلية قد تقوده الى احكام قبضته على الداخل اللبناني لـ «تعويض» مكانة سورية.
في هذه الأثناء، تتقاطع مجموعات محطات هذا الاسبوع يلتقي أبرزها بعد غد على الشكل الآتي:
* ذكرى مرور ثلاث سنوات على تولي ميشال سليمان رئاسة الجمهورية في إطار التسوية التي أفضى اليها «اتفاق الدوحة».
* الذكرى 11 لتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي والتي ستشكّل مناسبة لإطلالة منتظرة لنصرالله على جمهور سيحتشد في بلدة النبي شيت في البقاع، حيث سيلقي كلمة بالغة الاهمية يتطرّق فيها للمرة الاولى الى الوضع في سورية، ويرسم ملامح المرحلة المقبلة في ما خص ملف تشكيل الحكومة. على ان الابرز في الخطاب سيكون الردّ المتوقّع من «رأس» حزب الله على باراك اوباما في خطابيه الاخيرين ولا سيما اتهامه الحزب بالاغتيالات السياسية والارهاب.
* طيّ الأزمة الحكومية شهرها الرابع منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي هذه المهمة في 25 يناير الماضي، ومن دون ان تبرز اي ملامح لحلول ممكنة للتعقيدات سواء المتصلة بصراع الأحجام او بإحجام القوى الاقليمية المعنية بالوضع اللبناني عن «المغامرة» في الإفراج عن حكومة «مواجهة» في هذه اللحظة «العاصِفة».
واذا كان خطاب اوباما «العالي النبرة» بإزاء «حزب الله» قوبل بتأكيد قوى 8 آذار انه بمثابة «إعلان اميركي مسبق عن القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري» وتأكيدٍ «على اميركية واسرائيلية المحكمة الخاصة بلبنان»، فان علامات استفهام ارتسمت حول ارتدادات كلام الرئيس الاميركي على تشكيل الحكومة التي يشكل «حزب الله» حجر الزاوية فيها ولا سيما في ضوء الردّ «من العيار الأثقل» الذي سيتولاه السيد نصر الله بعد غد.
وفي حين يفترض ان يكون وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي اطلع من اللواء محمد ناصيف الذي التقاه في دمشق على «نبض» الموقف السوري سواء بإزاء الوضع الداخلي او ملف تشكيل الحكومة في لبنان وأطلعه على لقاءات النائب وليد جنبلاط في باريس ومع الديبلوماسي الاميركي جيفري فيلتمان في بيروت، لفت ما اعلنه جنبلاط امس، اذ ناشد «الرئيس بشار الأسد أن يبادر بسرعة الى إتخاذ الخطوات الكفيلة بتحقيق تغيير جذري في مقاربة الوضع الراهن والتحديات التي تعيشها سورية وإستيعاب المطالب المشروعة وتلبيتها للحيلولة دون إنزلاق سورية نحو التشرذم والنزف المستمر كما يتمنى كثيرون».
في غضون ذلك، بدأ الوضع في سورية ينذر بتفاعلات في بيروت وسط تحذيرات صدرت من امكان «انفلات» الوضع في الشمال اللبناني على وقع تصاعُد وتيرة اتهام دمشق لأطراف لبنانية (ولا سيما تيار «المستقبل» الذي يقوده الرئيس سعد الحريري) بالتدخل في الاحداث الجارية بسورية تسليحاً وتمويلاً، في موازاة ارتفاع وتيرة الاتهامات بين «المستقبل» والحزب العربي الديموقراطي (العلوي) وانقسام فعاليات عكار ازاء ما يجري بمحاذاة البلدات والقرى السورية في منطقة وادي خالد.
وفي حين عُلم ان الرئيس سعد الحريري انتقل اخيراً من الرياض الى باريس، مواصلاً ابتعاده «الجسدي والسياسي» عن الأحداث في سورية، برزت امس لقاءات رئيس الحكومة الفرنسية السابق ممثل الرئيس الفرنسي في الفرنكوفونية جان بيار رافاران في بيروت التي حمل اليها رسالة من الرئيس نيكولا ساركوزي تؤكد دعم باريس «للجهود الآيلة الى تحقيق الاستقرار في لبنان ومواجهة الصعوبات في المنطقة».
الى ذلك، أعرب نائب مدير الشؤون السياسية – العسكرية للشرق الأوسط في مديرية السياسات والخطط لهيئة الأركان المشتركة في البنتاغون، الجنرال جون تشارلتون عن أسف الولايات المتحدة «للخسائر في الأرواح، والتعاطف مع الذين قُتلوا وجُرحوا في 15 مايو على حدود لبنان الجنوبية» في اطار «مسيرات العودة» في ذكرى «النكبة»، طالباً من قيادة الجيش «توضيحا لما حدث» في مارون الراس، ومشدداً على «اهمية المحافظة على أمن قوي للحدود على كل الحدود».
واعلنت السفارة الاميركية ان تشارلتون زار لبنان يومي 19 و20 مايو، ودعا الجيش الى ان يعزّز الاخير جهوده «ليؤدي مهمته في جنوب نهر الليطاني كما يتطلب قرار مجلس الأمن 1701، وبالتالي منع الحوادث التي تزيد من حدة التوتر على طول الخط الأزرق». كما أشار الى أن الولايات المتحدة «تنظر بقلق بالغ الى استمرار العنف ضد المدنيين في سورية».
وردا على تقارير صحافية تفيد بأن بعض المدنيين هربوا الى لبنان وأن الاجهزة الامنية أعادت بعضهم الى سورية ضد إرادتهم، لفت شارلتون المسؤولين في الجيش اللبناني الى أن «على الحكومة اللبنانية أن تنسق في شكل وثيق مع المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين في ما يتعلق بوضعهم كلاجئين محتملين والامتثال لجميع الالتزامات الدولية».

السابق
محادثات العريضي في دمشق
التالي
موسى: بري سيبادر إلى عقد جلسة نيابية لأن هذا من صلاحياته