الديار: زحف جماهيري إلى فلسطين

الصوت واحد من مارون الراس الى مجدل شمس الى قلنديا وبيت حانون ومصر والاردن: لبيك يا فلسطين، حيث سجل امس زحف جماهيري الى فلسطين ليؤكد ان القضية الحية باقية في وجدان الملايين، تتوارثها الأجيال بمزيد من الاصرار والتصميم على التحرير والعودة.

امس، هزّ الفلسطينيون العزل الامن الاستراتيجي الاسرائيلي واصابوا الكيان الذي اغتصب ارضهم وشرد آباءهم واجدادهم قبل اكثر من 63 عاما بحالة رعب هستيرية، وتفجّر الرصاص في كل مكان وسقط الشهداء والجرحى.
أريد للمناسبة ان تمر والعرب غارقون في الف هم، فتنة طائفية في مصر تغتال ثورتها الطرية، وفوضى في تونس، وغزو عسكري في ليبيا، واضطرابات في اليمن ومؤامرة على سوريا، وبالدم وبالهتاف اعاد الفلسطينيون البوصلة الى الاتجاه الاصلي.
واللافت امس، ما حصل في الجولان المحتل حيث حطم الشباب الفلسطيني والسوري الاسلاك الشائكة والتحموا مع اهالي مجدل شمس في ملحمة ولا اروع، اصابت الكيان الاسرائيلي بالهلع، كأنها في بروفة تحرير، يقوم بها فتيان وشبان وكهول عزّل حيث واجهوا آلة حربية وحشية، وما حصل في الجولان شكّل خرقا نوعيا استثنائيا يحصل للمرة الاولى بعد حرب تشرين عام 1973 وهو استكمال لتحرير الجنوب عام 2000 وانتصار المقاومة في حرب تموز، وفي الحدثين بصمة سورية بارزة يعرفها الاسرائيليون جيدا. لذلك وجهوا تهديدهم بالامس الى الرئيس بشار الاسد وجاء بيان الخارجية السورية ليرد على التهديدات الاسرائيلية بما تستحق ويدين الاعمال الوحشية لجيش العدو.

حمَّلت إسرائيل كلاً من إيران وسورية مسؤولية ما جرى في جنوب لبنان والجولان من مظاهرات في ذكرى يوم النكبة، والتي شهدت غزة والضفة الغربية مثيلات لها، وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى على أيدي الإسرائيليين.
ولفت رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في خطاب بذكرى تأسيس اسرائيل، إذا كانت مثل هذه الأمور تجري في يوم إنشاء دولة اسرائيل فإن صراعهم ليس على حدود 1967 ولكن على مجرد وجود دولة اسرائيل التي يعتبرونها كارثة، مضيفا: من المهم أن ننظر بعيون مفتوحة الى الواقع ونعرف من نواجه وماذا.

وامل نتانياهو أن يدوم الهدوء، ولكنه شدد على أننا لن نقبل أن يعتدي أحد على سيادتنا وأمننا.
وقال نتنياهو في تصريح تلفزيوني مقتضب نأمل عودة الهدوء سريعا ولكن لا يساورن أحدا شك في أننا عازمون على الدفاع عن حدودنا وسيادتنا.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اللفتينانت كولونيل يواف مردخاي : نحن نرى هنا تحرشا إيرانيا على كل من الجبهتين السورية واللبنانية، وذلك في محاولة لاستغلال احتفالات ذكرى النكبة.
كما قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن ما جرى هو محاولة من قبل النظام السوري لتحويل الأنظار عمَّا يجري في سورية.
وقال مسؤول إسرائيلي آخر يبدو أن هذه محاولة فاضحة من القيادة السورية لخلق أزمة متعمَّدة على الحدود من أجل تحويل الانتباه عن المشاكل الحقيقية التي يواجهها النظام في بلاده.
من جانبها، سارعت الحكومة السورية بالتعليق على تصدي الجيش الإسرائيلي للمتظاهرين السلميين بالنار، وأصدرت الخارجية السورية بيانا رسميا أدانت فيه بشدة ما وصفته بـ الممارسات الإسرائيلية الإجرامية التي قامت بها ضد أبناء شعبنا في الجولان وفلسطين وجنوب لبنان، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى.

ونقل البيان عن مصدر مسؤول في الوزارة قوله: نطالب المجتمع الدولي بتحميل إسرائيل كامل المسؤولية عمَّا قامت به من ممارسات.
وأضاف: إن الحراك الفلسطيني ناجم عن استمرار تنكر إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية، ومواصلة اغتصابها للأرض وللحقوق، وتهربها من استحقاق السلام العادل والشامل.
قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان الدماء التي أريقت على الحدود السورية واللبنانية الاسرائيلية وفي قطاع غزة والضفة الغربية هي دماء من اجل حرية الشعب الفلسطيني.
وقال عباس في كلمة بثها التلفزيون الرسمي الفلسطيني بمناسبة احياء الفلسطينيين للذكرى السنوية 63 للنكبة أترحمُ على شهدائنا الذين سقطوا على يد قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي وهم يتظاهرون احياءً لذكرى النكبة داخل الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى الحدود السورية واللبنانية.

من جانبه كان رئيس الحكومة المقالة والقيادي البارز في حماس اسماعيل هنية قال في كلمة بعد ان ام صلاة الفجر في المسجد العمري الكبير وسط مدينة غزة ان الوعي الفلسطيني والتمسك بالثوابت وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين اسقطت اتفاقية جنيف.
بدورها اعتبرت حركة حماس في بيان صحفي ان الاحداث داخل فلسطين وعلى حدودها والتي ارتقى خلالها عدد من الشهداء والجرحى هي نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ودليل على أن الشعب الفلسطيني يريد إنهاء الاحتلال وتحقيق العودة وأنه لا تراجع عن هذا القرار مهما كلف ذلك من ثمن.
ميدانيا، اطلق الجيش الاسرائيلي النار على فلسطينيين قادمين من سوريا اخترقوا الحدود بينها وبين هضبة الجولان المحتلة في ذكرى النكبة.
واستشهد عشرة فلسطينيين سلمتهم قوات الاحتلال مساء امس الى الجانب السوري مع 120 شابا خرقوا السياج الفاصل كما جرح 60 اخرون بين المتظاهرين الذين رشقوا الجيش بالحجارة.
ونقلت جثتا شهيدين الى مستشفى القنيطرة ،وقال الدكتور علي كنعان مدير مستشفى الشهيد ممدوح أباظة في القنيطرة إن الشهيدين اللذين وصلا إلى المستشفى هما احمد المدني وبشار علي الشهابي من مخيم اليرموك بدمشق وقد استشهدا جراء اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهما بالرصاص الحي خلال مشاركتهما في إحياء ذكرى النكبة في منطقة عين التينة بمحافظة القنيطرة..

وأوضح كنعان في تصريح لسانا أن المدني وعمره 18 عاما استشهد جراء إصابته برصاصة في القلب بينما استشهد الشهابي نتيجة إصابته برصاصة في الوجه وهو في العقد الرابع من العمر..
وأضاف كنعان إن الشهيدين وصلا إلى المشفى وقد فارقا الحياة نتيجة إصابتهما بالرصاص الحي وجرح 60 آخرون برصاص الاحتلال جروحهم بين الشديدة والمتوسطة خمسة منهم بحالة خطرة وثمانية آخرون في غرف العمليات.
وأضاف مدير المشفى أن 84 آخرين أصيبوا بالاختناق جراء إطلاق الاحتلال الغازات المسيلة للدموع

ويعتبر هذا الحادث الاخطر منذ عشرات السنين على هذه الحدود التي سادها الهدوء عموما منذ اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل وسوريا سنة 1974.
وافاد بعض سكان مجدل شمس كبرى بلدات الجولان التي يقطنها الدروز ان عددا من المتظاهرين الفلسطينيين استطاعوا اقتحام السياج الحدودي وعبور حقول الالغام والتسلل الى البلدة.
واعلن الجيش الذي يطارد المتسللين، المنطقة عسكرية ومغلقة في وجه وسائل الاعلام والزوار.

وفي بلدة مارون الراس جنوب لبنان، استشهد 10 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي واصيب 112اخرون بجروح.
ووقعت عمليات القتل بالقرب من الشريط الشائك الحدودي عندما تجمهر مئات من اللاجئين الفلسطينيين وألقوا الحجارة باتجاه المواقع الإسرائيلية.
وقد شارك في مهرجان يوم النكبة في مارون الراس حوالى 100 ألف فلسطيني ولبناني وسوري، حسب مصادر فلسطينية حضرت الحدث.
وقد هتف المشاركون بشعارات تؤكد على حق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا منها عام 1948، في ما يُعرف بـ يوم النكبة، وجرى إحياؤه هذا العام تحت اسم مسيرة العودة.
وقد انطلق مئات الفلسطينيين المشاركين في المهرجان من مخيمات اللاجئين في لبنان، وخاصة من صيدا وصور وبيروت والبقاع والشمال، حيث نقلتهم حافلات انطلقت صباحا من مختلف المناطق.
و أرسل على الفور مزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، من بينها دبابات وناقلات جند وعربات مصفَّحة، حيث اتخذت لها مواقع قتالية في المنطقة تحسبا لأي تصعيد محتمل واعلنت المنطقة منطقة عسكرية مغلقة..
من جانبه، أرسل الجيش اللبناني أيضا تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، فيما تردد أن حزب الله وضع عناصره في حالة تأهب قصوى لمواجهة أي طارىء.
من جانبها، حثَّت قيادة قوات حفظ السلام التابعة الأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) كافة الأطراف على توخي ضبط النفس لتجنب المزيد من الخسائر.
وقال ناطق بإسم اليونيفيل إن القوة على اتصال بالجيشين الإسرائيلي واللبناني لضمان ضبط الوضع في المنطقة.

وفي قطاع غزة، استشهد شاب فلسطيني وأصيب أكثر من 160 شخصا آخر بجروح في مواجهات وقعت بين فلسطينيين وبين الجيش الإسرائيلي بجانب معبر إيريز قرب بلدة بيت حانون شمال شرقي مدينة غزة.
أمَّا في الضفة الغربية، فقد استشهد شخص وأُصيب آخرون خلال اشتباكات جرت عند معبر قلندية شمال القدس بين فلسطينيين وبين الجيش الإسرائيلي.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد نشرت الآلاف من أفراد الشرطة في القدس وفي المناطق العربية في الشمال قبيل بدء الفعاليات المخصصة لإحياء ذكرى يوم النكبة
وقال ميكي روزنفيلد، وهو مسؤول في الشرطة الإسرائيلية: لقد نشرنا آلاف ضباط الشرطة في المناطق الحساسة، وخصوصا في القدس ومنطقة وادي عارة.
وأضاف قائلا: قواتنا وضعت في حالة تأهب قصوى بهدف تأمين الفعاليات المقررة اليوم، لكننا لن نتسامح مع أي تعكير للأمن العام
وقال الجيش الإسرائيلي إنه أمر بإغلاق الأراضي المحتلة لمدة 24 ساعة ،وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي أنه لن يسمح سوى للحالات الإنسانية العاجلة بدخول إسرائيل من الأراضي المحتلة.
وكانت القدس الشرقية قد شهت مصادمات على مر الأيام الثلاثة الماضية بين شباب فلسطينيين يلقون الحجارة وقوات الجيش الإسرائيلي.
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد أعلنت أن شاحنة اصطدمت بعدة سيارات ودهست عددا من المارة في تل أبيب يوم الأحد، مما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل، وجرح سبعة آخرين على الأقل.
وقال شهود إن ثورة غضب اعترت سائق الشاحنة، فصدم بسيارته عددا من السيارات ودهس مارة على مسافة كيلوميترين من الطريق،وقالت الإذاعة الأإسرائيلية إن الحادث يبدو متعمدا، إذ تزامن مع إحياء الفلسطينيين ليوم النكبة، وقال روزنفيلد إن سائق الشاحنة عربي من سكان قرية كفر قاسم وسط إسرائيل، مضيفا أنه اعتقل.

وشهد الأردن أيضا مظاهرات احتجاجية في ذكرى يوم النكبة الذي أرغم فيه اليهود آلاف الفلسطينيين على النزوح من ديارهم قبل 63 عاما،كما شهدت الاسكندرية في مصر تظاهرة حاشدة باتجاه القنصلية الاسرائيلية .
وأدانت جامعة الدول العربية بشدة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المتظاهرين العرب في الجولان وفلسطين وجنوب لبنان الذين كانوا يحيون ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948.
واستنكر السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة عدوان قوات الاحتلال وفتح أسلحتها الرشاشة تجاه المدنيين العزل بالقرب من منطقة مارون الرأس على الحدود اللبنانية وفي الجولان السوري المحتل وبالقرب من معبر بيت حانون شمال قطاع غزة وكذلك الاعتداءات على المسيرات السلمية في الضفة الغربية.

السابق
فرصة باراك في السلطة
التالي
الأنوار: 13 شهيداً في مجازر اسرائيلية في جنوب لبنان والجولان وغزة