المستقبل: الأكثرية تُكثر من الكلام عن تقدم.. غير حاسم

بدت الأكثرية الجديدة أمس حذرة في تعميم ما روجته من تفاؤل بقرب ولادة الحكومة، على الرغم من تأكيدها أن هناك تقدماً في مسار التأليف مفتاحه حل عقدة وزارة الداخلية، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لطالما كان السباق إلى "حسم" الموعد، أصر هذه المرة على أنه لن يستطيع أن يقول "فول إلا تيصير بالمكيول"، بعد أن مازح الصحافيين في مجلس النواب قائلاً: "قربت تنحل" قبل أن يستدرك: "إنني أمزح ولكن الوضع أفضل من قبل".
وفي ظل تواتر المواقف الداعية إلى الإسراع بالتأليف، تشهد بكركي اليوم قمة روحية إسلامية مسيحية، علمت "المستقبل" أن بيانها الختامي سيتضمن دعوة الى "تشكيل حكومة في أقرب فرصة ممكنة"، ولن يتطرق إلى مسألتين خلافيتين في لبنان هما سلاح حزب الله والمحكمة الدولية".

جديد التأليف
بيدَ أن معطيات الأمس لم توحِ ببركة لما يجري من حركة، فلم يتصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا كما هو منتظر، بعد أن رمت الأكثرية الجديدة الكرة في ملعب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، انطلاقاً من أن موافقته على التسوية المقترحة لحل عقدة "الداخلية" تُسرع التأليف، في ضوء ما تردد عن موافقة النائب ميشال عون عليها، فيما خلاف ذلك، يعني بنظر الأكثرية الجديدة أن الرئيس سليمان هو المعرقل وفق ما كانت تعزف سابقاً، علماً أن عون أعلن بنفسه أول من أمس أنه "إذا حلت عقدة الداخلية قد تظهر عقد أخرى".

وما يعزز هذه الأجواء أن أحداً من المعنيين بتأليف الحكومة لم يحسم تحقيق أي خرق نوعي، خصوصاً أن أوساط قصر بعبدا نقلت لـ"المستقبل" عن الرئيس سليمان قوله "إن هناك تقدماً في أجواء الاتصالات، ولكن لا شيء محسوماً بعد"، علماً أن قصر بعبدا كان أمس قبلة المعنيين بالتأليف، لا سيما رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي الذي غادر القصر الجمهوري من دون الإدلاء بتصريح، مكتفياً بالقول: "الأمور "محلحلة" ولكن يلزمها المزيد من الجهود بعد".
وكان الرئيس بري سبق ميقاتي إلى المغادرة من قصر بعبدا من دون أن يدلي بتصريح، وتكتمت أوساط قصر بعبدا على مضمون الزيارتين، وقالت لـ"المستقبل": "إنهما تندرجان في إطار التشاور، بعد الأجواء الإيجابية التي سرت منذ ظهر الثلاثاء حول تشكيل الحكومة".

وأوضحت أوساط مواكبة لـ"المستقبل" أن "البحث يدور حول طبخة كاملة للأسماء والحقائب وليس على اقتراح أسماء لحقيبة الداخلية فقط"، مرجحة "أن تبصر الحكومة النور في نهاية الأسبوع إذا ما بقيت الأجواء على إيجابيتها بين الأفرقاء المعنيين".
الداخلية..
وكشفت أن "إسمين لضابطين متقاعدين في قوى الأمن الداخلي طرحا جدياً لوزارة الداخلية وهما قائد الدرك السابق اللواء انطوان شكور والضابط المتقاعد مروان شربل"، لكنها رجحت "التوافق على الثاني، أي شربل".
وقالت إن "الأمل بالتشكيل يوازي نسبة الخمسين في المئة إذ ان الأمور بخواتيمها والشيطان يكمن في التفاصيل". وشرحت خلفية تفاؤل الساعات الثماني والأربعين الماضية، موضحة أن "مجموعة معطيات تراكمت بدءاً بلقاء بري مع عون في ساحة النجمة، مروراً بتصريح جنبلاط الذي أنذر فيه الأكثرية الجديدة، وصولاً إلى زيارة الخليلين إلى دمشق حيث سمعا كلاماً من القيادة السورية مفاده أننا منهمكون بالوضع الداخلي، فلا تورطونا في حكومة لبنان، وما نأمله منكم أن تحفظوا كل الناس من رئيس الجمهورية إلى الرئيس المكلف وصولاً إلى النائب عون، ولا تكسروا أحداً".

وتزامنت هذه الأجواء الانتظارية مع ما قاله الرئيس بري للنواب في "لقاء الأربعاء" إنَّ "هناك إصراراً قوياً للإسراع في تشكيل الحكومة"، مؤكداً أنَّ "هناك عملاً ساعة بساعة للوصول إلى النتائج المرجوة في هذا الشأن"، وأنَّه لمس "تقدماً ملموساً ومحسوساً في عملية التأليف، لكنه لا يستطيع أن يقول "فول حتى يصير بالمكيول"، في حين أكد معاونه السياسي النائب علي حسن خليل "أن حركة اتصالات كبيرة حصلت في الساعات الماضية"، كاشفاً "أن ميقاتي زار أمس الأول الرئيس بري بعيداً عن الأضواء".

ومساءً، اجتمع ميقاتي مع كلٍّ من حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" الحاج حسين الخليل ووزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في دارته في فردان. وكان لافتاً أن محطة الـ"أو.تي.في" الناطقة باسم "التيار العوني" ذكرت أن "اللقاء سجل بعض الإيجابيات التي لا تزال غير كافية للحديث عن ولادة حكومية قريبة".
وأوضحت أوساط الرئيس المكلّف لـ"المستقبل"، أنه التقى أيضاً على انفراد وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي موفداً من رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، ووصفت الأجواء التي سادت بأنها "إيجابية، ولكن لا نتائج نهائية وحاسمة في كل المسائل المطروحة".

وأوضحت الأوساط أن ما يتردد عن تسريبات، سواء أكانت ايجابية، أو سلبية، "غير دقيق، وهذا يهدف إما الى استدراج الرئيس المكلّف الى مساجلات لن ينخرط بها لأنها تخلق أجواء بلبلة في البلد، وإما الى التشويش على تشكيل الحكومة".

جنبلاط إلى دمشق
ومن جهته، أكد رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، لموقع "الانتقاد"، توجهه الى سوريا اليوم لعقد اجتماعات مع القيادة السورية مشيراً الى "أنه من المحتمل جداً أن يناقش معها موضوع تشكيل الحكومة، لأنه في الوقت الذي تمر فيه سوريا بأزمة، لا بد من تحصين خاصرتها في لبنان بتأليف سريع للحكومة".

مواقف تحذيرية
واللافت أمس إبداء المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، بعد لقائه النائب عون، سروره لما سمعه من الأخير "لجهة أنّ هناك تقدماً في المسار الحكومي"، معرباً عن اعتقاده بأنه "بات من الضروري تشكيل حكومة في لبنان في أقرب وقت ممكن، لمواجهة التحديات التي من الممكن أن يواجهها لبنان"، ومشدّداً على أنّ "الحكومة الجديدة هي التي ستتصدى لكل التحديات الحالية، لا سيما ما يحصل من تغيير في العالم العربي".
موقف وليامز القلق من تمادي الفراغ الحكومي التقى مع موقف مماثل للسفير الفرنسي في لبنان دوني بييتون الذي قال بعد زيارة قام بها الى ميقاتي: "إن لبنان لا يزال من دون حكومة، في وقت تجري تقلبات عميقة في منطقة الشرق الأوسط"، داعياً المسؤولين إلى "التحرك ووضع مصلحة البلاد فوق المصالح الشخصية والحسابات الحزبية".
أما الأمانة العامة لقوى 14 آذار فرأت "أن ما يجري في المنطقة يلقي بثقله على مجريات تأليف الحكومة"، واعتبرت "أن فريق 8 آذار لن يتجرأ على تشكيل حكومة وفقاً لمعايير كان طرحها حزب الله، ومتمثلة بمواجهة المجتمع الدولي عبر تكريس السلاح غير الشرعي وإلغاء الاتفاقية مع المحكمة الدولية".

وفيما أشارت إلى أن "موقف النائب وليد جنبلاط الأخير ليس بمثابة مبادرة سياسية إنما إطلاق جرس إنذار الى فريق 8 آذار الذي ينتمي اليه"، رأت "أن كلام النائب محمد رعد عن أن ما يُطالب به عون هو حق دستوري، فضح القلق الذي يعيشه "حزب الله"، وهو بمثابة رشوة سياسية للتمسك بآخر حليف للحزب في لبنان، بعدما أصبح الحزب معزولاً على المستوى اللبناني بعد إطلاق فريق 14 آذار عنوان إسقاط السلاح"، معتبرة أن "عون يرى من تشكيل الحكومة الحصول على عدد من المقاعد الوزارية، وهو غير مبالٍ بما يجري من تعقيدات على مستوى المنطقة".
ومن جهتهم، ناشد مجلس المطارنة الموارنة المسؤولين رص الصفوف والإسراع في تشكيل حكومة تتحمل المسؤولية في معالجة شؤون المواطنين ودرء الخطر عن الوطن(..)"، مشيراً الى "أن اللبنانيين ما زالوا يعانون من الأوضاع المقلقة في بلدهم والبلدان المجاورة والتي تنعكس أحوالاً أمنية متعثرة وتعطيلاً شبه كامل للسلطة".
وأبدى المجلس تطلعه الى عقد القمة الروحية اليوم في بكركي، آملاً في "أن تعطي دفعاً للوحدة الوطنية وأن يسعى المشاركون فيها للعمل معاً لترسيخ العيش المشترك والالتزام بثقافة الحوار".

قمة بكركي
الى ذلك، كتب مندوب "المستقبل" في بكركي جليل الهاشم أنه تلتئم في العاشرة من صباح اليوم القمة الروحية الإسلامية ـ المسيحية التي كان مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني طلب من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أن يدعو اليها أثناء زيارته للتهنئة بانتخابه بطريركاً. ومن المرتقب أن تضم القمة 35 شخصية من رؤساء الطوائف أو من ينوب عنهم وأعضاء لجنة الحوار الإسلامي – المسيحي، وللمرة الأولى يشارك ممثل عن الطائفة العلوية.
وعلمت "المستقبل" أن البيان الختامي لن يتطرق الى مسألتين خلافيتين في لبنان هما سلاح "حزب الله" والمحكمة الدولية، اما أبرز بنوده فستكون الآتية: الحفاظ على العيش المشترك، تثبيت السلم الأهلي، الطلب الى المسؤولين اللبنانيين العمل على تفعيل المؤسسات الدستورية ونقل الحوار الى هذه المؤسسات، توجيه نداء الى شعوب وأنظمة الدول التي تعيش أزمات وأحداث للحفاظ على وحدتها الوطنية وعيشها المشترك ونسيجها الوطني. والدعوة الى تشكيل حكومة في أقرب فرصة ممكنة لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشعب اللبناني لم يعد يحتمل مزيداً من التأجيل والمماطلة في عملية التشكيل".
وتشكل القمة اليوم، المناسبة الثانية التي تحصل في ولاية البطريرك الراعي بعد اللقاء المسيحي الرباعي حيث يأمل الراعي من هذه القمة أن تؤثر إيجاباً في تنفيس الاحتقان في الشارع اللبناني على غرار ما حصل في الشارع المسيحي إثر اللقاء الرباعي. وتشير مصادر مطلعة لـ"المستقبل" الى أن "حركة البطريرك الراعي، التي تمثل في أحد جوانبها حاجة وطنية لبنانية، هي أيضاً تستجيب لمطلب فاتيكاني، يريد من المسيحيين أن يكونوا أداة الوصل بين الشعوب، على أن يشكل الصرح البطريركي محوراً في مبادرات الوصل واللقاء".. وتضيف ان "القمة هي الثانية بعد عدوان تموز 2006"، مشيرة الى أن "العمل جارٍ على جعل هذه اللقاءات شبه دورية وحين تدعو الحاجة على أن تعقد مداورة في مراكز رؤساء الطوائف".

السابق
النهار: أزمة المحروقات عادت إلى الواجهة وقد تتفاقم الأسبوع المقبل
التالي
اللواء: مروان شربل للداخلية… ومراسيم الحكومة تنتظر السلة الكاملة