بيان “فَضفاض” يُطيح بإيجابية قبلان في قمة بكركي

على عكس ما حاول تصويره البعض في الأكثرية الجديدة، أن خلافا نشأ على بعض بنود البيان الختامي للقمة الروحية التي انعقدت في بكركي، خفّف مصدر مواكب لمجريات القمة من أهمية التحفّظ الذي صدر عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، بعد ساعات على انتهاء القمة الروحية الإسلامية-المسيحية. مؤكدا أن الشيخ عبد الأمير قبلان كان الأكثر إيجابية خلال هذه القمة، وكانت له مداخلة وطنية وروحية تطرّقت إلى القيم المشتركة والجامعة بين اللبنانيين، ولاقت استحسان جميع المشاركين، وهو لم يُبدِ في خلال المشاورات السريّة أية تحفظات بشأن الفقرتين السادسة والسابعة اللتين وردتا في البيان الختامي. مشددا على أن ما حصل لا يمكن وصفه ب "الخلاف"، إنما يمكن وضعه في إطار "الملاحظة". معتبرا أنه كان بالإمكان التباحث لإصدار توضيح من دون اللجوء إلى البيانات الإعلامية "الفضفاضة" التي يمكن أن تحمّل أكثر مما تحتمل، من خلال استعمال كلام كبير لا يعكس حقيقة جَوّ القمة، التي انعقدت في مرحلة بالغة الحساسية داخليا، حيث التجاذبات السياسية أصابت كل مفاصل المجتمع اللبناني وانعدمت فرص الحوار بين المتخاصمين، وإقليميا مع تصاعد الثورات والتوترات في غير عاصمة عربية.

وأكدت المعلومات لـ "الجمهورية" أن ضغوطا حزبية مورست على الشيخ قبلان من أجل إصدار البيان التوضيحي، والذي على أساسه، اعتبر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أن المجلس غير معني بتاتا في الفقرتين السادسة والسابعة الواردتين في بيان القمة، خصوصا أن المدير العام للمجلس الإسلامي والمستشار الإعلامي فيه كانا قد شاركا في الصياغة الأخيرة للبيان الختامي، وكان بإمكانهما إثارة هذه الملاحظة في حينه. وتابعت المعلومات أنه جرى التطرّق خلال القمة لموضوع الاستراتيجية الدفاعية وكيفية حماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، فكان أن بادر أحد المشاركين إلى تعريف الدولة قائلا إن الدولة هي عبارة عن أرض وشعب وحكم، وحماية الأرض تكون من خلال الشعب من دون ذكر عبارة المقاومة، الأمر الذي اعترض عليه رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ اسد عاصي، فاعتبر في كلمته أن الاستراتيجية الدفاعية ترتكز على ثالوث "المقاومة والجيش والشعب"، ما استدعى ردّا من قبل أحد المشاركين، فأكد أن هذا الموضوع هو موضع انقسام بين الأطراف اللبنانية. في هذه الأثناء، تدخّل البطريرك الراعي مؤكّدا انه بما أن هذا الموضوع يشكّل خلافا لبنانيا فلا داعي للتطرّق إليه في البيان الختامي، وتمّ التوافق بين المجتمعين على استخدام العبارة التي وردت في البندين السادس والسابع، من دون أن يُبدي الشيخ قبلان أية تحفظات، بل أكد أنه مع الإجماع الحاصل بين جميع المشاركين في القمة.

وإذ رفض المصدر المواكب نفسه اعتبار بيان المجلس الشيعي الأعلى نسفا للقمة أو نكسة أصابت بسهامها القمة الروحية ونتائجها الإيجابية، أكد أن القمة نجحت ويمكن اعتبارها بمثابة "الحدث" وضرورية، حيث أدّت إلى فتح آفاق جديدة وأعادت إحياء الثوابت التي تقوم عليها الفسيفساء اللبنانية، والتي لا بد وأن تمهّد لسلسلة من القمم المقبلة، خصوصا أن الحواجز بين القيادات الروحية هي أقل بكثير من الحواجز التي تفرض نفسها بين القيادات السياسية المتناحرة، وأي تقارب بين المرجعيات الروحية يساهم في تجنيب البلد خضّات سياسية وأمنية. معتبرا أن التحفظات على البندين السادس والسابع التي تحدث عنها المجلس الإسلامي الشيعي في بيانه، بعد ساعات من انتهاء القمة، هي مصدر غنى ومظهر ديمقراطي وحضاري، على خلفية أن كل طرف من الأطراف المشاركة يحقّ له إبداء تحفظاته وإعطاء رأيه في أي موضوع خلافي بين اللبنانيين، الأمر الذي يساعد على معالجة القضايا الخلافية. مؤكدا أن لا انعكاسات سلبية على الحوار الإسلامي ـ المسيحي، وأن التحضيرات لعقد قمة روحية جديدة في دار الفتوى هذه المرة جارية على قدم وساق، وهي قد تعقد في الأسبوعين الأولين من الشهر المقبل. كاشفا أنه لم يجر أي اتصال أو عتاب بين البطريركية المارونية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إثر صدور البيان، وأن الأمور متروكة لمعالجتها بأقصى درجات الهدوء والحرص على تجاوز أي آثار سلبية أو جانبية قد يعمد البعض للاستفادة منها، للإيحاء بأن ما ينسحب من خلاف على السياسيين ينسحب أيضا على القيادات الروحية.

السابق
عــن عــزمي بشــارة
التالي
ضم الأردن والمغرب عاطفي أم سياسي؟!